Menu

مرةً أخرى.. الأخطاء الطبية بغزة تغتال ألما

ريما أثناء تواجدها بمستشفى الشفاء

الهدف_ غزة_ يوسف حماد:

لم تبصر "ألما" نور الحياة في قطاع غزة؛ فقد قتلت بدم بارد، بصنيع فاعل جعل الانتكاسة والحسرة سبيلا وحيدا للتعبير عن حزن لا تصده صدور أو تحفظه قلوب.
لقد ساق الحظ ريما أبو نجيل، ومخاضها، ليس إلى جذع نخله كما عادات مثيلاتها في القدم.. إنما ساقها إلى مستشفى الشفاء بمدينة غزة، حيث قتلت "ألما" التي حملتها أمها نشيطة قوية تضرب أحشائها بكل حماس منتظرة قطع حبلها السري، بيد أن طاقم الولادة قطع حبل حياتها دون رجعه أو إبداء إي ذنب أو أسف على ذلك.
رافقت ريما شقيقتها تغريد، إلى المستشفى، وحملتا معهن "حقيبة ألما" التي ضمت ملابسها وحاجياتها الجميلة، التي أعدتها الأم بفارغ الصبر، ولملمتها محفوفة بكثير من الحب والعناية؛ لكن الإدارة الطبية للمستشفى قابلتهن "بخمولٍ ولا مبالاة متعمدة".
تقول ريما (34 عاما) من منطقة الزوايدة وسط القطاع، والدموع تنسل من أعينها: جئنا إلى مستشفى الشفاء بعد تحويل من المستشفى الأردني، كان عندي سكر حمل، وزيادة في الماء المحيط بالجنين، لكن طفلتي كانت تتحرك بقوة، وكنت أشعر بها جيدًا، قالوا لي في الأردني أني حالة ولادة طارئة ومستعجلة، وفي الشفاء أخرت ولادتي ليومين، ثم قالوا لي توفي الجنين بكل بساطة.
وتواصل ريما حديثها: حولت لقسم المتابعة المكثفة خشية على حياتي، ونجيت بقدرة منجي من الموت.
من جهته، قال الطبيب الذي تابع حالة ريما حين وصولها، والذي رفض الكشف عن اسمه: إن المضاعفات الطبية التي أصابت السيدة أبو نجيل سببت حالة الوفاة للجنين، لقد عملنا معها مطولا، كانت تعاني ووضعها الصحي صعب، وأُخرت ولادتها حرصا على حياتها، للآسف كان الجنين متوفى بسبب الزيادة في ماء الرحم.
وأضاف: لو أجرينا الولادة القيصرية لحظة وصولها ربما كان الضرر عليها أكبر وأشد(..) هناك حنكة تتبعها إدارة الأقسام ولكن للآسف لا أحد يُقدّر أن الطبيب لا يتلقى مقابل ومع ذلك يأتي طوعا لعمله لإنقاذ أرواح وحياة المواطنين. نحن نقوم بمئات حالات الولادة الناجحة وهذا عملنا، ولكن عندما يأتيك شخصان على فراش الموت فتنقذ أحدهما ويذهب الآخر تصبح متهما.
الطبيب الذي كان يحمل مجسة القلب ويضع قلما ذهبيا على صدر ملابسه، أكد أن الطاقم يقدر ردة فعل العائلة الغاضبة.
بدوره علق الطبيب رامي مخلوف الذي يعمل في مشفى خاص على ما جرى مع ريما: لربما كان بالإمكان إنقاذ حياة الجنين، مواصلاً: للوهلة الأولى يجب أن تتعامل مع كل حالة بصورة فورية ومناسبة، ومثل الحالات العاجلة في الولادة حتى مع وجود مضاعفات يجب أن تتخذ إجراءات مناسبة تتمثل في عملية قيصرية ما دامت السيدة تعرف ذلك.
ورأى مخلوف أن خطأً جسيمًا ارتكبه طاقم العملية أو التشخيص المبدئي الذي أخر السيدة أبو نجيل التي اطلع على حالتها شفهيا بسبب رفض إدارة المستشفى السماح له بالاطلاع المباشر عليها، مرجحًا أن يكون تأخير ولادتها ذا علاقة بضغط العمل وكثرة حالات الولادة، وليس ذا علاقة بالتقدير السليم للموقف.
وأشار مخلوف لأن سيدات كثيرات يشتكين من تركهن لفترات طويلة يعانين الألم والانتظار في كشك الولادة ودون تقديم شرح لهن أو للمرافقين عن طبيعة حالتهن.
أبو نجيل رفعت شكواها إلى الله؛ لأن الحجج غير المنطقية التي تعلل خطأ قاتل أودى بحياة بشرية دون الاكتراث بالمعنى الحقيقي للروح، أتعبتها.
ويستمر الاشتكاء من أخطاء طبية تقبل إدارة الصحة قليلها وترفض كثيرها، إذ يصاحب بعض حالات الولادة موت مفاجئ أو أخطاء طبية لا تقرها إدارة الشفاء ما يدفع صاحب الشأن لمواصلة الحوقلة والحسبنة ظنا أنها أكبر رد، ما دام لا يملك جاها أو يعرف زبانه سلطان حتى يظفر بمراجعة حقيقة لأخطاء قد تكون غير متعمدة ولكنها لا تعالج وتبقى في الإصرار عليها عبئا يتراكم على أرواح الناس.