Menu

تم استدراج النايف للسفارة بناءً على مؤامرة

بركات: لدينا أكثر من 600 رسالة ووثيقة من النايف تثبت ضغوطات السفارة

الشهيد عمر النايف وزوجته

صوفيا- خاص بوابة الهدف

شكّلت جريمة اغتيال القائد في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الأسير المحرر عمر النايف في بلغاريا في أواخر فبراير الماضي صدمة هزّت وجدان الشعب الفلسطيني ومناصريه، خصوصاً وأن هذه الجريمة جرت داخل السفارة الفلسطينية في صوفيا.

حول عملية الاغتيال وتداعياتها، في محاولة من "بوابة الهدف" للوصول إلى حقائق ومعلومات جديدة تم التواصل مع القيادي في الجبهة الشعبية خالد بركات، المتواجد الآن في العاصمة البلغارية صوفيا، والذي كان على اتصال مباشر ويومي مع الشهيد وعائلته، كما تابع عن كثب حملة التضامن الدولية التي انطلقت مع النايف بعد أسبوع واحد من لجوئه إلى السفارة الفلسطينية.

صرّح بركات خلال المقابلة عن امتلاكه وثائق ورسائل تؤكد تعرّض النايف لضغوطات من السفارة الفلسطينية والسفير المذبوح، وعن مماطلة السفير في الكثير من الأمور التي من شأنها المساعدة في حماية النايف وتهديده المباشر له بتسليمه للاحتلال، وتحدّث كذلك عن استدراج النايف عمداً للسفارة الفلسطينية، وتدخلات مباشرة من وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، عملت على إفشال بعض الجهود التي كانت تسعى لإيجاد حل، بالإضافة لتوضيح دور المخابرات الفلسطينية خلال فترة مكوث النايف في السفارة، ودعا بركات لإقالة المالكي واستدعاء السفير للتحقيق وتشكيل لجنة متخصصة ومستقلة.

وفيما يلي المقابلة التي أجرتها "بوابة الهدف" مع القيادي خالد بركات:

هل كان لجوء القائد عمر النايف للسفارة الفلسطينية بناءً على قرار شخصي منه أم أنه جاء بناءً على طلب السفارة أو أحد أعضائها؟

بدايةً يجب أن ننطلق في التعامل مع قضية الشهيد الرفيق عمر النايف من الحقائق المؤكدة وفقط، الحقائق التي كانت أصلاً بحوزتنا، وتلك التي حصلنا عليها لاحقاً، وما تكشّف قبل وبعد جريمة الاغتيال الجبانة.

نقول ذلك حتى لا نضلل أنفسنا والآخرين، سواء بقصد أو بدون قصد. وحتى لا نظلم أحد أيضاً، خاصة الشهيد القائد عمر النايف، فالتحقيقات لا تزال مستمرة، وكل يوم تظهر وتطفو إلى السطح حقائق وبراهين جديدة.  

ما لا يعرفه البعض، ربما، هو أن الرفيق الشهيد كان يكتب تفاصيل يومياته لنا، ويسجل ما يحدث معه وبشكل تفصيلي، وكنا باستمرار ندفعه أن يكتب ويسجل، ولدينا أكثر من 600 رسالة ووثيقة منه، لا تخلو واحدة منها تقريباً من قيمة كبيرة ومن دليل وشهادة.

واليوم في وسعنا أن نقول أنه تم استدراج الرفيق عمر النايف إلى السفارة بناءً على مؤامرة قذرة تم تنفيذها في الغرف المظلمة وشاركت فيها عدة أطراف على رأسها جهاز الموساد الصهيوني وعملائه، هذه الحقيقة، بالنسبة لنا، أصبحت مؤكدة ولا تقبل التأويل أو النقاش.

تعرض الشهيد عمر النايف لمضايقات وتهديدات بمغادرة السفارة، وحتى بتسليمه للاحتلال، ما هي تفاصيل هذه التهديدات؟

المضايقات والتهديدات التي تعرض لها الرفيق عمر النايف لم تتوقف يوماً واحداً، والتهديد بتسليمه للاحتلال "خلال 24 ساعة" جاء على لسان السفير أحمد المذبوح نفسه، ولدينا الدليل على ذلك.

نحن لا نتهم البشر جزافاً، هذا التهديد المباشر، بتسليمه للعدو، هو الذي دفع الجبهة الشعبية إلى اصدار بيانها بتاريخ 28 ديسمبر 2015 حذرت فيه السفير أحمد المذبوح من مغبة تسليمه للاحتلال ومن عواقب وتداعيات مثل هذا الإجراء.

