Menu

سماح إدريس: إنجازات مقاطعة "إسرائيل" حول العالم تتصاعد.. وهذا يُكمّل المقاومة المُسلّحة

جانب من اللقاء: إدريس (أقصى يسار الصورة)

بيروت_ بوابة الهدف

قال عضو حملة مُقاطعة داعمي "اسرائيل" في لبنان، ورئيس تحرير مجلة الآداب الكاتب اللبناني د.سماح إدريس "لا توجد مقاومةَ من دون ثقافةِ مقاومة، ولا ثقافةَ مقاومةٍ من دون ثقافةِ مقاطعة"، مُؤكّداً أن المقاومة المتكاملة هي "سلاح ومقاطعة ومقاومة تطبيع"، وخلاف هذا يعني "تقويض المقاومين المسلحين الأبطال".

جاء ذلك خلال لقاء خاص نظمه مجلس بعلبك الثقافيّ وثانوية الحكمة، الخميس، مع د.إدريس من "حملة مقاطعة داعمي اسرائيل في لبنان"، و د.عبد الملك سكرية رئيس "الجمعية اللبنانية لمقاطعة اسرائيل"، للحوار حول سبل ومواجهة التطبيع مع العدو الصهيونيّ ومُقاطعة الشركات الدّاعمة له.

ولفت د.إدريس في مداخلته إلى أنّ "جمهور المقاطعة أكبرُ بكثير من عدد المقاومين المسلّحين. فهناك الملايين وعشراتُ الملايين من العرب وغير العرب الذين إنْ لم يسندوا المقاومين المسلّحين بالمقاطعة الثقافيّة والفنّية والأكاديميّة والرياضيّة والاقتصاديّة والإعلاميّة، سيضعفون من فرص استمرار المقاومة المسلّحة وتطوّرها حتى التحرير الكامل".

وقال "نحن الآن في طور تكوين مجتمع دولي جديد فعلًا؛ مجتمعٍ سئمَ وملّ من استخدام تلك الهراوة الصهيونيّة الغليظة التي اسمُها الهولوكوست (المحرقة النازيّة) من أجل تبريراضطهاد الصهاينة للشعب الفلسطينيّ وللشعب اللبنانيّ والشعب العربيّ عامةً، وتبرير سرقة أراضيهم".

وأشار إلى أن مصطلح مجتمع دولي جديد يعني "عشرات آلاف الطلّاب والأكاديميين والباحثين والعلماء والروائيين والشعراء والفنّانين والمغنّين والموسيقيين وكنائس وغيرهم، كلّهم يقاطعون العدو الصهيوني، يرفضون ما دام ممتنعًا عن تطبيق حقّ العودة، وما لم ينسحب من الأراضي العربيّة المحتلة عام 1967، وما لم يوقف ممارسة الفصل العنصريّ داخل فلسطين 48.

وقال: إن شعوب العالم هذه تنتظرنا، نحن العرب، كي نشاركها مقاطعة إسرائيل بفعاليّة أكبر وبزخمٍ أقوى. مشيراً إلى أنّ "جزء من العالم الآن تقدّم على كثير من العرب فيما يخصّ مقاطعة الاحتلال".

وقدّم د.إدريس أمثلة على الشركات التي تدعم الكيان، مُوضحاً ماهيّة هذا الدعم، فقال -على سبيل المثال لا الحصر- إنّها الشركات التي تستثمر في الكيان فتّعزز من قوة اقتصاده، أو التي تسهم في تدمير بيوت الفلسطينيين وقتلهم وقتلِ أنصارهم، أو الشركات التي تدعم جهات تسعى لإعادة توطين اللاجئين اليهود في فلسطين.

ولفت إلى وجود تعتيم إعلامي بحقّ الأنشطة والإنجازات الخاصة بحملات المقاطعة، منها كان في الكويت وقطر والأردن والمغرب و مصر ولبنان، مُبيّناً الفرق بين الأنظمة العربية الحاكمة وإعلامها، وبين الشرفاء والأحرار من الشعوب العربية.

