Menu

ما هو الجديد حقا في دولة المستوطنين

عن بياليك وبن غوريون وقانون الجنسية

أحمد مصطفى جابر

قال الكنيست الإسرائيلي في تصريح مكتوب  إن مشروع القانون يعتبر "دولة إسرائيل الوطن القومي للشعب اليهودي وباعتبارها دولة يهودية وديمقراطية وإن اللغة العبرية هي لغتها الرسمية وأن القدس عاصمة إسرائيل". 

هذا النص لا يناقش القانون بل البيئة والسياق الذين أصدراه وجذوره في السياق العام للسياسة والأيدلوجيا الصهيونية

 ما المفاجئ في "قانون القومية" الذي صادق الكنيست الصهيوني على مناقشته في الجلسة العامة وتم تحويله للبدء بالخطوات التشريعية لإقراره، فيما يضغط رئيس وزراء العدو شخصيا للإسراع في تمريره، معتبرا أن الرد الملائم على الحملات التي يتعرض لها كيانه سواء المقاطعة أو قانون اليونسكو الأخير أو حتى الخشية من العودة لحديث الدولتين، وغيرها من مسائل.

يزعم المعارضون أن هذا القانون يصعد فكرة "الدولة يهودية" على حساب ديمقراطيتها، ولكن من تخدعون؟ هذه "الدولة" ومنذ تأسيسها على جثث الفلسطينيين وحقوقهم وركام منازلهم وقراهم إنما هي وجدت لـ(حصرية) الوجود والرفاه اليهودي، فقط بل بلغة أكثر تشددا، الأشكنازي بالذات، اليهودي الأشقر الذي استوطن الأرض "البور"، أليست دولة إسرائيل هي التجسيد البشع للغيتو معكوسا، أي الغيتو الذي يهدد وليس الذي يخضع للتهديد، الغيتو الذي يحاصر وليس المحاصر، "برج وسور" في حالة هجوم دائم، لإنجاز المهمة؟

يقول هؤلاء أيضاً، أن القانون يعزز حالة الأبارتهايد في الضفة الغربية؟ أحقا ما تهذرون؟ ماذا عن الناصرة العليا المحاصرة ومقطوعة التواصل، ماذا عن البلدات العربية التي تختنق تدريجيا وتصادر (الدولة) آخر متر من خراجها، ماذا عن النقب وتهجير البدو الفلسطينيين وتدمير نمط عيشهم، وحرمانهم من سقف يأويهم؟ وماذا عن العشرين مليار دولار التي أنفقتها (الدولة) على البنى التحتية للمستوطنات، هل ستكون المستوطنات جزءا من (يهودية وديمقراطية) ولكن بشكل محسوب، بحيث لا تتسرب الديمقراطية إلى "الغوييم" وتكون الضفة الغربية منطقة صيد الحيوانات البرية حيث يمارس المستوطنون رياضتهم المفضلة؟

صحيح أن هذا القانون يعكس صعود اليمين الجديد وتحكمه بالمشهد الاسرائيلي ككل  وهو انعكاس للتغييرات الاجتماعية – التاريخية التي مرت بها إسرائيل، ليس فقط منذ 1977 وصعود الليكود إلى الحكم مع ما حمله من تغييرات عميقة في السياسة والنخب وطريقة ممارسة السياسة والحضور المكين والصاخب للدين في المؤسسات، بل منذ 1967، وانتصار إسرائيل في تلك الحرب واحتلال الضفة الغربية ما عكسه الأمر من تزاوج الأيدلوجية مع القوة، وحدوث تطابق لأول مرة بين مقولة (أرض إسرائيل) وتجسدها الجغرافي، وبالتالي من بذر البذار فعلا هو ما يسمى اليسار الصهيوني، الأب الحقيقي للهجمات الاستيطانية الكبرى، ومنفذ عمليات التطهير العرقي ضد الفلسطينيين، والذي صاغ بالأساس القوانين الحاكمة والناظمة التي تشكل الإطار الطبيعي والحاضنة النموذجية للقانون الأخير.

لم يكن هذا القانون نبتا عشوائيا في السياق السياسي والتشريعي الصهيوني، بل يتجذر عميقا في الأيدلوجيا والسياسة والأهداف الأصلية للكيان منذ ما قبل انشائه الفعلي، والتي ما زالت سارية المفعول وتشكل جوهر الاجماع الصهيوني يسارا ويمينا ومركزا.

