قرّرت الإدارة الأمريكية وقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بالكامل، بحسب ما ذكرته مجلة "السياسة الخارجية"، التي أشارت إلى أنّ هذا القرار جرى اتخاذه خلال اجتماعٍ لكبير مُستشاري الرئيس الأمريكي وصهره، جاريد كوشنير، ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في خطوةٍ "ستتسبب بالكثير من المعاناة، وربما الاضطّرابات في غزة والضفة الغربية ومناطق أخرى من الشرق الأوسط" بحسب محللين.
وقلصت واشنطن تمويلها لميزانية وكالة الغوث للعام 2018 بشكل كبير، ولم تدفع منها سوى 60 مليون دولار من أصل 350. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية في حينه هيذر نويرت "إن القرار يؤمل منه تشجيع الإصلاحات داخل الأونروا، والضغط على دول أخرى لتغطية المزيد من ميزانية الوكالة". ويُشكل التمويل الأمريكي أكثر من ربع ميزانية الوكالة الأممية، التي تصل إلى 1.2 مليار دولار.
وتُقدّم الأونروا خدماتها لأكثر من 5 مليون لاجئ فلسطيني، في مناطق عملياتها الخمس: غزة والضفة الغربية، الأردن ولبنان وسوريا.
ووفق المجلة فقد أخبرت الإدارة الأمريكية الحكومات الرئيسية في الأسابيع الأخيرة حول خطتها المتعلقة بوقف تمويل الوكالة.
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، التقى الأسبوع الماضي نظيره الأمريكي بومبيو ومبعوث ترامب للشرق الأوسط جيسون غرينبلات؛ وبحثا دعم الاستمرار في تمويل "الأونروا"، ونشر الصفدي عقب اللقاء، عبر تويتر تحذيره من "النتائج الخطيرة للفشل في سد عجز الأونروا".
من جهتها، رفضت خارجية واشنطن التعقيب بالنفي أو التأكيد. وقال متحدث باسمها للمجلة "إنّ السياسة الأمريكية تجاه (الأونروا) لا تزال موضوع تقييم متكرر ونقاش داخلي".
خطورة وقف تمويل الأونروا
ورأى المسؤول السابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ديف هاردين، الذي اطّلع على ما جرى في الاجتماع بين كوشنر وبومبيو، ان القرار "سيفيد المتطرفين في المنطقة، بما في ذلك حركة حماس " على حدّ تعبيره.
وأضاف في تصريحات للمجلة أن "القطع المباشر والمزاجي لتمويل (الأونروا).. يهدد بإسقاط السلطة الفلسطينية، ما يقوي حركة حماس، وينقل مسؤولية الصحة والتعليم والأمن للإسرائيليين.. إن القرار خطير ولا يمكن التنبؤ بالنتائج المترتبة عليه".
ورغم معارضة البنتاغون والمخابرات الأمريكية وكذلك وزير الخارجية السابق لقرار وقف تمويل الوكالة، لما يُمكن أن يسفر عنه من اضطّرابات في المنطقة، فإنّ تأثير كوشنر والسفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، يبدو أنه الأقوى. بحسب المجلة.
ويُصرّح كوشنير بأنّ مساعدات الوكالة "خلقت ثقافة الاعتماد بين الفلسطينيين، وتساعد على الإبقاء على التوقعات غير الواقعية بأنهم قد يعودون يوما إلى بيوتهم، التي تركوها خلال الحرب بين العرب وإسرائيل عام 1948"، وفي هذا نفي من الأمريكي لحق العودة، وإقرار بعدم أحقيّة الفلسطينيين به.
وتقول المجلة إنّ واشنطن تُراهن على أنّ الضغط المادي سيضطر الفلسطينيين للعودة إلى طاولة المفاوضات مع الأمريكان، والتي كانت السلطة الفلسطينية أوقفتها بعد قرار ترامب إعلان الاعتراف ب القدس المحتلة عاصمةً لدولة الاحتلال في ديسمبر 2017.
وكانت نيكي هيلي دعت في تصريحات مؤخرًا الدول العربية وتحديدًا "الخليجية" لتقديم الدعم للوكالة، كما أقرّت بأنّها تُشكك بحق العودة للفلسطينيين، وتأييدها لضرورة استبعاده من المفاوضات.
وأوقفت واشنطن تحويل200 مليون دولار للمنظمات الخيرية في غزة والضفة، الأسبوع الماضي.
متحدث سابق باسم الجيش الصهيوني قال للمجلة "إنّ القوات الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية يقومون بالتعاون لمنع وقوع هجمات على الإسرائيليين، و(الأونروا) تُبقي الناس بعيدين عن الشارع، وتوظفهم وتقدم الخدمات الاجتماعية" مُعربًا عن قلقه من القرار الأمريكي بوقف تمويلها.
وتذكر المجلة أن هذا القرار يشكل ضربة للأردن، وهو حليف رئيسي لأمريكا، ويستضيف حوالي 2.9 مليون لاجئ، بما في ذلك 600 ألف لاجئ سوري شردتهم الحرب في بلدهم، سيّما وأن القرار يتضمن اقتراح بتحويل تمويل "الأونروا" للحكومة الأردنية بعد توطينهم، وهو ما رفضته عمّان.