Menu

ما علاقتهم بالعدالة؟

قلم

د. وحيد عبدالمجيد

إن لم تستح فافعل ما شئت”. ينطبق هذا القول المأثور على كثير من العرب في المرحلة الراهنة التي تعد الأكثر انحطاطاً ودموية في تاريخهم الحديث. ينطبق على حكومات، كما على أحزاب وحركات سياسية واجتماعية تعبر عن مختلف الاتجاهات. وهو ينطبق على أقوالها، كما على أفعالها في آن معاً. ولكنه يبدو أكثر انطباقا على نوعين من الأحزاب والحركات والجماعات، أحدهما ديني سياسي وسلفي، والثاني كان يسارياً اشتراكيا فيما مضى, ويزعم أنه مازال كذلك. وأول ما يجمع هذين الاتجاهين (الدين واليساري السابق أو الزائف) أن كلاً منهما ينتحل صفة ليس لأيهما منها نصيب. جعل المنتمون إلى الاتجاه الأول من الدين سلعة يتاجر فيها أتباعه ويحاولون بيعها إلى بسطاء يسهل خداعهم. وتمسك من كانوا يساريين في زمن مضى بصفة فقدوها، ووصف بعضهم نفسه بها دون أن تكون له صلة بأي من مقوماتها.

ولكن الفرق بين الاتجاهين أن أحدهما (الديني) انكشف في أول اختبار حقيقي له بعد ثورات الربيع العربي التي كان لممارساته أثر معتبر في إحباطها وتقديم الذرائع لخصومها عندما انقضوا عليها. أما الثاني (اليساري سابقاً) فلم ينكشف بشكل كامل بعد لأن حجمه لم يصل في أي وقت إلى المستوى الذى يتيح وضعه أمام اختبار حاسم في أي من البلاد العربية التي توجد عناوين أو لافتات له فيها. ولذلك تواصل أحزاب وحركات يسارية، وسياسيون ومثقفون قريبون منها، رفع شعارات يسارية زائفة ضمن كلام كثير يدل على غياب الحياء بالمعنى المقصود في القول المأثور السابق ذكره.

ومن أكثر هذه الشعارات شيوعاً “العدالة الاجتماعية” والدفاع عن فقراء لا يعرف من يرفعونها عن حياتهم وقضاياهم شيئاً، لأنهم انشغلوا منذ ربع قرن على الأقل بنسج علاقات تبعية بأشكال مختلفة مع نظم حكم مختلفة تتبع سياسات تؤدى إلى توسع نطاق الفقر، وزيادة حدته، وتحويل شرائح من الطبقة الوسطى إلى فقراء.

ولا تعدم هذه الأحزاب والحركات اليسارية سابقاً الذرائع للدفاع عن الاستبداد والظلم من أجل تبرير وضع نفسها فى خدمة هذه السياسات، عبر مقارنة هزلية بين السيئ والأسوأ اعتماداً على تلفيفات نظرية تظن أـنها يمكن أن تخفى الانتهازية السياسية أو تغطيها بكلام منمق ظاهره رحمة وباطنه عذاب