ولفت إلى نشاط جديد تعمل عليه حملة المقاطعة، وهو مقاطعة فرقة، من المقرر أن تستضيفها مهرجاناتُ بعلبك في 30 يوليو المقبل، سبق أن أحيت حفليْن في الكيان الصهيونيّ عاميْ 2008 و2016، وهي فرقة Trio Wanderer. مؤكداً على أن حملة المقاطعة العالميّة، وكذلك اللبنانيّة، تعتبران أنّ "مجرّد إحياء نشاط في الكيان الصهيونيّ يُسهم في طمس جرائم هذا الكيان، بل ويُضفي عليه هالة فنيّة وحضاريّة تُلمّع صورته الدمويّة".

وفيما يلي، نصّ المداخلة الكاملة لعضو حملة المُقاطعة في لبنان د.إدريس:

الحضور الكرام،

تحيّة لكم جميعًا. شكرًا لبعلبك، ولمجلس بعلبك الثقافيّ، ولمدرسة الحكمة، ولطالباتها وطلّابها. شكرًا للمربّية الحاجّة حفيظة الططري، والحاج حسين رعد، والأخ بسّام رعد، والرفيق حسن كسر، والصديقة عبادة كسر. وأودّ باسمكم جميعًا أن نُهديَ هذه الندوة إلى أسرانا الأبطال في السجون الصهيونيّة. أعلم تمامًا أنّهم سيعرفون بحصول هذه الندوة، وأنّ جزءًا من تصوير هذه الحلقة سيذهب إليهم. ولذلك أودُّ من كلّ قلبي أن تكون هذه الندوة، وكلُّ هذا الاحتفال، وكلُّ هذا التكريم، تكريمًا لهم هم، لأنّهم "زُبدة" الشعب العربي، وزُبدة المقاومة.فحين عجزوا عن أن يجدوا سلاحًا يقاتلون به العدوّ لم يسعهم إلّا أن يقاتلوا بأمعائهم ــ آخرِ سلاحٍ بين أيديهم ـ فأثبتوا أنّهم أصلبُ المقاتلين من أجل هذه الأمّة وأشرفهم.

أودّ أيضًا أن أثني على كلمة الحاجّ حسين رعد،وتحديدًا في النقطة التي تحدّث فيها عن المقاومة بما هي شيءٌ يتخطّى السلاحَ. نعم، المقاومة"بُنْية" كاملة.ولذلك فإنّه ليس من المبالغة في شيء أن نؤكّد أنْ لا مقاومةَ من دون ثقافةِ مقاومة، ولا ثقافةَ مقاومةٍ من دون ثقافةِ مقاطعة. لا يجدر بنا أن نقاتلَ بالسلاح باليد اليمنى، فيما نحن نشرب نسكافيه (من إنتاج شركة "نسله" الداعمة لاقتصاد العدوّ) في اليد اليسرى. هذه رسالةٌ نوجّهها قبل كلّ شيء إلى أنفسنا، نحن جمهور المقاومة.المقاومة متكاملة: هي سلاح، وهي مقاطعة، وهي مقاومةُ تطبيع؛ وإلّا قوّضنا من تضحيات مقاومينا المسلّحين الأبطال. دورنا كبيرٌ جدًّا في المقاومة الشاملة المتكاملة،لأنّ جمهور المقاطعة أكبرُ بكثير من عدد المقاومين المسلّحين.المقاومة المسلّحة تقوم بها حفنةٌ من الأبطال المقدامين الذين وضعوا أرواحَهم على أكفّهم؛ولكنْ هناك الملايين وعشراتُ الملايين من العرب وغير العرب الذين إنْ لم يسندوا المقاومين المسلّحين بالمقاطعة الثقافيّة والفنّية والأكاديميّة والرياضيّة والاقتصاديّة والإعلاميّة فإنهم سيضعفون من فرص استمرار المقاومة المسلّحة وتطوّرها حتى التحرير الكامل.

