Menu

تحليلنتنياهو وموسيز: علاقات القوة ونهاية مرحلة

كاريكاتير نتنياهو وموسيز : وكر الجريمة

بوابة الهدف/ ترجمة خاصة

[قال تقرير لمجلة "ذي ماركر" الاقتصادية الصهيونية أن بنيامين نتنياهو كان الشخصية الأكثر تأثيرا في الكيان، ولكن التقرير ربط هذا التأثير بملفات الفضائح التي تحيط بنتنياهو. شخص أخر كان موازيا لنتنياهو في السلطة، لكن الاعلامية، ولايخفى تأثيرها على المجال السياسي هو أرنون موسيز، مالك وناشر يديعوت أحرونوت، وكلاهما في قارب فضيحة واحدة بما يخص تحقيقات القضية "2000".. الهدف تقدم لقرائها ترجمة مقال "ماركير" حول توقعات نهاية صراع القوة في الكيان الصهيوني، ومصائر نتنياهو وموسيز.]

كان الملف الأخير "القضية 2000" الأكثر أهمية بالنسبة للمجلة، وقد كشف الملف عن الصلات غير القانونية بين رئيس وزراء الكيان من جهة، وهو أقوى رجل في السياسة الصهيونية منذ عقدين، مع صاحب الحصة المسيطرة، وناشر مجموعة يديعوت أحرونوت، أرنون موسيز، وهو رجل يملك قدرة مماثلة، وهي علاقة سلطوية منسوجة بعناية ولكن النهاية تبقى غامضة.

انفجر ملف "2000" بقوة منذ كشف عن تفاصيله الصحفي جدي ويتز في هآرتس وغي بيلغ من قناة 2، حيث كشفا محتوى المحادثات بين نتنياهو وموسى. وجوهرها - خيانة الديمقراطية – الأمر الذي كان صدمة للاعلام والرأي العام، و كشفت الأشرطة أن نتنياهو  خاض  مفاوضات لمدة 21 عاما مع أكبر قطب إعلامي في البلاد، الذي يسيطر على الصحيفة الرئيسية والموقع الإخباري الأكثر قراءة، لخلق وضع يخدم كليهما، حيث خططا في النهاية لاتفاق تم فيه التلاعب بكل شيء وبالتحديد أدى هذا إلى تشويه التغطية الاعلامية المقدمة للجمهور، بحيث يبقى نتنياهو رئيسا للوزراء إلى الأبد. وفي المقابل، سيكافئ نتنياهو موسيز بأن يصدر قانونا خاصا مفيدا لموسيز سيدر عليه فوائد  بقيمة مئات الملايين من الشواقل.

بين السطور تبرز التفاصيل التي تفرض تغيير الطريقة التي يقيم بها الجمهور علاقات القوة ونفوذ الاثنين. حيث كشف أن نتانياهو طلب  من موسيز أن يحد من انتقادات المعلق في القناة الثانية أمنون أبراموفيتش، وهو مطلب يوضح أن نتنياهو يعتقد أن موسيز يسيطر أيضا على كبار الصحفيين الذين لا يعملون معه علنا، على سبيل المثال على القنوات التلفزيونية.

تضيف الصحيفة أن نتنياهو ليس غبيا. يمكن للمرء أن يفترض أنه يعرف ما يتحدث عنه، حتى لو زعم موسيز أنه لا يسيطر على أبراموفيتش . وهذا دليل على أن موسيز، حتى لو صار أضعف مما هو في الماضي، ما زال  أقوى مما نعتقد. وكشف نتانياهو من جهته انه يسعى لموافقة  شيلدون اديلسون على الحد من تداول "اسرائيل اليوم" وتعاون مع العديد من أعضاء الكنيست لتمرير القوانين التي ستحقق نفس الهدف. وتستنتج الصحيفة أن هذا دليل على أن قوة نتنياهو أقل مما يعتقده الجمهور. انه ليس القاهر.

