قال تقرير في الأسوشيتدبريس إن اكتشافات الغاز الطبيعي من قبل الكيان الصهيوني على شواطئ فلسطين المحتلة قد ساعدت الكيان على التقرب من من الأنظمة العربية ودول أخرى على شاطئ المتوسط تتشاطر مع الكيان القلق من القوة المتصاعدة لإيران وتركيا.
وأضاف التقرير أنه بعد مرور عقد على اكتشاف حقول الغاز الطبيعي قبالة سواحل البحر الأبيض المتوسط ، بدأت "إسرائيل" في الشعور بالدعم الجيوسياسي.
حيث عززت الثروات الجديدة من الروابط الاقتصادية مع جيرانها، وكذلك العلاقات مع الحلفاء العرب، وأقامت جسوراً جديدة في منطقة معادية تاريخياً، حتى بدون تحقيق تقدم ملموس نحو السلام مع الفلسطينيين.
وبرز هذا في مؤتمر الطاقثة مؤخرا في مصر، حيث يهدف هذا المنتدى الذي شارك فيه الكيان بشكل طبيعي، إلى جانب مصر وقبرص واليونان والسلطة الفسلطينية إلى أن يقدم نفسه كنوع من "أوبك مصغرة"، ويسلط الضوء على كيفية قيام "إسرائيل" بالاستفادة من احتياطيات الغاز الجديدة وتحويلها إلى أداة قوية لتوسيع نطاق اندماجها في منطقة لديها رؤية "مشتركة" ضد إيران وتركيا، كعدو بديل لـ"إسرائيل".
ومع غلاء الغاز المتوقع، تخطط "إسرائيل" لفطم نفسها عن الفحم والظهور كمصدر محتمل للطاقة - مما يوفر دفعة اقتصادية وسياسية على حد سواء.
في غضون الأشهر المقبلة، ستبدأ "إسرائيل" بتصدير الغاز إلى مصر كجزء من صفقة بقيمة 15 مليار دولار تم توقيعها في العام الماضي لتوفير 64 مليار متر مكعب من الغاز على مدى 10 سنوات من شأنها حسب المصريين أن تساعد في تحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة.
وستأتي الدفعات الأولى من حقل تمار التشغيلي، وبعد ذلك من حقل ليفياتان الأكبر حجماً، والذي من المقرر أن يبدأ التشغيل في وقت لاحق من هذا العام، حيث تقوم "إسرائيل" بالفعل بتوصيل الغاز للفلسطينيين وللأردن، الذين وقعت معهم شركة Delek Drilling الإسرائيلية وشريكتها الأمريكية Noble Energy أول اتفاقية للتصدير في عام 2016 - صفقة بقيمة 10 مليار دولار لمدة 15 عامًا لتوفير 45 مليار متر مكعب من الغاز.
وهذا يعطي "إسرائيل" عنصرا إضافيا لعلاقاتها مع الدول المجاورة، عبر إضافة جانب اقتصادي إلى التعاون الأمني " ما يسند الأمن ويعزز الاستقرار" كما يزعم عوديد عيران، السفير الصهيوني السابق في الأردن وإلى الاتحاد الأوروبي، وكبير الباحثين في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب.
ومع ذلك، يقول إن المصالح الاقتصادية وحدها لا تكفي لإدماج "إسرائيل" بالكامل في الشرق الأوسط. ويقول إن الدول العربية التي لا تمتلك اتفاقيات سلام رسمية مع الكيان ستحتاج إلى رؤية بعض التقدم على الأقل على الجبهة الفلسطينية قبل تطبيع العلاقات.
