Menu

محاولات شطب «الأونروا»

د.فايز رشيد

كان نتنياهو واضحاً في تصريحه منذ أسبوع، بأنه يجب إلغاء «الأونروا» نهائياً وإلى الأبد! جاء ذلك بعد تخفيض الولايات المتحدة التزاماتها المالية السنوية تجاه الوكالة المعنية بشؤون اللاجئين الفلسطينيين. 

نعم، إنها مؤامرة قديمة جديدة متعددة الأطراف لشطب «الأونروا» كعنوان قائم للجوء الفلسطيني. ذلك بدأ منذ إقامة دويلة الاحتلال قسراً في عام 1948 ولجوئها إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم ووطنهم، ومن ثم تشكيل هذه الوكالة الدولية. 

بداية حري التوضيح: أن الأمم المتحدة لم تجعل اللاجئين الفلسطينيين من ضمن رعاية ومسؤولية هيئاتها الدولية للاجئين، وإنما أنشأت وكالة مسؤولة عن تقديم المساعدات الحياتية لهم! الفرق كبير بين الحالتين بين الهيئة والوكالة ... فالأولى تعني: مسؤولية الأمم المتحدة عن إعادة اللاجئين إلى أوطانهم الأصلية، وتقديم مساعدات لهم وصرف مستحقات مادية لهم حتى إعادتهم. بينما في الثانية/الوكالة، فإن المساعدات الحياتية للاجئين الفلسطينيين مرهونة بتبرع الدول! ولذلك في ميزانية الأونروا للعام الحالي والبالغة ما يقارب ال700 مليون دولار ميزانية خاصة بالوكالة ولا تدخل في ميزانية الأمم المتحدة. الهيئة مسؤولة بالمعنيين مادياً ومعنوياً وسياسياً وأخلاقياً عن إعادة لاجئيها، بينما الوكالة غير مسؤولة عن ذلك! هذه كانت بداية المؤامرة!

منذ إنشاء وكالة الغوث/ الأونروا وهي تعاني نقصاً متطوراً في ميزانيتها! هذا هو أحد جانبي الصورة، أما الجانب الثاني فهو المحاولات السياسية لشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين من القاموس السياسي العالمي، إضافة إلى مشاريع التوطين «الإسرائيلية» والأمريكية والأوروبية ومشاريع للأمم المتحدة وعددها جميعاً 74 مشروعاً حتى اللحظة! تصوروا فكلها تهدف إلى شطب حق العودة. تماماً مثل منع فلسطينيي الشتات من اللاجئين من العمل في العديد من المهن، والتعقيدات المختلفة التي توضع أمام حركة سفر الفلسطينيين وحقوقهم الإنسانية، وتسهيل السفارات الأجنبية لهجرتهم، والطرح «الإسرائيلي» الجديد لما يسمى ب«حقوق اللاجئين اليهود في الدول العربية» الذين هاجروا بإيعاز وضغط من دويلة ««إسرائيل»». كل ذلك يصب في مجرى المؤامرة المُستهدفة أولاً وأخيراً لإنهاء حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة!

منذ بضع سنوات، توجه 30 سيناتوراً من مجلس الشيوخ الأمريكي بمشروع قرار يطلب من وزارة الخارجية الأمريكية تحديد مفهوم جديد للاجئ الفلسطيني يقتصر على من هُجّر من أرضه عام 1948، ولا يشمل القانون أبناءه وأحفاده ممن ولدوا خارج فلسطين! مع العلم أن ما يقارب 85% من أولئك المهجّرين توفاهم الله بسبب كبر السن. 
من جانب آخر، وبرغم مناشدة الدول العربية في عامي 1948و1949 الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل إنشاء هيئة دولية لحماية اللاجئين الفلسطينيين وتقديم الخدمات الحياتية لهم وتشغيلهم حتى إتمام عودتهم إلى وطنهم قررت الأمم المتحدة وبتدخل أمريكي أوروبي حينها أن يقتصر الاسم على وكالة «إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» فقط! دون حمايتهم (والحماية تعني فيما تعنيه تحمل مسؤولية إعادة اللاجئين إلى أوطانهم..فهكذا تتعامل الأمم المتحدة من خلال الوكالة الدولية للاجئين مع لاجئي الدول الأخرى في العالم أجمع - ولم تُعطِ هذا الحق للفلسطينيين) واليوم تأتي الحلقة الثانية من المؤامرة بتصفية الخدمات التي تقدمها الأونروا للاجئين وصولاً إلى تصفيتها نهائياً من أجل إلغاء حق العودة لهم ووصولاً إلى إلغاء كلمة «لاجئ» فلسطيني من القاموس السياسي للأمم المتحدة.