***

النقطة الثانية من حديثي القصير تتعلّق بدور الخارج. نحن، أيها الحفل الكريم، في عصر قيام"مجتمع دوليّ جديد."وحين نتحدّث عن "مجتمع دوليّ جديد" فإنّنا لا نقصد سياسات "جديدة"للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا والأمم المتحدة وما يسمّى "الشرعيّة الدوليّة"؛ بل نقصد عشرات آلاف الطلّاب والأكاديميين والباحثين والعلماء والروائيين والشعراء في النرويج واسكتلندا وايرلندا وفرنسا وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة، وفي عشرات البلدان الأخرى، وكلُّهم يقاطعون الكيانَ الصهيونيّ، أي: يرفضون أن يشاركوا في أيّ مؤتمر يقام هناك، ويرفضون "أوسمة" الدولة الصهيونيّة ودعواتِها. ونقصد أيضًا عشرات الآلاف من الفنّانين والمغنّين والموسيقيين الذين يرفضون أن يُحْيوا أيّ نشاط في الكيان الصهيونيّ ما دام ممتنعًا عن تطبيق حقّ العودة،وما لم ينسحب من الأراضي العربيّة المحتلة عام 1967،وما لم يوقف ممارسة الفصل العنصريّ داخل فلسطين 48. نتحدث عن كنائس بالعشرات سحبت استثماراتِها من كلّ شركةٍ تدعم المستوطنات (المخالفة "للشرعيّة الدوليّة").صحيح أنّ ذلك دون ما نتوق إليه من تحرير كامل فلسطين، غير أننا الآن في طور تكوين مجتمع دولي جديد فعلًا؛ مجتمعٍ سئمَ وملّ من استخدام تلك"الهراوة" الصهيونيّة الغليظة التي اسمُها "الهولوكوست"(المحرقة النازيّة) من أجل تبرير اضطهاد الصهاينة للشعب الفلسطينيّ وللشعب اللبنانيّ والشعب العربيّ عامةً، وتبرير سرقة أراضيهم.

يومًا بعد يوم، يتضح لشعوب العالم اليوم أنّ قضيّة فلسطين، وقضيّة لبنان المقاوم للاحتلال الإسرائيليّ، هي قضية حقّ، لا إرهاب. ولذلك فإنّ تلك الشعوب ـ ويا المفارقة! ـ هي التي تنتظرنا، نحن العرب، كي"نشاركها"مقاطعة إسرائيل بفعاليّة أكبر وبزخمٍ أقوى. إنّ ذلك الجزء من العالم الآن، للأسف الشديد، قد تقدّم على كثير من العرب بأشواطٍ كبيرة في ما يخصّ مقاطعة النشاطات الفنية والثقافية والأكاديمية الداعمة لإسرائيل، والشركات الداعمة للاستيطان والتهجير والقتل.

***

ولكنْ حين نقول "الشركات الداعمة لاسرائيل"فماذا نعني؟

لا نعني أنها تقدّم الأموالَ إلى الجيش الصهيونيّ، كما قد يُخيّل إلى بعضكم، بل نعني، مثلًا، شركاتٍ تستثمر في الكيان الصهيونيّ بما يعزِّز من قوّة اقتصاده. خذوا مثلًا شركة "نسله" التي تنتج نسكافيه أو ماجي أو شوكولا كرانش...؛ فقد اشترت أهمّ شركة أغذية في الكيان الصهيونيّ،واسمُها Osem. أو نعني، مثلًا آخر، شركاتٍ تسهم في تدمير بيوت الفلسطينيين وقتلهم وقتلِ أنصارهم، كما تفعل شركة"كاتربيلير" بجرّافاتها (التي وجدتُ بعضَها على الطريق أثناء قدومي إلى بعلبك)؛ فكاتربيلير جَرفتْ مخيّمَ جنين سنة 2002، وقتلت الناشطة الأميركيّة رايتشيل كوري التي كانت تحاول أن تمنع إحدى جرّافات هذه الشركة من أن تجرف أحد البيوت في قطاع رفح. أو نعني، مثلًا ثالثًا، شركاتٍ مثلَ كوكاكولا، التي قدّمتْ دعمًا "للاتحاد اليهوديّ الموحّد في أتلانتا الكبرى" الذي يساند الجالية اليهوديّة في فلسطين المحتلّة عبر "إعادة توطين اللاجئين اليهود"هناك.

***

غير أنّني لا أريد أن أخلّف الانطباع لديكم، أيّها الحضور الكرام،أنّ هناك مجتمعًا دوليًّا ناشطًا في مقاطعة "إسرائيل"في حين أنّ عالمنا العربيّ "خانع وذليل." هذا الانطباع سيكون خاطئًا تمامًا، بل يكرِّس عقدةَ"جلْد الذات،" فنغرق في إطلاق تعبيرات سقيمة من نوع: "العرب ما بيسووا شي"و"خلّينا نهاجر أحسن لنا."وسأعطيكم بعضَ الإشارات إلى ما استطاع "العرب،"على الرغم من كلّ التعتيم الإعلاميّ، أن يقوموا به خلال السنوات أو الشهور القليلة الماضية.

