المُحقِق : لماذا اعتديت على المستوطن " موشيه " يا حاج سالم ؟ ألا تعلم بأن فعلك هذا جريمة ستعاقب عليها ؟
الحاج سالم : أنت تخلط الأمور وتعلم جيّداً بأن هذا لم يكن ليحدث لو انتفت أسباب وظروف ما تسميه الآن جريمة .
المحقق : وضّح أكثر ما تعنيه بقولك هذا .
الحاج سالم : تفهم جيّداً ما أعنيه ، ولكن لا بأس سأشرح لك كي تدوّنه بمحضرك إن أحببت ، إن وجودك هنا أنت وكل دولتك الورقية الكاذبة هو الجريمة ، لستم سوى لصوص ، ولا أظنّك يا حضرة المحقق تواجه لصّاً دخل ليسرق بيتك ويقتل عائلتك بالورد والنصائح .
المحقق : هذا مجرد كلام لا قيمة له ، القوة هي التي تحدد مصير كلانا يا حاج ، وهنا نحن الأقوى .
الحاج سالم : أنتم جهلة وحمقى ، مهما بلغتم من القوة ستبقى ناقصة ، القوة بدون ركائز التاريخ والجذور والإيمان بالحق تبقى أضعف من سلّة قش ، لو سألتك عن جذورك لقلت بأنك بولندي أو روسي وربما لا تعرفها أصلاً ، أما أنا خُلقت هنا منذ آلاف السنين ، من هذا التراب ، منذ بدء الخلق الأول ، أعرف كل شبرٍ بالبلاد ، أسماء الجبال والسهول والوديان ، اسم كل شجرة ونبتة ، وكل من سكنها من البشر والطير والحشرات والسباع ، كل شيء فيها يشبهنا أسماءً وملامح ، هذه قوتنا وفوقها فأس فلاح وزندُ شابٍ يعرفان حقّهما .
المحقق : كل هذا الكلام لا يفيدك الآن بشيء ، وقد تكون محظوظاً حين أصابت رصاصته ساقك بدلاً من رأسك ، لكن لا أظن الحظ سيخدمك في سجنك وأنت بهذا العمر .
الحاج سالم : على العكس تماماً لم أكن محظوظاً حين نجوْت ولكن لا بأس فقد بلغت السبعين ولم أحظَ كغيري بوسام شرفٍ كهذا ، والآن نلته ولو متأخّراً .
المحقق : هل أنت نادم على ما فعلته ؟
الحاج سالم : وهل يندم حرٌ على فعلٍ مبارك وذودٍ عن حِمَاه ! ما يؤسفني أن ضربة فأسي على رأسه لم تكن كافيةً لقتله .
المحقق : ستأكل ما تبقى من عظامك وسنين عمرك جدران السجن والزنازين إذاً .
الحاج سالم : أقضيها مرتاحاً مطمئناً بخاتمتي ، وواثقاً بستّة أبناء خلفي علّمتهم جيّداً كيف يحملون الفأس ويحرثون أرضهم وصدور كل معتدٍ .