ونحن لا نعرف سر التقاعس اليوم في تنفيذ طلب الجبهة الشعبية وعائلة الشهيد باستدعاء السفير والتحقيق معه. إن استمرار هذا التقاعس يضع كل أجهزة السلطة، من رأسها وحتى أخمص قدميها في دائرة الاشتباه والعار.

لقد تعاملت وزارة الخارجية الفلسطينية والسفارة الفلسطينية التابعة لها مع الرفيق الشهيد عمر النايف باعتباره رهينة بلا حقوق، ولم يحظَ بحقوق معتقل سياسي ولا حتى حقوق أسير فلسطيني مقاوم في سجون العدو الصهيوني.

تم منعه من ممارسة أبسط حقوقه الطبيعية والإنسانية والقانونية، كاللقاء مع المحامين مثلاً، ولقاء رفاقه، واستقبال وفداً تضامنياً دولياً، بل رفضوا إجراء فحص طبي عادي له.

وكان السفير وطاقمه يتعاملوا معه بمنطق السجان، وفق سلوك دنيء وتآمري، يعبر عن حالة الانحطاط التي وصلت إليه مؤسسات السلطة الفلسطينية، كما يؤكد لنا كيف يقف كل الواقع الفلسطيني على رأسه. فلو كانت الساحة الفلسطينية بخير لكان عمر النايف هو السفير الحقيقي للشعب الفلسطيني وليس أحمد المذبوح.

هذا الضغط المتواصل لم يطال الرفيق عمر وحسب، بل طال عائلته وزوجته، ومارس السفير المذبوح أبشع أنواع الإرهاب النفسي بحق هذه العائلة المناضلة.

واليوم يكذب الوزير والسفير على لجنة التحقيق، ويتكئ المهزوم على القاتل، لكن كلما أكثروا في الأحاديث والتبريرات الزائفة والأكاذيب، كلما تورطوا أكثر، وسقطوا في الوحل والعار أكثر وأكثر.

وزارة الخارجية الفلسطينية بدورها تضامنت مع سفيرها، وهي لا تزال تفعل ذلك حتى هذه اللحظة، لتغطي عجزها وتواطؤها. الوزارة لم تصدر إلا بياناً واحداً هزيلاً ومضللاً في هذا الشأن، دافعت فيه عن السفير، وأعلنت عن تشكيل "خلية أزمة" وهذه "الخلية" لم تكن سوى كذبة وفرية للهروب من ضغط الجبهة والعائلة.

الوزير رياض المالكي قام بدور تآمري وتخريبي في هذا الإطار وتدخل مراراً - وشخصياً - وأفشل العديد من الجهود قبل وبعد استشهاد الرفيق عمر.

على الرغم من هذه التهديدات، لماذا لم تقوموا باتخاذ كافة التدابير السريعة لضمان سلامة الشهيد وأمنه ونقله خارج السفارة مثلاً، واكتفيتم فقط ببيان حذرتهم فيه السفير من مغبة تسليمه للعدو؟!

هذا السؤال مشروع. وطالما استشهد الرفيق عمر، فنحن إذن مقصرون. أي كلام آخر سوف يصبح بلا قيمة، ويدخل في إطار التبرير والادعاء الزائف، وسيرفضه رفاق الشهيد وعائلته قبل الآخرين.

من حق شعبنا أن يسأل وأن يحاسب الجميع، في نهاية الأمر هو وليّ الدم، والشهيد الرفيق عمر النايف هو ابن لكل للشعب الفلسطيني والأمة العربية قبل أن يكون كادراً متقدماً وقيادياً في صفوف الجبهة الشعبية.

لقد قامت قيادة الجبهة بجهود كبيرة، ولم تكتفِ ببيان كما جاء في سؤالكم، وقناعتي الراسخة أن الجبهة سوف ترد، بعنف وقوة، وهي في هذا المقام لا تحتاج - ولا تنتظر-  شهادة من أحد.

كانت قناعة الشهيد، وقناعتنا أيضاً، أنه رغم كل شيء، ورغم كل الضغط سيظل في مأمن داخل السفارة الفلسطينية، وبالإمكان إيجاد حلول ومخارج سياسية وقانونية. كما أن حملة التضامن الدولية كانت تتعاظم وبدأت تؤثر سياسياً وجماهيرياً، لكن العدو كان أسرع وحالة التواطؤ و"الهمالة" التي وصلت إليها سلطة أوسلو تجاوزت كل الحدود والخطوط، يبدو أن البعض قرر أن يسقط في وحل العار حتى القاع الأخير.

