Menu

غزة بين التشاؤم والتشاؤل

حسين الجمل

بين التشاؤم والتشاؤل يفعل فعله التعبير اللغوي الأكثر وضوحاً واقتراباً من الحقيقة، فلو خضنا بالتفاصيل نرى بأن الأوضاع في غزة البيئة الغزاوية مدعاة للتشاؤم بعلامات واضحة، طالت كل مناحي الحياة ومختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية وأمثلة ذلك لا تعد ولا تحصى. مشاكل البطالة الكهرباء المياه البنى التحتية الرواتب.00الخ.

  هذا هو: ولكن لم نقف عند حد التشاؤم ولن نكتفي بذلك، فدوماً كان هناك شيء مطلوب لابد أن نعمله.

ألسنة الناس أقلام الحق، قال المثل الشعبي: لم يقل المثل الشعبي، ألسنة السياسيين وأصحاب المناصب والكراسي، ليس إنكارًا للصادقين منّهم ولكنّ هذا ما ورد في الأمثال الشعبية، كان هذا جوابًا على سؤال افتراضي0 مفاده أن غزّة متفائلة ولماذا غزة؟!. غزة لأنها العصية على الكسر ولأنها من امتلك الشعار المحبب لكل الفلسطينيين نعم للجوع وألف لا للركوع. غزة لأنها تكثف الشعب الفلسطيني في الضفة والشتات وقضيته العادلة، غزة لأنها عنوان وستبقى عنوان وهوية الهوية الفلسطينية غزة التي لم تحمل يومًا بطاقة هوية أو جواز سفر إلاّ الفلسطيني منها وأخيراً لأنها الإبداع الشعبي المقاتل من الحجر إلى الطائرات الحارقة.مقاليع النّار التي تحرق وعي الأعداء كل الأعداء الذين يسعون لكي الوعي الفلسطيني.

خلال اجتماع المجلس المركزي الأخير في الرابع عشر من كانون ثاني يناير الماضي، كان لخطاب الرئيس أبو مازن وقع الصدمة على جماهير غزة بتهديده بإجراءات عقابية جديدة والشعار المقيت ورفضه شعار(أما تشيلوا أو بنشيل) وكأن غزة في مزاد سلطوي. وبالفعل تفاقمت مشكلة الرواتب وغيرها وبدأ الحديث يدور عن تحديد مهلة زمنية محددة لتسليم غزة وتمكين الحكومة، وإلا ستقطع كافة الإمدادات الفترة المقبلة واحتمالية إعلانهاإقليم متمرد.

سبق كل ذلك تفجير موكب رئيس الوزراء خلال زيارته لغزة وتداعيات ذلك وتصاعد حدة الخلاف والاتهامات وتحميل المسؤوليات وتراجع وتيرة المصالحة إلى مربع الصفر.مما حدا لتدخل مصري على أعلى المستويات لإنقاذ الموقف. وعليه تصل الأمور إلى أعلى درجات التشاؤم لدى العامة وذهول وتخبط لدى السياسيين.

في الثلاثين من مارس، كانت ردة الفعل الطبيعية على القهر والغبن والظلم ليس فقط الاجتماعي بل الوطني، كان لغزة كلمتها وإجراءاتها التي فاجأت كل من له مساهمة مباشرة أو مستترة في محاولة شيطنة غزة وتركيعها،  كان لغزة ردها الذي فاجأ كل الحواسيب والعقول الذكية الإلكترونية منها والبشرية، عشرات الآلاف يتوجهون إلى مواقع الاحتلال المتسترة خلف الأسلاك الشائكة والسواتر الترابية شرق غزة ب فلسطين المحتلة، ولسان حالهم يقول سيروا فلن تخسروا سوآ القيد والجوع والعتمة، وقد كان لهذا الفعل المقاوم الإبداعي المستمر صدى تجاوز القضايا المطلبية.

في الأول من إبريل الماضي، كان لخطاب الرئيس أبو مازن خلال انعقاد المجلس الوطني برام الله أثراً إيجابياً وكان مدعاة للتفاؤل، خاصة أنه جاء بعد تصريحات متواترة لمسؤولين رفيعي المستوى في السلطة مفادها أن القريب العاجل سيشهد انفراجة لغزة، تشمل إعادة صرف الرواتب وحل الكثير من الإشكاليات، وقد كانت كلمة الرئيس أبو مازن خلال الجلسة النهائية للمجلس تتويجًا لكل هذه الأجواء التفاؤلية مفادها أن القريب العاجل سيشهد انفراجه لغزه، تشمل إنهاء الإجراءات العقابية على غزة وستصرف الرواتب غدًا.

