Menu

إيهود باراك.. الكاذب

د.فايز رشيد

ثار جدل كبير في «إسرائيل» على مقالة كتبها إيهود باراك، رئيس الوزراء، وزير الدفاع، وقائد الجيش الصهيوني الأسبق. حاول البعض من الكتاب الصهاينة تقويله ما لم يقله، وإظهاره بأنه معارض للاستيطان، ومع حق الدولتين، ومع الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني. والمعروف عن هذا الرجل من خلال متابعة مسيرته العسكرية والسياسية، أنه يقف على يمين هرتزل، وجابوتنسكي، ومئير كهانا. غير أن الفارق بينه وبينهم، أنه مزدوج الشخصية لحسابات سياسية بحتة، فهو أحياناً يظهر كأنه يعشق «السلام»، لكنه في حقيقته من أشد الزعماء الصهاينة تنكراً لأي من حقوق الشعب الفلسطيني.

بدأت القضية عندما قاطع باراك احتفالاً أقامه المستوطنون الصهاينة بالتنسيق مع حكومتهم بزعامة نتنياهو في مستعمرة «غوش عصيون» قبل أسبوع، لما سمي ب«لذكرى الخمسين للعودة إلى أرض «إسرائيل»»، ويقصدون ما يعتبرونه «تحرير يهودا والسامرة في عام 1967».

يقول باراك في مقدمة مقالته «التحرير، مهّد ولادتنا كأمة، وكحاملي رسالة عالمية»، أي أنه يعتبر الضفة الغربية «يهودا والسامرة»، ويعتبر احتلالهما «تحريراً». أسأل من اتهمه بحب «السلام»؟ وبماذا يختلف عن مئير كهانا ونفتالي بينيت ومناحيم بيجن»؟ أما حقيقة مقاطعته للاحتفال فيعزوها للأسباب التالية:

أولاً: لأن الاحتفال في نظره هو «محاولة سياسية رخيصة لنسب إنجازات حرب الأيام الستة لليمين، وهو أمر لا علاقة له بالحقيقة والوقائع». معروف أن إيهود باراك هو من حزب العمل، المتهم زوراً وبهتاناً بأنه «حزب معارضة»، وأنه حزب يحسب على «يسار الوسط». ثانياً، يستطرد رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق فيقول «احتفال رسمي كان يجب أن يؤكد ما يوحد على ما هو متفق عليه، وليس على ما يفرق ويقسّم. احتفال رسمي كان يجب أن يظهر إسهام تيارات «الشعب» في إنجازات الاستيطان في يهودا والسامرة، وحتى الخلاف المشروع على الأهداف والوسائل». أي أنه مع الاستيطان، وكان يجب إظهار دوره في هذه العملية. 

ويستمر في شرح أسباب مقاطعته قائلاً: احتفال رسمي كان يجب أن يشير إلى أن مَن بنى الجيش «الإسرائيلي»، وقاد المعركة لتحرير أجزاء من «أرض إسرائيل» كان اسحق رابين، وحاييم بارليف، وموتي غور، وآخرون (يقصد «من هم «يساريون» من وجهة نظره)، ويستمر في مقالته على هذا المنول.

بالفعل، كان يجب أن يكون باراك ضيف الشرف في مؤتمر المستوطنين. إنه يستحق هذا الاحتفال الذي هو جدير به، كما أن المستوطنين جديرون به، وهو جدير بهم. هدف المقالة إزالة الظلم عما يعتقده أحزاب يسار. باراك احتج فقط من اجل رفع الإساءة عن الآخرين، أي الآباء المؤسسين لمشروع الاستيطان الصهيوني أعضاء حزبه وضباط الاحتلال الأوائل، حتى إنه طلب ضم عدد منهم، ومن أبنائهم، وأحفادهم إلى الاحتفال. 

في زمن باراك «السلامي» تم بناء 4958 وحدة سكنية في المستوطنات خلال عام واحد، وهو الذي أعلن عن عدم وجود شريك فلسطيني يصنع «السلام»، معه رغم أن الطرف الثاني هو الذي وقع اتفاقيات أوسلو المشؤومة. يستحق باراك احترام المستوطنين بأن يجلسوه على رؤوسهم. إنه مثل كل الصهاينة يرى في احتلال الضفة الغربية «عيداً» ل»إسرائيل». فأي رجل سلام هو؟ إنه على يمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش الذي اقترح برنامجاً من ثلاث نقاط للفلسطينيين، إما أن يعيشوا خانعين هادئين في ظل الاحتلال، وإما أن يتم تسفيرهم إلى الخارج، أو يتم قتلهم جميعا. باراك أطلق على احتلال 67 «بأنه تحرير».

ويحاول البعض من الفلسطينيين والعرب لوم الرئيس الراحل ياسر عرفات على عدم قبوله بمقترحات باراك حينها في واي ريفر. حقيقة الأمر أن هؤلاء لا يقرؤون ولم يقرؤوا ما بين سطور تلك المقترحات! كذلك.. وعند كل انتخابات تشريعية صهيونية يطلع علينا البعض بأسطوانة اليمين واليسار ، وأن نجاح «اليسار» هو الأفضل لنا ولقضيتنا. 

مثلما قلنا سابقاً: إيهود باراك وتسيبي ليفني محسوبان على اليسار. لقد جربهما شعبنا. إنهما صهيونيان حتى العظم. في دولة الاحتلال كل من يتواجد فيها من اليهود هم صهاينة، وغير الصهيوني هو من يخرج من «إسرائيل» إلى غير رجعة. إيهود باراك انتهازي وديماغوجي كبير.