"ماذا أقول لأطفالي حينما يروني أُودع في السجن لعدم قدرتي على الإيفاء بسداد الأقساط المستحقة للبنك، ثمنًا للشقة التي أعيش بها؟" هكذا افتتح شادي أبو خاطر حديثه لـ"بوابة الهدف"، وهو أحد الموظفين في "الأونروا"، الذين تلقوا إشعارات بالفصل قبل نحو شهر من الآن، من قبل إدارة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".
تظهر علامات الكرب والهم على ملامح أبو خاطر (34 عامًا)، المُتواجد في خيمة اعتصام موظفي "أونروا" المفصولين وغيرهم من المُهددين بالفصل، المُقامة بجانب بوابة مكتب غزة الإقليمي لإدارة "أونروا"، بعد استئناف اعتصام هؤلاء الموظفين أمس الأحد، بعد تعليقه منذ 4 أيام، وذلك بعد عدم إبداء إدارة "أونروا" أي نية للتعامل مع المقترحات المطروحة للحل في ملف هؤلاء الموظفين وإبقاءها على إقرارها فصل نحو 1000 موظف يعمل لديها على مراحل مختلفة، أو العمل بنظام جزئي.
"لا يوجد شيء سوى الوظيفة في قطاع غزة"، يقول أبو خاطر لمراسل "بوابة الهدف"، "فالمسألة حياة أو موت، بالنسبة لمن هو مثلي، أعيل أسرتي وعدد من إخواني وأقربائي، إضافة لما نسبته 60% من راتبي الشهري لأقساط الشقة".
ويعمل أبو خاطر في برنامج الصحة النفسية في "أونروا"، الذي يجري إغلاقه عبر فصل الموظفين العاملين به البالغ عددهم نحو 435 موظف، ويقدم البرنامج خدماته لعشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، وذلك للأطفال عبر مدارس الأونروا وللاجئين الآخرين من ذوي الحاجة، من خلال المراكز الصحية التابعة لها، في ظل احتياج مجتمعي شديد لخدمات البرنامج، خلفته المعاناة من ويلات الحروب والحصار والفقر.
وتلقي الأزمة بظلالها على الحياة اليومية والاجتماعية للموظفين المعتصمين، من خلال المشاركة في الفعاليات المناهضة لقرار الفصل التعسفي، وفقًا لأبو خاطر، عدا عن الضغط النفسي والمتاعب التي تعصف بهم جراء الوضع الذي أحاط بهم وفقدانهم لمصدر رزقهم الوحيد، حيث لا بدائل ولا اقتصاد قوي من الممكن التعويض من خلاله عن خسارة هذه الوظيفة.
أما المرشدة النفسية هدى أبو جزر، التي تعمل في مدرسة بنات معا الابتدائية للبنات في محافظة خانيونس، ضمن نفس البرنامج، فقالت لمراسل "بوابة الهدف" خلال مشاركتها في الاعتصام اليوم الاثنين، أنها المُعيل الوحيد لأسرتها، وذلك منذ تعاقدها في "أونروا" قبل نحو 13 عامًا.
وتلقت أبو جزر إشعار الفصل بصدمة بالغة، فوظيفتها في "أونروا" تمثل المصدر الوحيد للإنفاق على عدد من الأُسر في عائلتها، عدا عن مساهمتها في سد احتياجات العديد من محيطها، نتيجة انتشار البطالة وانعدام فرص العمل، وبقرار الفصل لم تدرِ بعد كيف ستتدبر أمر الاحتياجات الضرورية لها ولذويها.
وكان اتحاد الموظفين العرب في "أونروا" عرض مقترحًا يقضي بتمديد عمل الموظفين الذين ينتهي عملهم نهاية الشهر الجاري، لمدة شهر، لحين استكمال الحوار والمفاوضات لحل الأزمة، عدا عن تدخل العديد من الوسطاء شعبيًا وفصائليًا، في حين كشف أمس الأحد أن إدارة الوكالة شرعت بإيقاف الحوار معهم في الفترة التي سبقت إجازة عيد الأضحى الأخيرة.
وأشار في بيانٍ له أنه أرجأ الإعلان عن سلسلة من الإجراءات النقابية إلى الأربعاء المُقبل، تماشيًا مع رغبة "الوسطاء ولتفويت كل الفرص على إدارة أونروا".
وقالت د. آمال البطش، نائب رئيس اتحاد الموظفين العرب في "أونروا"، في اتصال هاتفي مع "بوابة الهدف"، إن إجراءات إدارة الأونروا بحق الموظفين المفصولين وغيرهم المهددين بالفصل، تتساوق مع إجراءات الدول المتآمرة على الأونروا وقضية اللاجئين الفلسطينيين.
ونددت البطش بأن يكون الموظف في "أونروا" هو أول من يدفع ثمن الأزمة الناتجة عن مؤامرة سياسية واضحة المعالم، لإنهاء ملف اللاجئين الفلسطينيين.
جدير بالذكر أن إدارة الأونروا خصمت ما نسبته الثُلث تقريبًا من رواتب الموظفين الألف الذين يخوضون خطوات احتجاجيّة، منها الاعتصام، ضدّ قرارات فصلهم، كما شمل الخصم رواتب اتحاد الموظفين، إضافة لخصم يوم عمل واحد من سائر الموظفين الذي شاركوا في يوم الإضراب الشامل الذي أعلنته الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية في أعقاب تصاعد أزمة الوكالة بقرارات الفصل.