Menu

قراءة في الهجوم السيبراني على لبنان

حاتم استانبولي

من الواضح أن الهجوم السيبراني الذي طال أجهزة البيجر واللاسلكية لم يكن إنجازا امنيا إسرائيليا خالصا بل هو في الجوهر كان هجوما متعدد الأطراف ومركب التنفيذ استخدمت فيه تقنيات عالية المستوى عبر فضاء إلكتروني وسمح بالدخول عبر أقمار تدير شبكات اتصال متعددة المستويات.

إذا كان كما ورد من معلومات على القنوات الإسرائيلية التي شرحت كيف أنجزت العملية عبر زرع عبوات صغيرة من مادة شديدة الانفجار تُفَعَل عبر رسالة نصية ترسل إلى الجهاز المعني ليتم تفجيرها.

الوقائع الأولية تشير إلى أن الشحنة تم إرسالها من شركة تايوانية عبر شركة وهمية في بودابست من الواضح أن هذه الشركة استخدمت لاستلام الشحنة وتقوم تفخيخها بعد أن ورد تقرير يؤكد أن هذه الشركة ليس لديها مصنعا و أي بنية تحتية تؤهلها من أجل تصنيع هذه الأجهزة هذا يسقط الادعاءات بعدم التورط من قبل الشركة التايوانية الأم التي نفت تصديرها لهذه الأجهزة إلى الشركة في بودابست.

قيام الشركة الوهمية التي أنشأها جهاز الموساد في بودابست لتقوم بهذه المهمة اعد المكان وأمن الشحنات التفجيرية.

تأمين الشحنات التفجيرية في بلد ثالث يخضع لاحتمالات عدة:

الأول: إحضارها من خلال الغطاء الدبلوماسي يعني استخدام الحقيبة الدبلوماسية وهذا يعد خرقا للقانون الدولي واتفاقية جنيف التي تحدد دور وصلاحيات وحقوق الهيئات الدبلوماسية وفي كل الأحوال لا يمكن أن لا يثير هذا العمل شكوك الأجهزة الامنية المحلية والدولية. 

ثانيا: إحضار هذه الشحنات التفجيرية بالتنسيق مع الجهات الامنية المجرية خاصة ان التعاون المجري الإسرائيلي السياسي والأمني عميق وواسع كما هو مع ألمانيا التي كانت المكان الذي صدرت اجهزة اللاسلكي.

أما التنفيذ يحتاج إلى اختراق واسع عبر شبكة الانترنت اللبنانية هذا لا يمكن أن يتم دون معرفة الاجهزة الامنية الامريكية التي تسيطر وتغطي وتراقب الكيبل الرئيسي الذي يزود المنطقة.

 اما من حيث التوقيت وبوجود كل من بلينكن وهوكستين في المنطقة يدلل على ان التنفيذ هو سلاح ضغط سياسي يسلم لكل من بلينكن وهوكستين للاستثمار السياسي في الحوار مع الأطراف العربية الرسمية للضغط على المقاومة لتسريع إنجاز اتفاق سياسي بالشروط الأمريكية الإسرائيلية والتسريع بانجاز اتفاق على الجبهة الشمالية من أجل تأمين عودة المستوطنين الصهاينة.

عسكريا: ارادت اسرائيل ان تعيد الاعتبار لقوة الردع الإسرائيلي لاعتبارات داخلية وخارجية ومبررا لنقل المعركة من الجنوب إلى الشمال إذا ما لم تنجح الجهود الدبلوماسية في عمل اختراق سياسي.

على صعيد جبهة المقاومة :

يجب إدراك حقيقة تاريخية وسياسية واقتصادية وأمنية ان إسرائيل هي فكرة رأسمالية تلاقت فيها مصالح آلرأسمالية في مرحلتها الإمبريالية مع رأس المال الصهيوني الذي أخذ على عاتقه تنفيذ الأهداف الإمبريالية في المنطقة.

هذه الحقيقة توضح مدى اتساع الدعم الأمريكي والغربي السياسي والاقتصادي والعسكري والمالي والاقتصادي لإسرائيل.

هذه الحقيقة توضح أن جبهة أعداء المقاومة تمتد من واشنطن إلى عواصم أوروبا وتتوزع بين اتباع واشنطن وأدواتها الداخلية في المنطقة ان كانت نظم أو قِوَى سياسية إرهابية كداعش وأخواتها وبناتها الممتدة من المحيط إلى الخليج.

هذه الحقيقة يجب أن تعيد المقاومة إعادة بناء القوة الذاتية بطريقة تأخذ بعين الاعتبار هذه الحقيقة الراسخة أن حرب المقاومة مع جبهة عريضة متعددة الأدوار والأشكال.

وفي هذا الصدد يجب أن تدرك فصائل المقاومة أن الهدف الجوهري الأمريكي هو تفتيت الترابط بين قِوَى المقاومة التي ناظم فكرتها هي القضية الفلسطينية وفي هذا الصدد تسعى لفصل الملفات وطرح بعض الأفكار لإيهام بعض الأطراف أن هنالك فرق بين ساكن البيت الأبيض بين جمهوري أو ديمقراطي في حين كل الوقائع والحقائق تؤكدا ن لا فرق جوهري بين أهداف الحزبين والاختلاف يكمن في الوسائل وفي هذا الصدد على إيران تحديد عدم الخضوع للأوهام التي تطلق من ديمقراطيي واشنطن حول تخفيف الضغوط السياسية والاقتصادية بل يجبا دراك ان الحزب الديمقراطي هو أكثر تضامنا وحرصا على إسرائيل وهو يسعى دائما من اجل حمايتها من نفسها وعدم كشفها لنفسها على أنها أكثر فكرة رجعية عدوانية إرهابية على مر التاريخ الإنساني لِيَستطيع تسويق دعمها وتسويقها على أنها ديمقراطية إنسانية.

الغرب الآن يحرك أطراف في إيران على أن سياستهم يجب أن تكون أولويتها إيرانية بهدف تفتيت النسيج الاجتماعي الإيراني وزرع شكوك حول دورها ومصداقيتها بين شعوب المنطقة.

يجب أن تدرك إيران أنها لن تكون مقبولة في النظام الرأسمالي الإمبريالي ما دامت تحمل فكرة المقاومة للظلم الرأسمالي الغربي.

ايران يجب ان تدرك ان تناقضها مع النظام الرأسمالي الغربي هو تناقض رئيسي لا يمكن أن يحل إلا عبر مساومات انية متراكمة تخضع لميزان القوى في كل لحظة آخذة بعين الاعتبار مصلحة الحفاظ على قوى المقاومة واستمراريتها.

أما من ناحية قوى المقاومة عليها ان تدركا نها تواجه عدوا شرسا وواعيا ويوظف له كل إمكانات الدول الرأسمالية الغربية السياسية والأمنية والمالية والعسكرية. والمجابهة معه متعددة الاتجاهات و الأشكال والمستويات فهي مواجهة تستوجب حسا امنيا وسياسيا وعسكريا عالياً دقيقاً يأخذ بعين الاعتبار دائما أن إمكانات كل العالم الغربي موظفة لحمايته ككيان و فكرة رأسمالية صهيونية لكونه مصلحة وضرورة إمبريالية.