Menu

لماذا لم ينفذ قرار الحد الأدنى للأجور حتى اليوم ؟

الحد الادنى للاجور

بقلم : المستشار القانوني بوزارة العمل / حلمي حافظ برزق

لقد أصدر مجلس الوزراء الفلسطيني بتاريخ 10 / 9 / 2012 قرار بتحديد الحد الأدنى للأجور لجميع العاملين في القطاع الخاص لجميع المهن في كل محافظات الوطن والذي حدد بمبلغ 1450 شيكل شهريا ، وجاء في القرار على أن يتم العمل والالتزام به من قبل أصحاب العمل اعتبارا من 1 / 1 / 3013 على جميع العاملين .

ولكن وبعد مرور أكثر من 5 سنوات  لم ينفذ هذا القرار على ارض الواقع ولم يلتزم به أصحاب العمل ، ولم توقع أية عقوبة بحق أصحاب العمل المخالفين لهذا القرار .

وسبب ذلك برجع حسب رأيي إلي أن القرار صدر شاملا وعاما ، شاملا لجميع المهن وعاما لجميع المحافظات فشمولية القرار لجميع المهن في فلسطين  وعموميته على جميع محافظات الوطن ، هذا وقف حاجزا أمام تنفيذه على ارض الواقع .

لان عيوب شمولية هذا القرار لجميع المهن قد ضاعف هذا القرار الأجور الحالية للعديد من العاملين للضعف أو ثلاثة أضعاف أحيانا  .

وهذا فيه نوع من الإجحاف للعديد من المنشآت التي لا يتجاوز اجر العامل الشهري فيها عن 500 شيكل ، فتحميل المنشأة بين ليلة وضحاها مبالغ كبيرة كفرق للأجور فيه إرهاق مالي لها وقد يؤدي ذلك إما إلي إفلاسها أو إغلاقها .

-إن الحد الأدنى للأجور هو الخط الفاصل بين حق العمال بالعيش في حياة كريمة وبين ضرورات النمو الاقتصادي وتطوير منشآت القطاع الخاص .

كما أن عيوب عمومية هذا القرار فيه إجحاف للعديد من العاملين في بعض المحافظات ( في نفس المهنة ) التي فيها مستوي المعيشة مرتفع بل ومرتفع جدا عن المحافظات الأخرى .

سواء كان بين محافظات الشمال وبعضها البعض أو بين محافظات الجنوب وبعضها البعض أو بصفة عامة بين محافظات الشمال ومحافظات الجنوب

-إن صدور قرار بالحد الأدنى للأجور بهذه العمومية لا يحقق الهدف من وراء إصداره .

كما إن صدور القرار بهذه الكيفية من حيث الشمولية والعمومية يكون قد افقد الدولة إحدى الأدوات المهمة في توجيه الاقتصاد فيها .

فبعض المهن يأنف العمال من العمل فيها إما لخطورتها أو صعوبتا أو بسبب نظرة المجتمع الدونية لها ، حينئذ تتدخل الدولة و تقوم برفع الحد الأدنى لأجور هذه المهن والتي بالضرورة سيكون مختلفا عن الحد الأدنى لأجور المهن الأخرى من اجل دفع العمال وترغيبهم للعمل بهذه المهنة .

أو حين لا يرغب العمال بالعمل في بعض المحافظات أو المناطق البعيدة عن العمران تتدخل هنا الدولة وتقوم برفع الحد الأدنى لأجور العاملين في هذه المناطق خلافا للحد الأدنى للأجور في باقي المحافظات من أجل دفع العمال وتشجيعهم  للعمل في هذه المحافظات أو المناطق البعيدة .

ورغم تسليمنا بأن قرار الحد الأدنى من الأجور هذا لم يصل بعد إلي طموح العمال أو ممثليهم لعدم وصوله على الأقل  لحد الفقر والبالغ 1750 شيكل حسب الصادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني .

إلا إننا رغم ذلك نرى أن هذا القرار قد رفع الأجور بنسبة عالية لبعض المهن في بعض المحافظات لدرجة قد لا تتحملها المنشأة ، الأمر الذي يستلزم إعادة النظر فيه .

وارى انه يجب أن ينظر عند تحديد الحد الأدنى للأجور لكل مهنه على حدا( لكل مهنة حدها الأدنى من الأجر )  ، ولكل محافظة من محافظات الوطن على حدا حسب مستوي المعيشة فيها والتي قد يختلف من  محافظة إلي أخرى .

وليس بالضرورة صدور قرار بالحد الأدنى للأجور شاملا لجميع المهن في آن واحد بل يمكن رفع الحد الأدنى لأجور العاملين في بعض المهن والتي يتبين إنها منخفضة جدا ولا تلبي احتياجات العامل وتحديد حد أدني لها وهكذا لباقي المهن ، وعليه يمكن أن يكون قرار الحد الأدنى للأجور متدرجا تدرج نوعي وقيمي

فليس هناك ما يعيب من الناحية القانونية من أن يكون لكل مهنة أو مجموعة من المهن حدها الأدنى من الأجر الذي يختلف عن الحد الأدنى لأجور المهن الأخرى بل أكثر من ذلك أن يكون الحد الأدنى للأجور لمهنة ما يختلف عن الحد الأدنى للأجور لنفس المهنة في محافظة أخري ما دامت ظروف ومتطلبات المعيشة في هذه المحافظة تستلزم ذلك , وحتى يحقق القرار الهدف من إصداره .

وليس هناك مساسا بمفهوم السيادة كما يعتقد البعض حين يختلف الحد الأدنى للأجور في محافظات الشمال عنه في محافظات الجنوب مثلا ، ولكن يبدوا أن حساسية مفهومنا للسيادة قد دفع نحو إصدار قرار موحد للأجور لدعم مفهوم السيادة على حساب مصلحة العمال .

-إن إصدار نظام قانوني قابل للتنفيذ تدريجيا أفضل بكثير من إصدار نظام قانوني لامع وبراق غير قابل للتنفيذ دفعة واحدة .

وليس هناك خشية من إصدار قرار حاليا بالحد الأدنى للأجور يكون منخفضا عن الطموح ومن ثم التدرج فيه بالزيادة سنويا لحين الوصول بالحد الأدنى المطلوب والذي يحقق الهدف ،لأن إصدار قرار بهذا الشأن  ليس مؤبدا.

وضمانة ذلك ما جاء في قانون العمل رقم 7 لستة 2000 في المادة ( 78 ) فقرة ( 1 ) " تقوم لجنة الأجور بالمهام التالية : 1- دراسة السياسات العامة للأجور ومدى موائمتها لمستوي المعيشة وتقديم التوصيات بشأنها إلي مجلس الوزراء ، وما جاء في المادة ( 88 ) " تجتمع لجنة الأجور دوريا كل سنة مرة على الأقل وتجتمع عند الضرورة بناء على طلب رئيسها أو من ممثلي أي من أطرافها الثلاثة "

فقرار تحديد الحد الأدنى للأجور يجب مراجعته سنويا على الأقل ليتلاءم مع مستوي المعيشة .