Menu

للفلسطيني الذل والمعاناة فى المطارات العربية

تعبيرية

عبد الرحمن الجبور / فيسبوك

وللفلسطيني الذل والمعاناة في المطارات العربية هذه المرة لبنان...

اسمي عنان أبو سرية, أحمل الجنسية الرومانية و أستخدم جوازا رومانيا, لكني ولدت في غزة. حضرت إلى بيروت, و لأول مرة, يوم الأحد الفائت لحضور ملتقى التضامن مع الشعب الفلسطيني إلا أن الأمن اللبناني لم يسمح لي بدخول الأراضي اللبنانية و قام باحتجازي لديه لمدة لا تقل عن 12 ساعة, منعني خلالها من التواصل مع أي أحد بما في ذلك السفارة الرومانية, أو من الاستعانة بمحامي بالرغم من مطالبتي بكل ذلك, ليقوم بعدها بترحيلي إلى أوروبا و اصدار قرار بحظري من زيارة لبنان نهائيا دون أن يبرر أيا من ذلك كتابيا أو شفهيا بنصوص قانونية.

ناولت جوازي أحد موظفي مراقبة جوازات السفر المخصصة للأجانب و بادرته التحية باللغة العربية, ليبادرني هو بالسؤال عن مصدر معرفتي بها (العربية), و أجبته بأنني فلسطينية الأصل فطالبني بأوراقي الفلسطينية. شرحت للموظف أنني لا أستخدم غير أوراقي الرومانية و أنني لا أملك من فلسطين غير شهادة ميلاد بالعبرية, من غزة, لم تكن في حوزتي, غير أنه بقي مصرا على استجوابي حول أوراق فلسطينية لا أملكها, متحدثا بلهجة فيها شيء من الاستعلاء و العدوانية لم أعهدهما في مطار آخر. في النهاية, أجبت بنفاذ صبر "أنا مواطنة رومانية, و هذا جوازي الروماني لديك, أترى فيه أي مشكلة؟" و بدا لي أن قولي ذاك هز حس ال"بارانويا" لديه, إذ رمى بالجواز باشمئزاز قائلا "مرفوض, اذهبي إلى الضابط".

تم استجوابي في مكتب الضابط و طلبت مني شهادة ميلادي الغزية و لو بصيغة صورة الكترونية, غير أني لم أستطع توفيرها حينها. أخبرني الضابط بأن فلسطينيين آخرين ووجهوا بالرفض لأن الكيان ختم جوازاتهم و أن القانون يقتضي ذلك, ردا على استنكاري لاحتجازهم اياي لكوني فلسطينية. بعد حوالي نصف ساعة, دخل أحد موظفي تفتيش الجوازات مع سيدة أجنبية إلى مكتب الضابط ليأخذ نسخة صورية عن جوازها, و في حضور الضابط و حضور آخرين سألها "هل زرت إسرائيل مسبقا؟" فأنكرت بقلق ليطمئنها ضاحكا ب"بلا, فعلت, لكن لا تقلقي" و ناولها جوازها متمنيا لها إقامة طيبة.

طلبت بعد ذلك أن تتاح لي فرصة استعمال الهاتف لطلب صورة عن الورقة المطلوبة فقيل لي أن ذلك ممكن و أن علي أن أنتظر قليلا, لكن ذلك لم يحدث أبدا, إذ تم اقتيادي لاحقا مع آخرين الى طابق علوي, و بقيت أطرح الأسئلة عن وجهتنا و عما هم فاعلون ازائي فلم أجب, و حين طلبت من أحد المرافقين من الأمن العام عنوان البريد الالكتروني الذي بامكاني ارسال شهادة ميلادي اليه متى صار الأمر متاحا, بدأ يغني و يتراقص دون اكتراث.

في الأعلى, طلبت مني ملازمة غرفة باردة حتى ينادوني, و أدركت لاحقا بأن المكان معد لمن يصدر قرار الترحيل بحقهم, و أنني حبيسة و لا سبيل لدي للمغادرة, و كان المكان معزولا تماما فلم تكن أي من وسائل الاتصال متاحة. رفضت كل مطالبي مباشرة أو بعد مماطلة بالتواصل مع سفارة رومانيا في بيروت و الاستعانة بمحامي و اصدار وثيقة مكتوبة توضح أسباب منعي من الدخول إلى لبنان و احتجازي ثم ترحيلي أو نصا قانونيا يبرر ذلك كله. أمضيت في ذلك المكان مدة 12 ساعة بين متهمين بشتى أنواع الخروقات القانونية, لم يقدم لي خلالها كأس ماء, فاشتريته.

لدى تواصل منظمي المؤتمر مع الأمن قبل سويعات من ترحيلي إلى اسطنبول, ادعى الأخير أنه ظن بأن جواز سفري حمل أختاما اسرائيلية. ظن! و لكنه لم يتراجع عن قرار الترحيل في كل الأحوال.

تم ترحيلي الساعة الثالثة صباحا, و تلقفتني الجهات الأمنية في مطارات البلدان كما لو كنت مجرمة خطيرة, و لدى وصولي إلى دبلن حيث بدأت رحلتي الأولى سلمتني شركة الطيران وثيقة أصدرها الأمن اللبناني و تنص على منعي من دخول لبنان بعد الآن. تواصلت مع القنصل الروماني في بيروت ليخبرني بأن السفارة لم تخطر رسميا بخصوص اجراءات اضافية فيما يتعلق بمواطنيها ذوي الأصول الفلسطينية لدى زيارتهم للبنان, و لكن الأمن العام يبرر تصرفه بوجود قانون يمنع هؤلاء من دخول الأراضي اللبنانية دون إذن مسبق و تأشيرة خاصة. لدى مهاتفتي للسفارة اللبنانية في رومانيا نفت الأخيرة معرفتها بوجود هكذا قانون, لكنها عجزت عن توضيح أسباب منعي من دخول

منقول/ ريهام المقادمة