Menu

حرق الطيار السوري عزّام عيد: الهدف حرق العقول والكفاءات!

نصّار إبراهيم

عزّام عيد

مؤلم ومفجع مشهد إحراق الطيار السوري عزام عيد يوم 30 تشرين ثاني 2017، كما كان مؤلما ومفجعا مشهد إحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة يوم 3 كانون ثاني 2015. 

لكن وبالرغم من هول مشاهد الحرق بالمعنى الإنساني والاجتماعي والأخلاقي، وبالرغم من التراجيديا المفجعة على الشخصي العائلي، وبعيدا عن الأسئلة التي يمكن إثارتها بخصوص هذا السلوك الوحشي من الناحية السيكولوجية، فإن من يدير ويخطط ويشغل ويوجه داعش وأخواتها ويدفعها للقيام بمثل هذه الممارسات الوحشية، ليس هدفه الأساسي إثارة الألم الشخصي، كما ليس هدفه حتى إحداث الصدمة والترويع للوعي العام، فهذه الأهداف على أهميتها تبقى ثانوية مقارنة بالهدف الأعمق والأشمل الأكثر خطورة.

حين نتابع هذا الحدث وسياقاته سندرك أن "اللعبة" أكثر عمقا مما يتخيل البعض.

"عندما سقطت بغداد نذكر جميعا كيف جاء كولن باول الى دمشق وبمجرد جلوسه أمام الرئيس الأسد على الكرسي مد يده الى جيبه وأخرج ورقة فيها قائمة مطالب مقتصبة كالأوامر .. وسلم للأسد قائمته الشهيرة أو شروط النجاة من الغضب الامريكي .. وكان مايلفت النظر فيها هو تضمنها طلبا بمنع استقبال الكفاءات العلمية العراقية .. ومنع تدفق النخب العراقية الى دمشق " (نارام سرجون 1 كانون أول 2017).

إذن الهدف هو تصفية واغتيال الكفاءات والعقول السورية والعراقية والعربية، وهو هدف دائم على جدول أعمال العدو، وهو هنا لا يمزح ولا يراهن ولا يغامر مطلقا.

وبالعودة للتاريخ ، لنتذكر عمليات الاغتيال المنهجية والمنظمة ضد أساتذة الجامعات وعلماء الذرة العراقيين بعد سقوط بغداد،.

ولنتذكر كيف تم قتل الطيارين السوريين السبعة في حمص عام 2011 وهم الذين لم يمض على عودتهم من دورتهم التدريبة على قيادة الطائرات الحديثة في حمص سوى بضعة أيام.

لنتذكر كيف قامت عصابات "الجيش الحر" بقطع رؤوس 8 ضباط وصف ضباط هم طاقم طائرة هيلوكبتر أسقطت في نيسان 2013 شمال بلدة معرة النعمان في محافظة إدلب، لنتذكر كيف قطعوا رأس الطيار السوري الذي اسقطت طيارته في إدلب في تشرين أول 2012 بمجرد وصوله الى الأرض.

لنتذكر المجزرة التي ارتكبتها داعش ضد مئات الطلاب في كلية سبايكر الجوية العراقية يوم 12 حزيران 2014، وذلك بعد سيطرة داعش على مدينة تكريت وبعد يوم واحد من سيطرتها على مدينة الموصل حيث تم أسر (2000-2200) طالب في القوة الجوية العراقية وقادوهم إلى القصور الرئاسية في تكريت، وقاموا بقتلهم هناك وفي مناطق أخرى رمياً بالرصاص ودفنوا بعض منهم وهم أحياء.

لنتذكر استهداف وسائل الدفاع الجوي والردارات السورية في محيط درعا وحول دمشق ووسط سورية.

لنتذكر حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة يوم 3 كانون ثاني 2015، وهو يقف في داخل قفص حديدي مغلق.

الفكرة أن من يدير داعش يعرف ما يريد، إنه لا يحيد عن هدفه في اغتيال وتدمير وحرق العقول والكفاءات العربية.

ذلك لأن العقول والكفاءات يجب أن تبقى حكرا على الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، وبالتالي فإن كل ما يشكل تهديدا حتى ولو بعد سنوات يجب تدميره وتصفيته بلا رحمة. 

لنتجاوز الانفعال وردود الفعل العاطفية، لنتجاوز الفجيعة والألم، ولنذهب لما بعد ذلك، لعل البعض يصحو من المقاربات الساذجة.

إنهم يخططون ويشغلون ويصدرون الأوامر ويتابعون التنفيذ ، وبعدها يستنكرون، والكثيرون يصدقون.

الهدف هو بقاء السماء حكرا على إسرائيل لكي تحافظ على تفوقها الاستراتيجي. 

لكل هذا يجب تجاوز الألم والفجيعة، فما دام الهدف هو تدمير العقول والكفاءات، ليكن الرد بحمايتها وحراستها بحبة العين.