Menu

هل الإقليم مقبل على شتاء مختلف؟!

صورة تعبيرية

بقلم / محمد صوان

توالت على المنطقة في الأشهر القليلة الماضية, حزمة تطورات, من شأنها التأثير في التركيب البنيوي للنظام الإقليمي بمستوييه: البيني والداخلي.

لعل من أبرز تلك التطورات التي لعبت دور في تغيير وتيرة ووجهة مجريات الأحداث في المنطقة... وصول دونالد ترامب إلى مقعد الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية, فبالإضافة إلى الاختلاف الشاسع بينه وبين الرئيس السابق باراك أوباما, ويكفي للإشارة إلى عمق ذلك الاختلاف, أن فوزه في انتخابات الرئاسة اثار دهشة العالم, بما في ذلك أوساط الحزب الجمهوري الأمريكي نفسه, جديد ترامب يتجاوز الأفكار التقليدية للجمهوريين فهو يتبنى أفكار مشابهة, لكنه يختلف في أسلوب إدارته للعمل, وتعاطيه مع الملفات الشائكة, ومنهجه في تنفيذ قراراته, وهو يمكن وصفه بـ ((إدارة الدولة, كما لو كانت شركة)), حيث أن المحرك الأساسي هو حسابات الربح والخسارة بوجهها المادي المباشر.

وتتسم وتيرة العمل بالسرعة الصارمة, وبالتالي حصر عملية صنع القرار في دائرة ضيقة اختار ترامب أعضائها, وفق معايير شخصية, بغض النظر عن خلفياتهم السياسية أو المؤسسية.

لم يكتف ترامب بالانخراط في ملفات السياسة الخارجية, بل ذهب أبعد كثيراً بالعمل على تحريك المياه الراكدة, وربما إحداث نقلة نوعية, في الصراع العربي – الإسرائيلي, الذي يعد أهم وأقدم الصراعات الإقليمية بالمنطقة وأكثرها تعقيداً... رغم أن ملامح تلك النقلة لم تنضج تفصيلاً بعد, فإن ما يجري تداوله عنها. يشي بأن تسوية سياسية للقضية الفلسطينية, أي لب الصراع, يجري الإعداد لها بين مختلف الأطراف, وهنا يبرز أول ملامح تلك التحولات التي ربما يأتي بها هذا الشتاء, إنها (صفقة القرن) حسبما أصطلح عليها, حيث تفترض التوصل إلى حلول متزامنة لكل مفردات القضية الفلسطينية بتفاهمات فلسطينية – اسرائيلية, مدعومة بدور مصري خليجي, تحت رعاية وضمانة أمريكية.

بعد أن أخفقت محاولات التسوية السلمية السابقة, يبدو أن ( صفقة القرن ستعتمد حلولاً برغماتية, وترتيبات غير تقليدية, تخرج بها من الأطر التقليدية القديمة التي لم تفلح في إنهاء الصراع لأسباب عديدة، أبرزها الصلف والتعنت الاسرائيلي وعرقلته لأي تسوية تلزمه بالوفاء بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني إضافة لتمسك الفلسطيني بثوابت محددة،  خاصة فيما سميت بقضايا الحل النهائي( القدس حق العودة، الحدود، المياه، تفكيك الاستيطان) .

 بين ثنايا شتاء العام القادم أيضاً العزلة التي فرضتها بعض دول الخليج و مصر .

بحق دولة قطر واتهامها بممارسات مناوئة لمصالح الدول الأربع (السعودية، الامارات، البحرين، مصر) والتدخل السلبي في الأوضاع المتفجرة في بؤرالازمات بالمنطقة وتشير حدة الاجراءات المتخذة إلى أن الأمر لا يتعلق بأزمة عابرة خاصة أن تلك الأزمة لها خلفية تعود إلى ما قبل عامين للأسباب ذاتها تقريباً وتم تجاوز الخلاف بموجب تفاهمات ورهانات على تجاوب الدوحة وضبط موقفها على البوصلة المطلوبة.

في الملفات الأخرى والقضايا المثارة في المنطقة، لن تكون التطورات المنتظرة في الفترة القريبة المقبلة أقل سخونة وأهمية لكنها ربما لا تشهد  تحولات جذرية توقف تسلسلها الراهن فسواء في العراق أم سوريا واليمن و ليبيا ، قد تشهد الأوضاع هناك مزيداً من التصاعد في المواجهات المسلحة، والفوضى الامنية، بالتوازي مع تعثر مسارات التسوية السياسية، لكن تظل التطورات المفاجئة محتملة خاصة أن المنطقة تشهد بالفعل بوادر تحولات بنيوية في الصراع المزمن الرئيسي فيها، وتحولات أخرى لا تقل أهمية في إدارة الدول لعلاقاتها وسياساتها المتقاطعة. ومن المحتمل، بل المرجح، أن تتأثر   بهذا الجديد الاقليمي (صفقة القرن) كل أوضاع وقضايا المنطقة إذ لا يمكن الحديث عن صفقة إقليمية تفضي إلى تسوية للصراع العربي-الاسرائيلي بمعزل عن الملفات الساخنة الأخرى ووزن كل من الأطراف المعنية بما فيها (تركيا وإيران واسرائيل) في مستقبل المنطقة والاقليم. 

 لقد كان لافتاً اختيار الرئيس ترامب لأربع شخصيات صهيونية مقربة بشدة من البيت الأبيض، لذا أطلق على هذه المجموعة (الحلقة اليهودية العائلية) وهم : جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس للشرق الأوسط،  مسؤول إدارة ملف المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، ودافيد فريدمان، سفير الولايات المتحدة في اسرائيل، وكلاهما يقدم تقارير مباشرة لصهر الرئيس جاريد كوشنير. مستشار ترامب السياسي لمنطقة الشرق الأوسط ويضاف  اليهم، بشكل غير رسمي رونالد لودر، رئيس المؤتمر اليهودي العالمي (إيباك) الذي يمارس دوراً غير معلن بلقاءاته المستمرة مع قادة المنطقة والإقليم.