لدى "إسرائيل" اتفاقات سلام مع دولتين عربيتين فقط - مصر والأردن. لكن ارتفاع درجة حرارة العلاقات مع إسرائيل" لا يحظى بشعبية في معظم أنحاء الشارع العربي، وقد أثارت صادرات الغاز احتجاجات متقطعة في الأردن، ويأمل الفلسطينيون، الذين سعدوا بدعوتهم في المنتدى، في تطوير حقولهم الخاصة للغاز قبالة سواحل غزة، لكنهم الآن يطالبون باتفاقيات دولية للحصول على وقودهم من "إسرائيل".
يقول سمير عبد الله، وزير الاقتصاد الفلسطيني السابق، إنهم يستوردون من إسرائيل "لأنه ليس لدينا بديل، لكن ما إن نتمكن من تغيير ذلك، بالطبع سنفعل".
ويبدو أن هذا الغاز ساعد الكيان على أن يصبح أقرب إلى الحكومات العربية ودول البحر المتوسط الأخرى التي تشاطرها قلقها بشأن ما تعتبره القوة المتصاعدة لإيران وتركيا في المنطقة.
وكما اكتشفت شركة نوبل إنرجي حقول الغاز الهائلة في المياه "الإسرائيلية" والقبرصية، فإن قبرص في عام 2010 حظرت فجأة الأساطيل التركية التي تسعى إلى كسر الحصار البحري على غزة، ما عني أفقا آخر للتعاون القبرصي الصهيوني، عبر تخفيف الضغط الدبلوماسي الذي أنتجته أساطيل ككسر الحصار. حيث قال المسؤولون القبارصة في ذلك الوقت أن السفن المملوكة ل غزة ممنوعة من المغادرة بسبب "المصالح الوطنية الحيوية".
وقد تعززت من حينها العلاقات الثلاثية بين الكيان وقبرص واليونان وتوجت بعقد العديد من القمم الثلاثية وأيضا العمليات العسكرية المشتركة، واستبدال تركيا بالكيان كوجهة سياحية مقفضلة لليونانيين واالقبارصة والعكس صحيح.
وقالت الدول الثلاث مؤخرا إنها ستوقع على اتفاق لمشروع بقيمة 7 مليارات دولار لبناء خط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا.
قال وزير خارجية قبرص نيكوس كريستودوليديس إنه يعتقد أن "المواد الهيدروكربونية في شرق البحر المتوسط يمكن أن تصبح ما كان الفحم والفولاذ بالنسبة للمجتمع الأوروبي" - في إشارة إلى الكيفية التي جمع بها في الخمسينات من القرن الماضي الفحم والفولاذ بين الدول الأوروبية اقتصاديًا وسياسيًا.
ولكن حذر عيران، الدبلوماسي الإسرائيلي السابق، من الاستثمار بقوة في ما وصفه بـ "مغامرة اقتصادية". حتى مع الاكتشافات الأخيرة، قال إن الاحتياطيات المشتركة ما زالت غير كافية لخلق رافعة اقتصادية قوية بما يكفي لتحدي مزودي الطاقة العالميين.
ومع ذلك، فإن الجانب الصعودي من امتلاك الموارد الطبيعية في نهاية المطاف كان جذابًا إلى درجة أن الحكومة "الإسرائيلية" دفعت إلى الأمام حتى في مواجهة معارضة داخلية قوية من نشطاء الرعاية الاجتماعية والبيئية.
ويقول منتقدون من بينهم مشرعون بارزون في المعارضة إن اتفاقا مثيرا للجدل في عام 2016 بشأن الضرائب يميل لصالح أباطرة الطاقة، وفي الآونة الأخيرة، كان الناشطون المحليون يحثون شركة نوبل إنيرجي على نقل ترسانة الغاز الساحلي المقترحة إلى البحر خوفاً مما يسمونه عواقب كارثية لنشر المياه السامة وتلوث الهواء نحو منازلهم.
وتقول نوبل والحكومة "الإسرائيلية" إنها حملة تخويف غير مسؤولة، وتصدت لها حملة إعلانية عدوانية تشيد بفضائل "لفياتان" التي وصفتها "بالمشروع الوطني".