Menu

الوحدة أو التسوية

محمود الراس

الوحدة

تتواتر الأنباء التي تؤكد من جديد على الدور الوظيفي الذي أنشأت لأجله السلطة، والمرتكز أولاً وأخيراً لمواصلة اضطهاد الشعب الفلسطيني واستنزاف دمه ونشر الخنوع والعبودية، وروح الاستسلام للعدو ومليشيات مستوطنيه، والتي تأتي في إطار إعادة الهندسة الاجتماعية وبشكل ممنهج غبر سياسات هذه السلطة الممولة دولياً وعربياً، باعتبارها أحد أدوات التدخل الاستعماري في حالتنا الفلسطينية.

ولعل ما يتواتر من أنباء وتصريحات متتالية حول اللقاءات الأمنية التي لم تنقطع يوماً، والهادفة للنيل من إرادة وعزم وإصرار الشعب الفلسطيني وشبابه الثائر في ربوع الوطن، والتي لم تنتهِ بهذا الحصاد المقيت الذي أعلنه الوقائي، وإجهاضه لأكثر من ثمانٍ وخمسين عملية كانت بطريقها للنيل من الاحتلال جنوداً ومستوطنين، ولقاءاته التي تجاوزت الثمانين لقاء مع جهاز "الشاباك" الصهيوني، وما لحقته من تصريحات لسيد السلطة وضابط إيقاعها الأول السيد محمود عباس للقناة الثانية الصهيونية، حول وصول أمنه لداخل المدارس بحجة تجريد الأطفال من السكاكين إلا تحريضاً مباشراً للعدو وقطعان مستوطنيه على جهاز التعليم ومؤسساته المختلفة من كدارس وجامعات، وتبريراً ضمنياً لما يقدم عليه مجرمو الحرب الصهاينة من جرائم يومية بحق أطفالنا وشبابنا طلبة وتلاميذ قطاع التعليم، واستكمالاً لما بدأته هذه السلطة من سياسة إجهاز وتفريغ للقطاع التعليمي ومناهجه من مضمونه الوطني، والتي اشتدت بعد أن استطاع المعلمين انتزاع بعض من حقوقهم المهدورة على أبواب الوزارات في مشوار نضالي طويل، تعرّضوا خلاله للاعتقال والترهيب والقذف، ليشكّلوا نموذجاً نضالياً، بات يهدّد سياسات هذه السلطة وأدواتها في نشر روح الخنوع والعبودية في مجال التعليم.

كما تواصل هذه السلطة سياساتها المالية والاقتصادية القديمة، بل وتشددها في إطار التبعية للاحتلال وأعوانه وحلفائه بالمنطقة والعالم، والهادفة لتركيع المجتمع وتجريده مقوّمات صموده، وإمعاناً بتمزيق الجبهة الداخلية لشعبنا، وما الخطابات والشعارات التي يتشدّق بها قادتها حول الوحدة الوطنية والعمل على استعادتها، سوى نفاق سياسي، لا تملك إرادة العمل على تحقيقها ولا تسندها أي أعمال حقيقية لاستعادتها.

ان المحك العملي اليوم أمام فصائل العمل الوطني والإسلامي ولكل فصيل أو جماعة، والاختبار الحقيقي حول إخلاصهم للوطن ولانتفاضة شبابه ضد هذا العدو، هو فيما إذا كان يقبل هذا الفصيل أو ذاك في تطبيق مجموعة من التدابير والإجراءات التي من الممكن لها أن تشكّل مدخلاً حقيقياً لبناء جبهة وطنية عريضة تقودها وتوجهها قيادة وطنية موحّدة تكون قادرة على توجيه الشباب الفلسطيني الثائر وتقلل من خسائره اليومية، وتوفّر له الحماية السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل مجتمعه المحلي، والتي بدونها ستبقى الوحدة الوطنية ثمرة بعيدة المنال، وإن تحققت بدون ذلك ستكون وحدة شكلية فاقدة المحتوى والمضمون والهدف، وسيبقى كل حديث عن الوحدة واستعادتها كالجري وراء السراب، طالما بقي الحديث محصوراً حول مصير الوظيفة العمومية والصراع على الوظيفة السياسية "كبار الموظفين"، متجاهلين الأسباب الحقيقية لفقدان هذه الوحدة التي سلبت منذ مؤتمر مدريد وصولاً لاتفاقات أوسلو وملحقاتها، والتي لن تعود إلا بـ

  1. التعبئة العامة لشعبنا وقواه الحيّة في الوطن والشتات على أساس الشراكة في انتفاضة الشباب الفلسطيني وتسليم القيادة لقيادة منتخبة وفق مبدأ التمثيل النسبي الكامل وفق رؤية وطنية مقاومة.
  2. تطهير مؤسسات الشعب الفلسطيني وفي المقدمة منها أجهزة الأمن من رجالات التنسيق الأمني وممن يتستّر بها من العناصر الموالية للاحتلال وجماعات المصالح والتطبيع المرتبطين اقتصادياً وسياسياً بالكيان الصهيوني ومؤسساته.
  3. توحيد الإرادة الكفاحية وإصلاح العمل السياسي في فصائل العمل الوطني والإسلامي من تحقيق الوحدة بين هذه القوى والشباب الثائر بالميدان واستعادة ثقة الجماهير في هذه القوى والأحزاب.
  4. رفع الحظر عن حركة الجماهير الفلسطينية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومنح الشعب الفلسطيني حرية التعبير عن وطنيته بعيداً عن الوصايا والترهيب أو شراء الذمم والموالاة.
  5.  انتهاج سياسة خارجية مقاومة للكيان الصهيوني ومطاردته في كافة المحافل الدولية رسمية كانت أم شعبية وحرمانه من الحصول على أي امتيازات أو تسهيلات.
  6. الإعلان عن برنامج تحسين معيشة الشعب الفلسطيني وتعزيز مقومات صموده في الوطن المحتل كما مخيمات الشتات والبدء فوراً بإلغاء كل الإجراءات المستنزفة للمواطن وفي مقدمتها الضرائب الفاحشة والجبايات المتنوعة، وتحسين شروط معيشة الناس نقطة جوهرية وأساسية للقطع مع اقتصاديات التسوية والبدء في بناء اقتصاديات المقاومة.
  7. وضع التعليم في خدمة عملية التحرير والبناء، وهذا يتطلّب إجراء إصلاحات جذرية على سياسات ونظم ومناهج التعليم القائمة والحد من تغوّل السلطة ورأس المال على مؤسساته المختلفة.
  8. انتهاج سياسة مالية واقتصادية من أجل مقاومة العدو الصهيوني، تقوم على مبدأ مقاطعة المنتوجات الصهيونية وترويج تشجيع ودعم المنتج الوطني، فالفقر والحاجة والأزمات الحياتية ما كانت إلا نتاج طبيعي لإجراءات وسياسات اقتصاديات التسوية فبدون برنامج وطني جامع لشعبنا بالوطن والشتات وبدون قيادة وطنية موحدة تعمل على تحقيق هذا البرنامج ستبقى الوحدة الوطنية هدف بعيد المنال.