Menu

الغزو الأمريكي البريطاني للعراق

تعبيرية

في مثل هذا اليوم، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبواسطة تحالف دولي شكلتاه، حربًا واسعة على العراق، وذلك في 20 مارس/آذار 2003 وحتى 18 ديسمبر/كانون الأول 2011 بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل، مما أدى لإسقاط نظام الرئيس صدام حسين، وخسائر بشرية قُدرت بمليون شهيد ومصاب وملايين المشردين، وخسائر مادية للطرفين تقدر بتريليونات الدولارات، وانزلاق البلاد في عنف طائفي بلغ ذروته خلال 2006-2007.

الأهداف والتحضيرات

وسبق الحرب سنواتٌ طويلة من الحصار الذي فرضته الولايات المتحدة على العراق وفرض العقوبات عليه، وقد عانى العراقيون الأمرّين من هذه العقوبات التي حرمتهم من الغذاء والدواء، فضلاً عن كل وسائل التقدم والتكنولوجيا التي وصل إليها العالم في حقبة التسعينات من القرن الماضي، مما أدى إلى وفاة مليون ونصف مليون طفل نتيجة الجوع ونقص الدواء الحاد وافتقادهم إلى ابسط وسائل الحياة.

استمرّ هذا الحصار قرابة 13 عام، حتى بدء الاحتلال الأمريكي، وعانى فيها العراق من عزلة شديدة من معظم دول العالم سياسياً ودبلوماسياً واقتصادياً.

في يوم 4 سبتمبر/أيلول 2002؛ قالت شبكة تلفزيون "سي بي أس" (CBS) الإخبارية الأميركية إنها حصلت على وثائق تظهر أن قرار غزو العراق اتخذه وزير الدفاع الأميركي آنذاك دونالد رمسفيلد بعد ساعة من وقوع هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على واشنطن ونيويورك.

ورغم ذريعة أسلحة الدمار الشامل المعلنة فإن أسبابا أخرى مختلفة (سياسية واقتصادية وحتى حضارية) ظلت قيد التناول في وسائل الإعلام العالمية وأروقة السياسة الدولية، وأصبح بعضها أكثر إقناعا للمراقبين انطلاقا من سير الأحداث ومآلات الحرب وتكشف أسرار تحضيراتها.

وفي طليعة تلك الأسباب تحمس الحكومتين الأميركية والبريطانية لوضع اليد على ثروة العراق النفطية الهائلة، فقد تحدثت تقارير عديدة عن التحريض على غزو العراق من طرف مسؤولي شركات نفط أميركية كبيرة، من بينها مثلا مجموعة هاليبيرتون النفطية التي كان ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي آنذاك يتولى إدارتها حتى عام 2000.

حصيلة إجمالية

استمرت عمليات الغزو -الذي أطلقت عليه واشنطن ولندن "عملية الحرية من أجل العراق"- من بدايته وحتى احتلال بغداد 19 يومًا، واجهت فيها القوات الغازية مقاومة من الجيش العراقي الذي كان يقاتل دون غطاء جوي.

أما الفترة الواقعة بين لحظة سقوط العاصمة بغداد وحتى نهاية ديسمبر/كانون الأول 2007 فقد بلغ فيها عدد العمليات العسكرية الأميركية بالعراق ما يناهز 569 عملية عسكرية، تتفاوت المحافظات والمناطق العراقية في كثافتها فيها، حيث تأتي بغداد أولا ثم محافظة الأنبار ثم بقية المحافظات، ونُفذ 35% منها في عام 2007 وحده.

وقد وصل عدد الجنود الأميركيين في العراق ذروته عام 2007 بانتشار 170 ألف جندي لـ"توفير" الأمن ومواجهة عمليات المقاومة العراقية المسلحة، ثم بقي حوالي خمسين ألفا منهم لدى انتهاء العمليات القتالية في أغسطس/آب 2010.

دام وجود قوات الاحتلال في العراق حوالي تسع سنوات سادت فيها مختلف مظاهر الفوضى والدمار، لكن القوات الأميركية وحلفاءها تلقوا أيضا خسائر فادحة في الأرواح (قُتل لأميركا 4500 جندي وأصيب نحو 30 ألفا آخرين بينما قتل 179 جنديا بريطانيا فقط) والممتلكات، بسبب العمليات العسكرية لفصائل المقاومة العراقية.

وتتفاوت التقديرات للعدد الإجمالي لشهداء الغزو من العراقيين تبعا لجهة صدورها؛ فقد أفادت دراسة أعدها معهد الاستطلاعات البريطاني في صيف عام 2007 بأن عدد شهداء الغزو من العراقيين بلغ حتى ذلك التاريخ حوالي مليون شخص، من أصل 26 مليونا هم سكان العراق. وكان تقرير للمجلة العلمية البريطانية "ذي لانسيت" صدر في أكتوبر/تشرين الأول 2006 قدر عددهم بما لا يقل عن 655 ألف شهيد.

وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 2011، أعلنت الولايات المتحدة أن جيشها أكمل انسحابه من العراق ذلك اليوم، وأن الانسحاب جاء تطبيقا للاتفاقية الأمنية الموقعة مع حكومة بغداد عام 2008، وبعد أن رفضت الأخيرة منح آلاف الجنود الأميركيين حصانة قانونية. وكانت بريطانيا بدأت سحب قواتها من جنوبي العراق مطلع أبريل/نيسان 2009 وأكملته بشكل نهائي يوم 22 مايو/أيار 2011.