قد تفاجَأون بهذه المعلومات، وبخاصةٍ أنّ معظمها يأتي من دول الخليج. في الكويت مثلًا سحبت"المؤسّسة العامّة للضمان الاجتماعيّ" استثماراتِها من شركة G4S. هذه الشركة،الموجودة في لبنان في مئات المواقع، كانت، إلى وقتٍ قريب جدًّا، مسؤولةً عن تقديم معدّات الإنذار والحماية لعدد من المعتقلات والسجون وحواجز التفتيش الإسرائيليّة، وهي ما زالت إلى اليوم مسؤولةً عن مركز لتدريب الشرطة الإسرائيليّة، فضلًا عن عملها في المستوطنات الصهيونيّة خلافًا للقانون الدوليّ نفسه؛ وحصل أمرٌ مشابه في الكويت، إذ تمّ الاستغناء عن التعامل مع شركة Veolia الفرنسيّة الداعمة للاستيطان الصهيونيّ.

أما فيقطر، قطر التي نكاد لا نملك عنها غيرَ صورة التطبيع مع العدوّ،فقد أقدم مجلسُ طلبة جامعتها على تبنّي المقاطعة الكاملة لـ"إسرائيل."نعم، هناك شيء اسمُه النظامُ القطريّ وإعلامُه، وهناك شيء آخر اسمُه القطريون الشرفاء الذين يناضلون ضدّ الاحتلال الإسرائيليّ.

وما دمنا في الخليج، فمنذ بضعة شهور وقّع عدّة آلاف من مثقفيه وأكاديمييه عريضةً ضدّ أيّ مسعًى للتطبيع مع الكيان الصهيونيّ. جاء ذلك على خلفيّة أكثر من لقاء جمع أشخاصًا سعوديين (مثل أنور عشقي) بممثّلين عنالكيان الصهيونيّ.

وفي الأردن كان للمقاطعة دورٌ مهمّ في وقف تعامل شركةG4S مع السجون والمعتقلات الصهيونيّة: فقد ضغطت حملاتُ المقاطعة في الأردن على اليونيسف، وعلى أكثر من منظمة من منظمات الأمم المتحدة الأخرى، من أجل تعليق عقودها مع الشركة المذكورة.

أمّا المغرب، فليس مغربَ النظام فقط. بل هناك حملة واسعة لمقاطعة الشركات الداعمة للعدو، وخصوصًاG4S ، ولمقاطعة التمور الإسرائيليّة، على سبيل المثال لا الحصر.

وفي مصر كان للمقاطعة دورٌ في وقف دعم شركة Orange الفرنسيّة للجيش الإسرائيليّ، من بين نشاطات أخرى مماثلة.

وفي لبنان استطعنا أن نقْنع عددًا من المؤسسات بوقف تعاملها مع G4S. كما أنجزنا كثيرًا في مجال فضح الفنانين المتصهينين ونجحنا في منع عروضهم في لبنان. هذا وقد أنجزنا عريضةً للمقاطعة الفنيّة والأكاديميّة وقّع عليها أكثر من 350 فنّانًا وكاتبًا في لبنان، فضلًا عن تطبيق هاتفيّ بأبرز الشركات الداعمة للعدو (سنوزّع قصاصات بكيفية تحميله على هواتفكم المحمولة).

***

ستكون لي إضافات كثيرة أثناء فترة الأسئلة والإجابات بعد قليل. لكنني في الختام أخصّ بالشكر مجلسَ بعلبك الثقافيّ الذي كان أوّل داعم ثقافيّ لنشاط حملة مقاطعة مشروع Tomorrowland التطبيعيّ. كما أرغب في وضعكم جميعكم أمام مسؤوليّاتكم إزاء فرقة تستضيفها مهرجاناتُ بعلبك في 30 تمّوز، وسبق أن أحيت حفليْن في الكيان الصهيونيّ عاميْ 2008 و2016، وهي فرقة Trio Wanderer. ولعلّكم تعلمون أنّ حملة المقاطعة العالميّة، كما حملتنا اللبنانيّة، تعتبران أنّ "مجرّد" إحياء نشاط في الكيان الصهيونيّ يسهم في طمس جرائم هذا الكيان، بل يضفي عليه هالة فنيّة وحضاريّة "تلمّع" صورته الدمويّة.