وتقول الصحيفة أنه ليس من الصعب إثبات هذا الاستنتاج. فوضع نتنياهو وموسيز ليس متطابقا، فبينما يتعامل نتنياهو أسبوعيا مع انتقادات مستمرة من يديعوت أحرونوت وهارتس والقناة 10 والقناة 2 ومعاريف وهنا ووسائل الإعلام الأخرى من الخارج أيضا، وهذه الانتقادات سياسية وشخصية واقتصادية ... موسيز لا يواجه أي انتقاد، على الرغم من نفوذه العظيم تقريبا لا يتم التحقيق حوله ولا الكتابة عنه ولا متابعة أشنطته التجارية والوضع المالي لمجموعته سري على عكس التسريبات من مكتب نتنياهو، ولكن تتسرب من إدارة "يديعوت" معلومات عن علاقات موسيز مع الأقطاب والسياسيين ما يمكن استخراجه  أساسا من محتوى الصحيفة.

حتى وقت قريب، في "إسرائيل" وفي بعض الصحف في الخارج، تقرر بشكل لا لبس فيه أن "بيبي الملك" (الملك بيبي، كما هو موضح على غلاف مجلة تايم)  وهي فكرة تسيطر على وسائل الإعلام الإسرائيلية، ولكن على الرغم من الجهود ومحاولات للتأثير على إلا أن نتنياهو لا يحظى باهتمام وسائل الإعلام الذي يحظى به أردوغان في تركيا أو بوتين في روسيا، على سبيل المثال، كما أنه لا يتمتع بالأدبيات الأوروبية النسبية التي يتم فيها التعامل مع رؤساء الوزراء في العديد من الدول الغربية، في حين أن موسيز يملك أجزاء كبيرة من وسائل الإعلام، أو على الأقل سيطر عليها على مدى العقدين الماضيين.

ولكن من المرجح أن تتغير هذه الديناميكية إذا تم التوقيع على شهادة كاملة من آري هارو، الرئيس السابق للمكتب ورئيس أركان رئيس الوزراء، الذي وقع اتفاقا مع الدولة، وهو يعرف نتنياهو واتصالاته مع وسائل الإعلام والأقطاب.

وقد وصف اتفاق هارو بأنه زلزال، وبحق، حتى لو لم يكن للأسباب التي يعتقدها الجميع، فقد يتم تجريم نتنياهو في النهاية، وحتى لو لم يتم ذلك فإن انتقال هارو إلى الخندق المضاد لنتنياهو هو أمر غير عادي، حيث كان رئيسا للمكتب ورجل اتصالات دقيقة مع الأقطاب والبارونات، أقرب رجل إلى نتنياهو. وهو يعلم الكثير عنه، وبالتالي قراره بالتخلي عن نتنياهو يرسل رسالة واضحة إلى النظام الحكومي بأكمله: رئيس الوزراء ضعيف. ولم يعد مخيفا في الوسط السياسي،  ويمكن لكل شخص أن يعمل الآن لمصلحته الخاصة، دون أن يخشى أن يعاقبه نتنياهو. في تقييم أولئك الذين رأوا بالفعل كيف تسقط آليات القوة، سواء كانوا أقطاب أو رؤساء الوزراء، مثل هذا الشرخ في جدار الخوف يبدو لا يمكن الدفاع عنه. ويبدو أن مرحلة نتنياهو على وشك الانتهاء حتى لو تأخرت قليلا.

في السنوات الأخيرة، اختار رئيس الوزراء الابتعاد عن التعامل مع الأعمال الاقتصادية وتركها لشركاء التحالف - أولا يائير لابيد ثم موشيه كحلون - ولكن عندما دخل الاقتصاد، تسبب بأضرار كبيرة.  وفي ما يلي مثالان: عمل نتنياهو بشكل مكثف على خط أنابيب الغاز وتسويقه بقوة، وتلقى الجمهور تبعات احتكار الغاز وأسعار الغاز والكهرباء الباهظة. وقد عين نفسه وزيرا للاتصالات، واكتشف الجمهور الإسرائيلي قضية بيزك التي كان يشتبه فيها زميله شاؤول إلوفيتز "بالتنسيق المنتظم مع المدير العام لوزارة الاتصالات شلومو فيلبر الذي عينه نتنياهو.

ولم يفعل نتنياهو الكثير في السنوات القليلة الماضية. وباستثناء العديد من الرحلات الخارجية والشكاوى حول وسائل الإعلام التي يدعي أنها لا تعكس بدقة إنجازاته الدبلوماسية، فإن نتنياهو مشغول حاليا بالبقاء، وهو أمر ليس بالأمر السهل.

