Menu

السودان في الاتجاه الصحيح

حسين الجمل

احتجاجات السودان

استشهد 8 أشخاص وأصيب العشرات خلال أحدث احتجاجاتٍ تشهدها السودان ، وذلك احتجاجًا على ارتفاع أسعار الوقود والخبز، وكانت قد انطلقت احتجاجات وتظاهرات في 19 ديسمبر 2018 في مدينة عطيرة وولاية القضارف، ولم يمنع فرض حظر التجوال وفرض حالة الطوارئ من انتشار التظاهرات في المدن الأخرى، وصولًا إلى العاصمة الخرطوم.

ولم تكن المرة الأولى التي تندلع فيها الاحتجاجات والمظاهرات داخل السودان التي يحكمها حزب المؤتمر الشعبي بزعامة عمر البشير منذ أكثر من 30 عامًا، فقد شهدت مختلف المحافظات السودانية منذ عام 2011، بالتزامن مع الانتفاضات في مصر وتونس، والتي اصطلح على تسميتها بالربيع العربي، من الاحتجاجات والهبّات الشعبية مرورًا بسبتمبر 2013  احتجاجًا على سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد، والتي كانت المُسبب الرئيسي في اندلاع التظاهرات الشعبية، إلا أن هذه الهبات والاحتجاجات منذ 2011 مرورًا بتظاهرات سبتمبر 2013، لم تستمر طويلًا لعدة أسباب، لعل أبرزها سياسة القمع العنيف التي ووجه بها المتظاهرون من قبل الأمن السوداني والميليشيات السرية التابعة للنظام، والتي مارست مختلف أنواع القمع وأبشع الأساليب للتنكيل بالقيادات الطلابية والشابة خلال التظاهرات.

لعل ما هو مشترك بين أهداف 2011 و2013 وما يجري الآن منذ 19 ديسمبر 2018، هو أن الأسباب السياسية والاقتصادية التي أدت لتلك الاحتجاجات والأحداث لا زالت قائمة بشقيها.

أما الأسباب السياسية نلخصها بانفصال جنوب السودان وأحداث متعددة في أقاليم سودانية، مثل دارفور وغيرها. أيضًا استمرار التعدي على الحريات وحقوق الإنسان والفساد المستشري في أوساط الحزب الحاكم.

أما الأسباب الاقتصادية فهي ارتفاع نسبة البطالة، ما يزيد عن 40% إلى جانب رفع الدعم عن المحروقات والخبز وغيرها من السلع الرئيسية وفقدان أكثر من 70% من الثروة النفطية جراء انفصال جنوب السودان.

ما يميّز ما يجري من أحداث وتظاهرات هذه المرة  أولًا انطلاقها من مدن بعيدة، ومن ثم امتدت إلى المدن الرئيسية مثل أم درمان وصولاً إلى الخرطوم العاصمة، إلى ذلك لم تقتصر الاحتجاجات والتظاهرات التي بدت بعفويتها على فئة بعينها بل استمرت بالتوسع لتشمل مختلف القطاعات الانتاجية والثقافية والتعليميّة وسرعان ما استجابت النقابات العمالية والأطباء والمحامين، وصولًا للأحزاب الرئيسية التي تبنت التطورات والأحداث وشكلت تحالف جبهوي ذو أهمية تحت اسم الجبهة الوطنية للحرية والتغيير.

ولعل أبرز التظاهرات التي دعت إليها الأحزاب السودانية التاريخية، كانت الدعوة التي أطلقها الحزب الشيوعي السوداني، إلى تظاهرة ومسيرة اتجهت نحو مقر الحكومة، وتصدت لها قوى الأمن بالقمع، واعتقلت فيها أحد زعماء الحزب الشيوعي، ويُدعى صدّيق يوسف، إضافةً لاعتقال أحد قيادات الحزب الوطني الإسلامي يوسف الكوده، الذي استجاب وحزب الأمة وغيره من الأحزاب السودانية لنداء الحزب الشيوعي السوداني، أما انتصارات هذه الهبّة أو الانتفاضة إذا صح التعبير فهي توجت بالمطالبة بإقالة الحكومة والتنديد بالسياسة الحالية وغلاء الأسعار، إلا أن القمع وإطلاق الرصاص والاعتقالات باتجاه المتظاهرين وسقوط أكثر من 19 شهيدًا وإصابة العشرات في الأيام الثلاثة الأولى للأحداث، دفع المتظاهرين إلى رفع سقف مطالبهم ليشمل المطالبة بإسقاط النظام والذي لقي استجابة من مختلف الأحزاب، وكان صداه بانسحاب أحد أبرز الأحزاب المشاركة في السلطة، وهو حزب الإصلاح،  كذلك، إعلان "الحرية والتغيير" من قبل تجمع المهنيين وتحالف قوى الإجماع الوطني في 2 يناير 2019 ومطالبتها بتشكيل مجلس انتقالي للحكم وتنحي البشير.

من جهته حاول البشير وأركان حكومته امتصاص نقمة المحتجين والالتفاف على مطالبهم من خلال الوعود بإقرار موازنة جديدة وإجراء تغيير في السياسة الاقتصادية، إلا أن المعارضة لم تكترث لهذه الوعود.

تجمع المهنيين السودانيين يُخطط لتظاهرة حاشدة تشمل كل أرجاء السودان الأسبوع المقبل، فيما ثمّن حزب الأمة بقيادة الصادق المهدي توقيع "إعلان الحرية والتغيير" من قبل مختلف الأحزاب السودانية، وكان حزب الأمة قد انضم إلى بقية الأحزاب بالمطالبة بتنحي البشير وتأسيس مجلس انتقالي.

فيما قال سكرتير الحزب الشيوعي السوداني محمد مختار الخطيب خلال مؤتمرٍ صحفي في الخرطوم، أنه يجري تعبئة الجماهير في المدن والأرياف، مُعلنًا تأييده لإعلان الحرية والتغيير، ودعا لمؤتمر دستوري قومي، فيما كان موقف 22 حزبًا مُشاركًا للبشير في الحكم بالانضمام إلى صفوف المعارضة والانسحاب من الحكومة والمُطالبة برحيل النظام.