Menu

«الكيان» واحتمال الانتخابات المبكرة

د.فايز رشيد

إعلان وزير الدفاع الصهيوني السابق موشيه يعلون، السبت 4 مارس/ آذار الحالي، خلال ندوة ثقافية عقدت في «تل أبيب»، عن تشكيل حزب جديد بهدف التنافس على رئاسة الوزراء، يعني مزيداً من الانقسامات في حزب الليكود الحاكم، وإضعافاً لنتنياهو المثقل بالاتهامات التي يحقق معه بشأنها من قبل القضاء. يعلون يرى ضرورة «عودته إلى الحلبة السياسية»، بعد 10 أشهر من اعتزال منصبه، لمواجهة ما يعتبره قضايا ملحة تواجه الدولة، أبرزها الفساد. إذ قال الوزير السابق «إن مظاهر التحريض والكراهية والخطاب العنيف، وملاحقة الأقليات ونزع الشرعية عن الإعلام هي بمثابة الخنجر في قلب «إسرائيل»». كما أعرب يعلون عن أسفه لما وصفه بتحويل تقرير مراقب الدولة حول عملية «الجرف الصامد» في قطاع غزة، إلى بوق في خدمة المتآمرين عليه شخصيا. وكان المراقب العام ل «الكيان» يوسف شابيرا، قد انتقد في تقريره الذي أصدره مؤخراً حول العدوان على القطاع عام 2014، وبألفاظ شديدة اللهجة تقصير المستويين السياسي والعسكري.

من جانب ثان، فإن الائتلاف الحكومي في «الكيان» يبدو مستقراً في ظاهره، إلا أن الأحزاب ضمن الائتلاف تحمل خناجرها لتطعن بها نتنياهو وبعضها البعض، من أجل تحسين أثمان شروط دخولها في الحكومة، فهي تدرك من جهة أن رئيس الوزراء آخذ في خسارة أوراق قوته، واحدة بعد الأخرى، إن في تزايد الاتهامات الموجهة إليه أو في احتمال انشقاق جماعات في قيادة الليكود (يعلون مثلا) عن الحزب، الأمر الذي سيعطي وزناً إضافياً لها، في ظل توقعات بزيادة عدد مقاعدها في ال «كنيست»، إذا ما أجريت انتخابات تشريعية مبكرة. 

إن استطلاعات الرأي تشير إلى أن حزب «البيت اليهودي» بقيادة الوزير نفتالي سيضاعف عدد مقاعده في ال «كنيست» في ظل ارتفاع شعبيته في الأشهر الأخيرة، على خلفية فرضه على الحكومة قانون «التسوية»، أي شرعنة سرقة الأراضي الفلسطينية الخاصة، المقامة عليها آلاف منازل المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة، أو ما جاء في تقرير «مراقب الدولة» في شأن الحرب الأخيرة على غزة، عن الإشادة بدوره في جلسات الحكومة الأمنية المصغرة.

إعلان يعلون عن تشكيل الحزب الجديد يعني ضمناً تحميل نتنياهو كل المسؤولية عن إخفافات العدوان، وهو يعتبر محاولة ذكية من الوزير المستقيل للتنصل من مسؤولية التقصير، ولو كان متفقاً مع التقرير. 

يعلون كان قد أعلن، أنه قرر الاستقالة من منصب وزير الحرب قبل أقل من عام «لأن مصلحة الدولة وأولادنا وأحفادنا تعنيني... وعليه قررت الاستقالة والبحث في إقامة حزب جديد، قوة سياسية جديدة للمنافسة على القيادة الوطنية». وسارعت أوساطه إلى التوضيح، بأنه في حال تم تبكير الانتخابات، فإن يعلون لا يعتزم خوضها بمفرده، إنما من خلال الانضمام إلى قوة مركزية في الساحة الحزبية في وسعها طرح بديل جدي ل «الليكود» ونتنياهو.

من ناحية أخرى، فإن معسكر المعارضة، ليس بأحسن حال من الائتلاف، ففي حزب العمل بزعامة إسحق هرتسوغ، تدور معارك كلامية طاحنة بين أقطابه، في صراعهم على منصب زعيم الحزب. ورغم فشل الحزب في تحقيق أية نجاحات في الدورات الانتخابية التشريعية الأخيرة، إلا أن العديد من المحسوبين على قيادته، أعلنوا عن القرار بالمنافسة على زعامة الحزب. من هؤلاء مثلا ايتان كابِل، الذي ينتقص من كفاءة هرتسوغ وشخصيته الضعيفة. والذي لم يتردد في وصف حزبه، بأنه تحت زعامة هرتسوغ، «ليس أكثر من حاوية قمامة»، وأنه في حاجة إلى زعيم قوي مثله لانتشاله من الغرق.

تشتعل معارك ما يسمى ب «المعارضة»، رغم أن استطلاعات الرأي الأخيرة في الكيان تشي، بأن تحالف معارضة المعسكر الصهيوني (العمل وحزب الحركة بقيادة تسيبي ليفني) يتراجع تمثيله المؤلف حالياً من 24 نائباً حالياً، إلى رقم من منزلة واحدة (من 1 - 9). ورأى معلق الشؤون الحزبية الصهيونية حنان كريستال، أن الحزب يفتقر الآن إلى شخصيات كبيرة يمكنها إقناع الجمهور. جملة القول، أن التصدعات الحزبية في الكيان الصهيوني تجري على قدم وساق، الأمر الذي يحتم على كل أحزابه أو معظمها الموافقة على إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.