تضيف الصحيفة أن ملف 2000 ليس التحقيق الوحيد ضده. وهناك أيضا قضية 1000، التي تتعلق بهدايا بمئات الآلاف من الشواقل التي وردت من رجل الأعمال أرنون ميلشان، بما في ذلك السيجار والشمبانيا. وهو يرفض دعاوى الفساد في قضية الغواصة، والمعروفة باسم قضية 3000، رغم إنه غير مشتبه به حاليا،  لكن القضية تطال شريكه المقرب والمحامي الشخصي ديفيد شمرون. وفي هذه الحالة أيضا، تم التوقيع على اتفاق مع شخصية مركزية - ممثل حوض بناء السفن الألماني، ميكي غانور.

وتخلص الصحيفة إلى أن نتنياهو يتعامل مع ما يبدو أنه الانجراف العام ضد شرعية ولايته - وهو الاتجاه الذي أعرب عنه في المظاهرات الأسبوعية بالقرب من منزل النائب العام أفيهاي ماندلبليت. ويطالب الاف الاشخاص الذين يجتمعون في بيتاح تكفا كل ليلة سبت بان يسرع ماندلبليت في تحقيقاته مع  رئيس الوزراء ويقدم لوائح اتهام ضد نتانياهو.  ثقة الناخبين الذين يتفقون مع وجهات نظره السياسية والاقتصادية، قوضت أيضا.

كيف سيجيب نتنياهو على كل هذه الهجمات؟ ووفقا لتقديرات واسعة الانتشار، ترى الصحيفة إنه  سيجد في الأشهر المقبلة مبررا ما  للإعلان عن انتخابات جديدة. ومثل هذه العملية من شأنها أن تضع النظام السياسي في أزمة وتلقي بظلالها على المناقشة العامة والخطاب في تحقيقاتها. وفي حال فوزه بالغالبية مرة أخرى، يرى نتنياهو أن موقفه الأخلاقي تجاه مكتب المدعي العام سيعزز، وكذلك سيتعزز في استطلاعات الرأي، من وجهة نظره إذا اختاره الجمهور رغم علمه بالتحقيقات هذا يعني أن هناك مصلحة عامة في تجاهلها.

والسؤال: هل ستنجح هذه الخطوة؟ ظاهريا، فإنه لا لزوم لها. وإذا لم يفحص ماندلبليت ومكتب المدعي العام للدولة الأدلة القانونية ويقرران الاتهام، فإنهما سيفعلان سواء ما إذا كان يعمل في الحكومة الحالية أو في الحكومة المقبلة بعد جولة أخرى من الانتخابات.

وبغض النظر عن السيناريو الذي سيتم تنفيذه،  لا أحد في المؤسسة السياسية يتوقع نشاطا حكوميا كبيرا، خصوصا  لجهة الاصلاحات الاجتماعية والاقتصادية أو نوعية حياة الجمهور، باستثناء استمرار معركته من أجل البقاء، وذلك بهدف تحويل الخطاب العام عن التحقيقات والمظاهرات ضده.

وترى الصحيفة أن نتنياهو ضيع فرصته التي كانت متوفرة في الماضي ليكون  إصلاحيا رئيسيا في الساحة الاجتماعية والاقتصادية، مع المشاريع التي يتمتع بها الجمهور اليوم، كان بوسع نتنياهو تغيير الوضع وإعداده لمواجهة تحديات السنوات المقبلة لكنه لم يفعل.

والسؤال الذي يشغل الرأي العام وتطرحه الصحيفة: في حال تنحى نتنياهو من سيكون الملك الجديد؟  حتى لو كان معظم المعلقين مقتنعين بأن الوريث سيأتي من صفوف الليكود، وأنه لا لابيد ولا آفي غاباي لديه فرصة واقعية للانتقال إلى بيت رئيس الوزراء في شارع بلفور، شيء واحد واضح: الملك الآخر، موسيز من المتوقع أن يفقد سلطته أيضا،  في هذه الجولة من معارك العصابات بين عائلة نتنياهو وعشيرة موزس، سوف يصاب كلاهما، وسوف تكون الاصابة أكثر شدة إذا اتهم الاثنان بالصفقة التي يجري الحديث عنها.