 البعض اعتبر غدًا يصادف الجمعة والذي اعتبر نفسه أكثر دقة وفطّنة اعتبر غدا السبت لأن الرئيس أعلن ذلك بعد الساعة الواحدة فجرًا على كل حال لا هذا ولا ذاك، لم تصرف الرواتب مما دفع بالقيادي زكريا الأغا إلى إعلاء الصوت مطالب بإظهار الحقيقة ووقف الاستهتار، بالطبع الكلام موجه لوزارة المالية، وعليه أصبح المظهر العام أقرب إلى التشاؤل منه إلى التفاؤل، وما بين التشاؤم والتشاؤل ننتظر المنتظر الذي يغلب أحدهما على الآخروالذي لن يأتي من السماء بواسطة براشوت. السؤال إلى متى وما العمل ولوين رايحين؟ هذا السؤال الذي يؤرق الجميع ولا تجد إجابه شافيه من أحد حتى لو كانت هذه الإجابة مؤلمة؛فالجميع يستقبل مثل الجوال اللي خلص رصيده .

كبار المسؤولين في الفصائل لا يمتلكون جوابًا شافيًا لما يجرى؛ ولكن ما هو أكيدأن هناك عدوانًا حربًا ناعمة مستمرة تقودها دوائر معادية تستهدف المس بالكرامة والهوية الفلسطينية، وإلا ما يعني استمرار الحصار وإغلاق المعابر والإجراءات العقابية على غزة؟.

أما التشاؤل وهو مصطلح جديد اللغة يعيدنا بالذاكرة إلى الروائي والكاتب إميل حبيبي، الذي صور في روايته سعيد أبو النحس المتشائل باختصار " المتشائل" صور حياة الفلسطينيين إبان النكبة خلال فترة وقوعهم تحت طائلة الحكم العسكري الإسرائيلي، حيث صور أوضاع الفلسطينيين الذين تمسكوا بالبقاء في مدنهم وقراهم الفلسطينية، عرفها بالتشاؤل وهى الحالة القائمة بين التفاؤل والتشاؤم، وفي الإجابة على السؤال لماذا التشاؤل؟.

للحكاية بداية منذ أوائل ابريل 2017، أصدر الرئيس أبو مازن قراره بفرض إجراءات عقابية على غزة بدعوى الضغط على حركة حماس ، كي تتنحى عن حكمها لغزة لصالح السلطة برئاسته، وقد شملت هذه الإجراءات العقابية تخفيض كمية الكهرباء التي تصل إلى غزة من إسرائيل وخصم مبالغ وصلت من30% الى 40% من قيمة الراتب، وغيرها من التقليصات حتى وصلت الأمور إلى حافة الانفجار ومستوى إنساني كارثي، كي تبدأ تحركات أوروبية وإقليمية تطالب بإنهاء هذه العقوبات. ويعاد الطلب من الجانب الإسرائيلي بزيادة كمية الكهرباء لغزة إلا أن الأمور الحياتية تفاقمت من سيئ إلى أسوء ومرجأة فصائلية عامة، باستثناء استخدام سلاح البيانات النارية والظهور على الفضائيات التي تحذر من تداعيات عدم معالجة هذه الأزمة.

المؤسسات والهيئات الحقوقية شحذت الهمم وقالت رأيها في العقوبات، والتي كان أبرزها اعتبار العقوبات جرائم قانونية ترتكب بحق جماهير غزة.

السؤال ماذا يعني تواتر التصريحات المختلفة عن انفراجه قريبة على غزة، ماذا يعني إغلاق المعابر واستمرار الحصار والإجراءات العقابية على غزة، وحين تصل الأزمة إلى حد الانفجار نفاجأ بموقف ومطالبات محلية وعالمية برفع الحصار ووقف الإجراءات العقابية، وعقد المؤتمرات  من أجل غزة في واشنطن وبروكسل وغيرها. وحضور دولة الاحتلال ودعوتها لتقديم الدعم إلى غزة. من الذي يكرس الحصار أليس هذه الدوائر! وبشكل مفاجئ تتوارد التصريحات من عدة جهات والتي تبشر بانفراجه على غزة، ¬¬¬أليس هناك فرق كبير بين خطاب الرئيس في المجلس المركزي والأخير في المجلس الوطني، وتحديدًا تجاه غزة ؟ ما الذي يجرى؟ قادم الأيام القريبة ستظهر وتبين ذلك.