ومن غير المجهول إن إسرائيل أصدرت سلسلة قوانين أساس جسدت التعريف الوارد في وثيقة الاستقلال وعكست المضمون الإثني اليهودي ممتنعة بشكل تام عن الاقتراب من تطوير مدنية شاملة، وطبعا يغيب تماما أي قانون أساس يردع الأكثرية عن سن قوانين تضمن امتيازات لها وتنافي مبدأ المساواة في الحقوق. وفي المقابل كل الوسائل ممكنة ومشروعة لمواجهة الأقلية ومنعها من مجرد الحلم أن تصبح أكثرية.

المفارقة أن  كلا الطرفين أصحاب القانون، ومعارضيه يتذرعون بوثيقة "الاستقلال" وديفيد بن غوريون، بعض الأصوات "المعتدلة" في إسرائيل، أو تلك التي تنادي بـ"السلام" أو حتى تلك التي تخشى على صورة الكيان في العالم، زعمت في اعتراضها على القانون الجديد إنه في بعض مبادئه يخالف ونقض "وثيقة إعلان الاستقلال" غير أن تلك الوثيقة بذاتها تنفي هذه الادعاءات، وتظهر منسجمة مع هذه القوانين العنصرية بل أنها جميعا تنهل من نبع واحد، نبع العدمية القومية المتمفصلة مع خطاب ديني أجوف بني على الأساطير مسلحة بمنهج يعتمد العنف القاتل طريقا لتحديد أهدافه. كما أن بعضها الآخر يزعم أن القانون يشكل خيانة لمبادئ بن غوريون، ويا لها من حجة سقيمة، بن غوريون صاحب قرارات الطرد والتطهير العرقي في فلسطين، وهو نفسه الذي أعطى أوامر تفصيلية لكيفية التخلص من العرب كما كشفت وثائق الهاغاناة، على عكس ادعاءات مؤرخين "جدد" مثل بني موريس مثلا الذي يواصل نشر أكاذيبه بأنه لاوجود عمليا لأوامر طرد وإنما فرضها الموقف العسكري!

في خطابه السري في المؤتمر الصهيوني العالمي يوم 7 أغسطس 1937 (ترجمة موقع العساس) يقول بن غوريون "وحدة هذه الأرض منقوشة بأحرف سرمدية لا تزول" ويضيف " لنا حق الدولة وللعرب حق الإقامة في هذه الدولة" ويختم " أمامنا خيارين انتداب أو دولة يهودية، الخيار الأول يمنحنا الأجزاء الغربية من هذه الأرض والخيار الثاني يضمن لنا مساحة وطننا القومي".

ينبع القانون من طبيعة أيدلوجية توراتية بحتة، وهذا ينسجم تماما مع المقولات التأسيسية لوجود الليكود في الحكم (ناهيك عن خزعبلات حركة العمل) حيث عندما فاز الليكود في الانتخابات عام 1977 وسئل عن طريقة إدارة الدولة أجاب بحسم "بطريقة يهودية" وسرعان ما تجاوز ما أقره بن غوريون فأعفى جميع الطلاب في المدارس الدينية من الخدمة العسكرية واتخذ اجراءات دينية متطرفة وعلى عكس سياسات المعراخ التي جلبت الأحزاب الدينية إلى الائتلاف، فان بيغن جلب الدين نفسه إلى الائتلاف، وهي مسيرة طويلة أسست للسياسات المتبعة اليوم، والتي تجعل مستوطنين متطرفين ورجعيين وصلوا إلى الكنيست قادرين على سن قوانين أساس.

ولكن الأمر يعود إلى ما قبل بيغن وكذلك بن غوريون، فمراجعة الأدبيات الصهيونية الأساسية ترينا بكل وضوح أن هذا المسار وما هو أبشع منه حتمي وسياق تطور طبيعي، فمثلا نحمان بياليك (1873-1934) شاعر الصهيونية وشاعر العبرية الأساسي، كان عنصريا فظا هاجم في شعره العرب ووصفهم بأبشع الألفاظ.

وعبر عن رومانتيكيته وارتباطه بالدين بشكل واضح موحدا بين الشعب ودينه مؤكداً أسطورة (الشعب الكاهن) فيقول «لقد شكلت الأمة اليهودية أسس تراثها القومي ومؤسساتها ضمن حدود مملكة الروح»(1).