ولنتذكر دائماً أن معظم عمليات الاغتيال التي أقدم عليها الكيان الصهيوني منذ تأسيسه وحتى اليوم كانت تجري في معظمها بتواطؤ من الداخل، بأدوات رخيصة، فالقلعة تؤخذ من الداخل، كما يقال، وهذه الحقيقة يجب أن تدفعنا إلى إنزال العقوبة الرادعة ضد هذه القلة الفاسدة، وهذا طبعاً، لو أردنا حماية جبهتنا الداخلية واستخلاص العبر والدروس.

كشفت شبكة "صامدون" وهي أحد الأطراف التي تابعت منذ البداية قضية الشهيد عمر بأن السفير الفلسطيني أحمد المذبوح قام بطرد المحامين الذي كلفتهم الشبكة بالمتابعة القانونية لموضوع عمر، هل لديك معلومات تفصيلية عن هذا الموضوع؟

الشهيد لم يكن يثق إلا بشبكة "صامدون" التي قادت حملة التضامن معه، سواء على المستوى القانوني أو في إطار الحملة لشعبية والدولية، وكان الشهيد على تواصل يومي معه.

ومنذ الأسبوع الأول للجوء النايف إلى السفارة أوفدت "صامدون" المحامية "شارلوت كيتس" إلى صوفيا، لكن السفير رفض استقبالها ومنعها من دخول السفارة للقاء الرفيق عمر، بل هدد وتوعد.

ثم أوفدوا المحامي المعروف "يان فريمون" من بروكسل وهو محام على درجة عالية من المهنية ويشغل موقع الأمين العام لاتحاد المحامين التقدميين في أوروبا، رفض السفير استقباله في البدء، لكنه اضطر لاحقاً إلى ذلك تحت الضغط وبالحيلة.

وعرضت "صامدون" مراراً أن توفد طبيباً لإجراء فحوصات عادية للرفيق، ولم يرد عليهم السفير، وتجاهل هذا الطلب أيضاً.

هناك الكثير مما يمكن قوله في هذا الإطار، أن سلوك احمد المذبوح منذ اليوم الأول هو الذي وضعه في دائرة الاشتباه، وهذه الدائرة سوف لن يخرج منها. وستظل روح الشهيد عمر النايف تطارده حتى قبره.

ما هو دور المخابرات الفلسطينية في ذلك؟ وهل هي أرسلت بالفعل وفداً أمنياً لصوفيا لمتابعة موضوع النايف؟

هذا "الوفد الأمني" لم يكن سوى اثنين من جهاز المخابرات الفلسطينية جاءا لممارسة الضغط على الرفيق عمر، في اليوم الأول قاما بدور "الشرطي السيء" ثم تغيرت اللهجة وقاما بدور "الشرطي الجيد" أطلقا الوعود بالمساعدة والحماية ثم غادرا، أو هكذا قيل لنا على الأقل، هذه مسالة أخرى تحتاج إلى بحث في لجنة تحقيق، ويجب إخضاع عنصري جهاز المخابرات ومديرهم ماجد فرج للتحقيق والمساءلة.

ما هو هذا "الوفد الأمني" الذي يحضر إلى صوفيا ولا يرى وجود كاميرا واحدة في السفارة؟ يعرف خلو المبنى من حراسة، ولو شرطي واحد على الباب، ثم يصمت ولا يقول أي شيء؟ إما أنه مقصر أو فاشل أو متواطئ. وظني أن هؤلاء على الأغلب عناصر فاشلة، تفتقر إلى الحد الأدنى من الوطنية والمهنية والمسؤولية.

ظل السفير يماطل في توفير الكاميرات والحراسة بحجة "عدم وجود ميزانية لدى السفارة"، نحن نسأل اليوم كيف حصل على هذه الميزانية المطلوبة وقام بتركيب كاميرات ووضع حراسات خاصة لسفارته بعد استشهاد الرفيق عمر؟!

ما هو المطلوب الآن من منظمة التحرير؟

المطلوب، فوراً، إقالة الوزير رياض المالكي واستدعاء السفير أحمد المذبوح للتحقيق معه وتشكيل لجنة متخصصة ومهنية ومستقلة. بعبارة أدق: رفع الغطاء عن الذين وضعوا أنفسهم في دائرة العار والاشتباه.

اللجنة التي شكّلتها السلطة برئاسة تيسير جرادات وكيل وزارة الخارجية فشلت، فلا أحد يحقق مع نفسه.

من يدافع عن هؤلاء سوف يضع نفسه معهم في الدائرة ذاتها، وهناك الكثير مما يمكن قوله، ومن حق شعبنا أن يعرف الحقيقة، كل الحقيقة.