وتحذر الصحيفة أن الانتخابات العامة ستؤثر على أحد طرفي معادلة القوة فقط، فإذا كانت ستفرض تغيير نتنياهو وإزاحته، فإن موسيز قد لايتأثر وسيبقى قادرا على إملاء الخط التحريري وتحرير الصحيفةوفقا لمصالحه، حتى لو أدين، ولكن –تضيف الصحيفة- أن هذا السيناريو خيالي إذا اعتقده موسيز، فالمحررون والصحفيون ليسوا جنودا في منظمة إجرامية. يريدون أن يكونوا مستقلين وممارسة حكمهم. وتورط موسيز في لائحة اتهام جنائية سيعزز إلى حد كبير تصميمهم على أن يكونوا كذلك. حتى مع موسيز، مثل نتنياهو أو الأقطاب الآخرين، تأثير الخوف ذو أهمية كبيرة، وبمجرد أن كسر حالة الخوف، تتغير الأمور وأحيانا بسرعة كبيرة.

عندما يحدث فراغ في السلطة، عادة ما  يتم ملؤه بسرعة،  لكننا لسنا متأكدين –تقول الصحيفة الصهيونية-  من أنه بدلا من الملك الحكومي نتنياهو وملك الإعلام موسيز سيأتي ملوكا جديدا. في بعض الأحيان ملك جديد يحل محل السابق، ولكن في بعض الأحيان يتغير النظام بأكمله وينقسم التأثير الجديد بين كثيرين. من الناحية السياسية، من الواضح أنه سيكون رئيس وزراء آخر، ولكن من المشكوك فيه ما إذا كان سيحصل على سلطة شبيهة بسلطة نتنياهوو. و سيناريو رئيس الوزراء الذي يأخذ في الاعتبار العديد من القيود السياسية أمر معقول. على الجانب الإعلامي، ليس من الضروري إعادة تأهيل شخص له نفوذ على الجميع. و البيئة التي توجد فيها العديد من مراكز القوة المتساوية في قوتها ومنافسيها في السوق التجاري وفي سوق الرأي هي بديل محتمل.

وترى الصحيفة أن هذا السيناريو –المراكز المتعددة – هو  بديل جيد للجمهور. الجميع تقريبا سوف يستفيد منه. وسيستمتع السياسيون بعالم بدون صحيفة تحدد مصيرهم، دون الاعتماد على نتنياهو أو موسيز. القوائم السوداء والقوائم البيضاء من موسيز - كما وصفها إلداد يانيف - سوف تختفي. سوف ينقسم رجال الأعمال إلى اثنين. أولئك الذين كانوا على مقربة من موسيز سيخسرون: لم يعد لديهم  ميزة المدافع التلقائي التي تقوم بها يديعوت، والآخرون يحبون العالم الجديد.

على سبيل المثال، لن تتمكن شركة بيزك التي يسيطر على أسهمها  شاول إلوفيتز من وقف الإصلاحات في سوق الاتصالات. و اسحق تشوفا الذي تلقى دعما استثنائيا من نتانياهو في المناقشات حول الخطوط العريضة للغاز، لن يتحكم بعد ذلك بخلفه. والصحفيين؟ وسوف يرون العالم أكثر من أي وقت مضى من خلال منظور قرائهم - الجمهور الذي لا علاقة له بمراكز السلطة - وليس من خلال عيون المساهمين المسيطرين وأصدقائهم. ومع مرور الوقت، سيبدو الاقتصاد الإسرائيلي مختلفا.

وماذا لو كان المدعي العام ماندلبليت سوف يؤجل القرار حتى بعد الانتخابات أو يضع جميع الملفات على الرف؟ رغم ذلك حتى لو حدث هذا السيناريو فإن التغيير قادم لامحالة ولكنه سيكون أبطأ وأكثر تدرجا. ملف 2000 حول نتنياهو وموسيز كان انفجارا  والسؤال هو ما إذا كان هذا الانفجار صاخبا - أو مجرد صافرة تحذير سيذكرها الجمهور طويلا؟