وهو يرى أن «إسرائيل والتوراة شيء واحد» وبالنسبة له فان مدلول المفهوم التوراتي «مفهوم عقلي لا يدرك العقل كنهه، فالتوراة هي أداة الخالق، بها ولأجلها خلق الكون وإنها أقدم من الكون بدونها لم يكن من الممكن أن يوجد العالم وحتى ليس له الحق في أن يوجد». وكان عام 1934 قد أعلن «أنا أيضاً مثل هتلر أؤمن بفكرة الدم». 

الحاخام الحاخام أبراهام اسحق كوك (1865-1935) الأب الروحي للأرثوذكسية المتطرفة يعتبر أرض إسرائيل «هي جزء من جوهر وجودنا القومي، ومرتبطة بحياة الوجود وبكيانه الداخلي ارتباطاً عضوياً»(2).

أما فاشيهم جابوتنسكي كما وصفه موسوليني، الأب الروحي الحقيقي لنتنياهو واليمين الفاشي الصهيوني وقبله لبيغن ودايان، وجميع (أمراء الليكود) ففي خطابه في المؤتمر الصهيوني السادس عشر عام  1929قال«ترى ما هو الوطن القومي؟ إن لهذه الكلمة كما أفهمها معنى واحداً ليس إلا.. تتقبله روح الشعب اليهودي، وهو إقامة الدولة القومية التي يكون فيها اليهود أغلبية طاغية وتكزن الإرادة اليهودية هي التي تقرر شكل الحياة في المجتمع الذي سيقوم وتوجهه»(3). وهو الذي قال «لن نستطيع أن نقدم لا للفلسطينيين ولا للعرب من البلدان الأخرى، تعويضا عن فقدهم أرض إسرائيل.. إن الصهيونية ستبقى اعتماداً على السيف خلف جدار حديدي لا يستطيع السكان المحليون اختراقه»(4).

طبعا ليس القصد استعراض التاريخ الفكري وأدبيات الصهيونية برمتها، وانما كانت اشارة إلى أن لا جديد تحت شمس الصهيونية، ليست انحرافات ولا هي طفرات عابرة، ولا مغامرات مستوطن وصل صدفة إلى الكنيست بل هي الطبيعي الذي يتأسس عليه السياق السياسي-الأيدلوجي للصهيونية.

ولكن ماذا تقول وثيق "الاستقلال"(5)

تبدأ وثيقة استقلال إسرائيل بإطلاق اسم «أرض إسرائيل» على فلسطين مؤكدة ارتباط اليهود بها ونافية بشكل مباشر حقوق العرب الفلسطينيين التاريخية والواقعية، ثم تعود لتؤكد الحق الطبيعي والتاريخي لليهود في البلاد. ومفهوم «الدولة اليهودية» الوارد في الوثيقة هو مفهوم انعزالي وعرقي يثير مشكلة للأقلية العربية، وكذلك المحتوى الديني لدولة (اليهودي) والقومي لخدمة (اليهودية).

إن النص على يهودية الدولة يعني عمليا الاستيلاء على الأرض وتهويدها واستقدام المهاجرين اليهود وبناء المستعمرات وعبرنة العمل والإنتاج والاقتصاد ككل وتعميم الثقافة اليهودية.

وعندما تحدثت الوثيقة عن المساواة فان هذا الحديث جاء منسجما في الفقرة العامة أي بخصوص اليهود، أما فكرة المساواة الواردة في الفقرة الثانية التي تخص العرب فجاءت مشروطة عبر دعوتهم للقيام بنصيبهم في اقامة الدولة، ما يعني دعوتهم للمساهمة في إكمال الكارثة التي حلت بمجتمعهم وكيانهم على يد الصهيونية.

ولا تتحدث الوثيقة عن حقوق العرب كأقلية قومية مكرسة المساواة الحصرية ضمن الجماعة اليهودية وهذا يعني التعامل مع العرب كمجرد سكان فيما يطابق بسياسة الأبارتهايد.

التهويد والاستيطان:

ما جاء في وثيقة الاستقلال تحول إلى هوس بالتهويد وهو(2) هوس السيطرة على المكان وعدم تحملها ترك بقعة أرض دون فرض سيادتها عليها بشتى الأساليب والوسائل والتهويد بغية الاستيطان في كل مكان يقيم عليه تجمع سكاني عربي عن طريق قوننة الأشياء والمناطق والعلامات واللغة والسلوك.

