Menu

ليلى الفلسطينية!

د.فايز رشيد

لم تكبر الطفلة ليلى غندور ابنة الثامنة، بحيث تصبح صبية يندرج اسمها مع ليلى العامرية أو أية ليلى أخرى في عالم انتهى فيه الحب والجنون والعذرية، ليلى الفلسطينية لم تحتمل الغاز السام وفارقت الحياة، ولم يكن بيدها الصغيرة حجر أو حتى مبرد للأظافر، وحملها أهلها في تلك الظهيرة السوداء؛ احتجاجاً وشجباً لقرار أمريكي فتح أبواب الجحيم على مصاريعها.

وحين شاهد العالم جنازتها التي مشى فيها البالغون فقط، وكان يجب أن يمشي فيها ملايين الأطفال من هذا العالم، لم يبق أب أو أم لم يصب بالقشعريرة، فالاستباحة شملت الطفولة كلها، ومن يقتل طفلاً كمن حكم بالإعدام خنقاً على كل الأطفال.

ستكون لليلى الفلسطينية لا العامرية هذه المرة، حكاية أخرى، ليست من عالم العذريين وأشعارهم؛ بل من عالم بات مهدداً بانتزاع الآدمية، وتحويل المهد إلى تابوت في أقل من دقيقة، ولم تكن ليلى هي الأولى في هذه الدراما، سبقتها أخريات من الشهيدات الصغيرات سناً، والكبيرات بمقياس آخر لا علاقة له بشهادة الميلاد!

أذكر أن شاعراً أمريكياً هو روبرت فروست، الذي كان مقرباً من البيت الأبيض في عهد الرئيس جون كينيدي، كتب قصيدة عن جنازة طفل، وكان سبب موته شيئاً آخر غير الغاز السام الذي يطلقه الاحتلال، وقال إن أسوأ ما يفعله الكبار والبالغون هو نسيان مشهد ذلك الطفل، ثم الانصراف لاحتضان أطفالهم الأحياء.

وحين سئل جان بول سارتر ذات يوم بعد صدور روايته الشهيرة «الغثيان» عن أهميتها، قال على الفور إنها لا تساوي موت طفل! وتكرر المشهد في رواية «الطاعون» لألبير كامو، حين صاح القسيس وهو يحتضن طفلاً مات واستغرق في البكاء وغادر المكان!

ليلى الفلسطينية وبمعنى أدق العربية، هي الاسم المستعار لكل أطفال العالم، إنها فضيحة أخلافية وانتهاك علني لمستقبل البشرية!!