Menu

غولدا مائير: نهاية لبؤة صهيونية

غولدا مائير مع مارغريت تاتشر

بوابة الهدف/ترجمة وتحرير: أحمد.م .جابر

صدر مؤخرا كتاب بعنون "نهاية لبؤة: غولدا مائير وأمة إسرائيل،" وهي سيرة ذاتية تاريخية جديدة أعدى أعداء الشعب الفلسطيني، مجرمة الحرب غولدا مائير التي شغلت منصب رابع رئيس وزراء لدولة العدو، و يناقش أثر حرب أكتوبر عام 1973 على مصير غولدا مائير. حيث يهدف الكتاب إلى إعادة تلميع غولدا مائير مع دراسة إخفاقاتها وإنجازاتها في آن معا.

يقول الكتاب أن عدة أجيال من "الإسرائيليين" تنظر إلى غولدا مائير على أنها القائد الذي تجاهل مؤشرات على أن الكيان على وشك أن يتعرض للهجوم على جبهتين، مما يؤدي إلى اضطرارهه لخوض حرب دفاعية، على عكس حروبه السابقة وستؤدي إلى نتائج مدمرة وخسائر فادحة.

ويشرح كيف أن غطرسة غولدا مائير وعنادها قاداها لتجاهل محاولات جس النبض من أجل "السلام" التي أرسلها الرئيس المصري أنور السادات، أو مناقشة التكاليف الكبيرة لإحتلال طويل للأراضي العربية عام 1967، وما جعلها أيا غير مكترثة لـمظالم اليهود الشرقيين في سياق الكيان الصهيوني ونقص الوعي تجاه النصف غير الأشكنازي من السكان ماقاد في النهاية إلى سقوط حركة العمل وممثليها السياسيين وصعود الليكود عام 1977.

مصير غولدا هذا يثير السخرية لأنه ليس هناك أي إنكار أنها تتحمل المسؤولية الأولى عن فشل قراءة تقارير الاستخبارات ا الذي أدى إلى مفاجأة حرب 1973، حيث فقد الكيان الصهيونيأكثر من  2500 جندي بالمقارنة مع 2200 إصابة في 1967 والاستنزاف حتى 1970 مجتمعة.

ومن الصحيح أيضا، مع ذلك، القول أن غولدا مائير كانت في الفترة التي سبقت الحرب تميل إلى شن هجوم وقائي، ولكن تم طمأنتها مرارا وتكرارا من قبل كبار المستشارين العسكريين وفي المقاو الأول وزير حربها موشيه دايان ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية إيلي زعيرا،  أنه على الرغم من المظاهر، لم يكن المصريون والسوريون على وشك شن حرب. وعلى الرغم من أن التاريخ لا يدين لها بأنها كانت على حق ولكن لايحملها جريرة ذلك.

بعد فترة وجيزة قرب بداية الحرب تقول كاتبة نص السيرة كلوغسبورن، إن غولدا فكرت في الانتحار وتزعم أن هناك أدلة على ذلك، في حين أن دايان المحارب الأكثر شهرة في الكيان الصهيوني فقد أعصابه وقال علنا إن "إسرئايل على وشك الإبادة"،  وتقول أن غولدا اتخذت قرارات أعنف حتى مما قد يخطر على خيالها.

كمثال على الإجراءات غير الاعتيادية أو القرارات الاستراتيجية التي كان على مائير اتخاذها ، ما حدث في السوم السادس للحرب، حول اتخاذ قرار بمواصلة الهجوم في الجولان والتوجه نحو دمشق أو تحويل الثقل الرئيسي إلى الجبهة المصرية.

تقول الكاتبة أن غولدا مائير اختارت عبور خط وقف النار القديم، والتوجه نحو دمشق، متذرعة أن نقل القوات إلى الجبهة المصرية سيحتاج أربعة أيام لن تكون متوفرة إذا قررت الأمم المتحدة وقف النار، ولكن وقف إطلاق النار لم يأتي إلا يوم 22 من أكتوبر، وكانت القوات الصهيونية قد أصبحت على مسافة 30 ميلا من دمشق، ونجحت في إحداث ثغرة الدفرسوار وحاصرت الجيش المصري الثالث.

وحين وضع تصرفات غولدا في سياق الأعراف السياسية التي كانت سائدة في تلك الحقبة. وبعد مقابلات مع نحو 150 من المعاصرين لها، ، فضلا عن غيرهم من الخبراء وفحص المواد الأرشيفية - بعض منها، بما في ذلك المراسلات الشخصية، وتفقد ما يبدو لأول مرة - أنها يمكن أن تجعل أحكامها ذات مصداقية لايمكن تجاهل كاتب سيرة آخر قال أنه لايمكن تصور شيء أقل إثارة للاهتمام وقصة غولدا مملة، ووصفها بأنها لبؤة هو مبالغ به ولكنه حل وسط في صورة معركة بفأس ذو حدين.

ولدت غولدا مائير في كييف، ثم عاشت في روسيا ، في عام 1898، وصلت مع عائلتها إلى ميلووكي، بعد ثماني سنوات. في 1915، كانت عضوا ملتزما في منظمة العمل الصهيونية ، و في عام 1921 كانت على رأس مجموعة من أصدقائها الذين سافروا إلى فلسطين الواقعة تحت الاحتلال البريطاني، ومن ضمنهم زوجها لاحقا  موريس ميرسون.

بالعودة إلى العلاقات مع السادات درس الكتاب المراسلات بين أنور السادات وغولدا مائير وهي مراسلات تقول المباحث المصرية أنها لم تكن مباشرة، ويتبين منها أن غولدا رفضت شروط السادات بالانسحاب غير المشروط من الأراضي المحتلة، ورغم ذلك يزعم الكتاب أنه عندما خرج المفاوضون الإسرائيليون والمصريون أخيرا إلى أول محادثات مباشرة  في نوفمبر 1973، في الكيلو 101 في صحراء سيناء، لم تكن هناك شروط مسبقة، على الرغم من أن المصريين أصبحوا الآن في وضع دبلوماسي متفوق. وبعد أربع سنوات، كان الجانبان في وضع يمكنها من تقديم التنازلات الضرورية لجعل محادثات السلام ممكنة وكان مفاجئا أن مائير التي فشلت في تحقيق السلام مع السادات جاءت لاستقباله بعد تقاعدها عندما وصل في زيارته الغريبة والمفاجئة والصادمة في آن معا إلى مطار بن غوريون، عام 1977.

ويقول إسحاق رابين في وثيقة تناولها الكتاب أننه سمع السادات يقول لغولدا "لسنوات عديدة رغبت في اللقاء بك" وترد غولدا " لماذا لم يحدث ذلك؟ "وكان جوابه:" لم يكن الوقت قد حان بعد "وقال انه لم يكن جاهزا قبل الحرب لعرض السلام" .يتناول الكتاب أيضا افتقار غولدا مائير للحساسية الاجتماعية في معالجتها لقضية الفهود السود والتمرد الشرقي، والتهم المتخشبة التي أطلقتها ضدهم .

أخيرا تجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب الذي تقف وراءه منظمة صهيونية تديرها حفيدة غولدا مائير يهدف إلى إعادة تلميع صورتها قبل حلول العام 2018 حيث سيحتفل الكيان الصهيوني بمرور 120 عام على ولادتها وأربعة عقود على موتها.