ثمة قصة شهيرة متداولة (6) حيث قام بن غوريون بجولة في الجليل وصرح بلهجة عنصرية غاضبة «كل من يتجول في الجليل ينتابه إحساس بأنها ليست جزءا من أرض إسرائيل» وفي رواية أخرى للمحادثة(7) أن بن غوريون قام بجولة في الجليل بينما كان يعبر الطريق بين عكا وصفد فمر بقرى عربية وسأل عن أسمائها وعندما قيل له أنها مجد الكروم ودير الأسد وراما ذكر أنه أجاب «أأسافر داخل سورية» وأصدر على الفور أوامره ببناء مستوطنة الكرمل في المنطقة.

ولا شك أن موضوع الاستيطان ومواقع تنفيذه وتوقيته من الأيدلوجيا الجيوبوليتيكية والاستراتيجيات الإقليمية المتبعة، وتوقيت التهويد مرتبط بقضايا يطلعنا الباحث باروخ كفنيس عليها «جدول الأعمال القومي والوضع الديمغرافي في البلاد وحجم الدعم المادي الخارجي والوضع الاقتصادي وسيطرة الأمة على الأراضي»(8).

وقد جاء في أحد المستندات الرسمية (سبتمبر أيلول 1959) تحت تصنيف (أمني –سري جدا – للمرسل إليه فقط)، يحمل عنوان «توصيات لمعالجة شؤون الأقلية العربية في إسرائيل » أن هدف السلطات الإسرائيلية من إنشاء سلطات محلية في القرى العربية كان أولا تحويل الصراع من صراع قومي بين العرب واليهود إلى صراع بين العائلات في المدن والقرى بهدف تقويض أي سياسة عربية (9) ولا شك أن هذه المذكرة تعكس بشكل واضح مقاصد الحكم العسكري الآنف الذكر ولكن مسألة الاستيطان تحتاج لمزيد من البحث.

من العسير جدا بداية فهم الاستيطان الصهيوني بشكل عميق دون العودة إلى مفاهيم يهودية مركزية وإدراكها على صعيد تأويلاتها المختلفة في الفكر الصهيوني مثل مفهومي المكان وتهويد المكان وأهميتها في النسق الديني اليهودي، من جانب آخر يعكس النشاط الاستيطاني الخطاب الاقصائي الإثني القائم في صلب الأيدلوجيا الصهيونية بحيث تتحول الصهيونية إلى معيار أولي بديهي، يصبح الإلغاء والمحو صفة ملازمة لفعل الاستيطان، وإرسال العرب إلى عزلتهم كمجرد سكان لا يحوزون أو يملكون حق حيازة المكان ويتم النظر إليهم فقط كرعايا للدولة لا يشاركون حاضرها ومداها الجغرافيين.

لقد كتب آلون ، القائد العسكري لمنظمة البالماح يوم 10/5/1948 «رأينا هناك حاجة لتطهير الجليل من السكان العرب لتقيم منطقة إقليمية يهودية في كل أنحاء الجليل الأعلى وأمامها تكمن واجبات كبيرة هي إجبار عشرات آلاف العرب الذين بقوا في الجليل على الهرب»(10).

وعلى عكس الجمل المنمقة في إعلان استقلال إسرائيل حول المساواة بين مختلف المجموعات القومية إلا أن الممارسة كانت دائما على العكس من ذلك، وبينما ادعت الحكومات المختلفة أن اقامة سلطات محلية عربية في القرى كان لتمكينها من إدارة شؤون نفسها، جاء في أحد المستندات (11) الرسمية من سبتمبر أيلول 1959 تحت تصنيف أمني «سري جدا للمرسل إليه فقط» يحمل عنوان (توصيات لمعالجة شؤون الأقلية العربية) «إن هدف السلطات الإسرائيلية من إنشاء هذه السلطات كان أولا تحويل الصراع من صراع قومي بين العرب واليهود في الدولة إلى صراع بين العائلات في قراهم ومدنهم وبهذا فإنها تقوض أيضا أي قوة سياسية عربية تتناقض وأهداف الدولة وأيدلوجيتها».

كما أن النشاط الاستيطاني الصهيوني الحكومي لدولة إسرائيل ودوائر الاستيطان وبالضد من منع البناء العربي، يعكس الخطاب الاقتصادي الإثني القائم في صلب الأيدلوجيا الصهيونية وعلى مختلف تأويلاتها المختلفة بحيث تحولت الصهيونية إلى معيار أولي بديهي يتم النظر إلى العالم والى الديناميكيات التي تحصل من خلاله لعل تدمير القوانين باعتباره سمة أساسية للفاشية مرتبط بشكل ما بشهية الفاشية اللانهائية للتوسع. فعندما يخلق بلد ما حدودا يوسعها باستمرار منتهكا أحكام القانون الدولي، وعندما تكون الغاية هي دولة إسرائيل، تبرر دائما الوسائل، إذن يجب أن لا نندهش عندما يكون احترام إسرائيل لقوانينها الخاصة ينتهي دائما لأن يكون أمرا صعب المنال بشكل مرعب(12).

 

ولكن ماذا عن "كمينتس"؟

 

من جهة أخرى قانون كمينتس أكثر خطورة واقعيا، ولعله يشكل التجسد الأداتي لقانون "القومية"  وهو يعكس الرعب الفاشي الاستعماري الصهيوني من أن العرب الفلسطينيين موجودين بالفعل، وثمة سقف يأويهم، و" يا ليهوا.. انهم كثيرون"  وهذا غير جيد لليهود، جاء القانون ليحسن بيئة التخلص منهم ورميهم في العراء، وهكذا ستسنى للدولة الحصول على المزيد من الأراضي لتحولها إلى منتزهات لأطفال المستوطنين، دون "غبار العرب"، والقانون سيسمح بفرص عمل جديدة لمزيد من سائقي جرافات D9 ومزيد من عقود التشغيل لكاتربلر، ووحوشها .

 

بالتساوق مع القانون الجديد، الاجماعي العنصري الصهيوني، الأبيض الأشكنازي، والسفاردي الشرقي أيضا، ينفلت الصوت العنصري من كل ضابط ممكن، فالجنون الفاشي الاستيطاني فقط ومتطلباته ومعاييره هو ما يحكم الأداء السياسي، سواء للـ "يسار" الذي يذهب قادته إلى أريل ومعاليه أدوميم، لـ "يمسحوا الجوخ" للمستوطنين، أو لليمين، الذي أصبح هو بالذات المستوطنين، فلماذا يتعب هيرتسوغ نفسه بالذهاب إلى المستوطنات مثلا، ولايذهب مباشرة لمسح حذاء نتنياهو؟

أخيرا..

بالنسبة لنا كفلسطينيين في ما يسمى (الدولة) أو في حصار غزة، أو تحت حكم الإدارة المدنية في الضفة أو كنا في الشتات فإن إسرائيل كيان كولونيالي استيطاني، بل النموذج الأبشع وربما الوحيد من نوعه للاستعمار الاستيطاني الاجلائي، ومقارعته ليست ممكنة ضمن سياقه ونصوصه، بل بإرغامه على التراجع ونحن ندرك أن هذا ليس ممكنا بدون دحر هذا الكيان وتفكيك بناه وتدميره إلى الأبد.

  1. مجموعة من الكتاب الصهاينة. الفكرة الصهيونية، النصوص الأساسية. ترجمة: لطفي العابد وموسى نمر. اشراف أنيس صايغ (بيروت: م.ت.ف مركز الأبحاث. حزيران 1970) ص173.
  2. نفسه.
  3. وثائق فلسطين من عام 637 إلى عام 1949. الجزء الأول (دمشق.  وزارة الإرشاد القومي) ص 411.
  4. مايكل جانسن. التنافر في صهيون: هل يمكن أن يقوم سلام في الشرق الأوسط. ترجمة كمال السيد. ط1(بيروت: مؤسسة الأبحاث العربية، 1988)ص14.
  5. وثيقة الاستقلال لإسرائيل، موقع الكنيست على الانترنت.
  6. أمينة مينس وناديا حجاب، مواطنون في عزلة (صورة عن أوضاع الفلسطينيين داخل اسرائيل) ترجمة هدى الكيلاني. (دمشق: وزارة الثقافة، 1996) ص55
  7. الفجر في 12 حزيران 1988
  8. نبيه بشير، وجود السكان العرب يجرد المكان من يهوديته، المشهد الاسرائيلي 8/9/2004
  9. نفسه.
  10.  نواف الزرو، قراءة في الخريطة الحزبية السياسية وفي آفاق المشهد الانتخابي الإسرائيلي للكنيست الـ17. نشر على حلقات في جريدة الصباح. الحلقة الأولى في 22 آذار والثانية في 23 والثالثة في 24 والرابعة في 25 آذار 2006
  11.  نبيه بشير.. سبق ذكره.
  12. ميخائيل وارشوفسكي. ديمقراطية إسرائيل. في: رؤية أخرى العدد 36/37 ربيع وصيف 2005 (بيت لحم-القدس: مركز المعلومات البديلة).