مما لا شك فيه أن عدد من النظم العربية قاطعة العزم في ذهابها نحو التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني، بل وأكثر من ذلك، ماضيةٌ نحو نسج علاقات متقدمة مع هذا الكيان، تشمل تعاونًا أمنيًا، وشراكة معمقة في الخطط الموجهة لإخضاع شعوب المنطقة، وربما المضي نحو شن المزيد من العدوان والحروب على شعوب ودول هذه المنطقة.
وعلى النقيض من ذلك تمامًا، جاء بيان الاتحاد البرلماني العربي، بما حمله من قرارات، رافضًا للتطبيع، ومنحازًا للخيارات الوطنية والشعبية في رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، والتمسك بالحقوق الوطنية الفلسطينية والعربية، التي يعتدي عليها هذا الكيان، وتسعى نظم الرجعية العربية لطمسها، وتصفيتها.
إنّ القيمة الأساسية لهذا النوع من المواقف تأتي من مُجافاتها لواقع هبوط السقف الرسمي العربي، ومعاندتها لمناخات ترويج الهزيمة والاستسلام التي تعمل النظم العربية المتحالفة مع الكيان الصهيوني على تعميمها، وهو ما يستحق من القوى الوطنية الفلسطينية، والقوى العربية الرافضة للتطبيع، اهتمامًا حقيقيًا، وبناءًا على هذا الموقف، بما يتكفل بالاستفادة منه جماهيريًا، في تصليب الموقف الشعبي المعارض للتطبيع، وتوسيع قواعده، وزيادة فعاليته، وكذلك في تحقيق أعلى ضغط ممكن من هذه القوى على النظم العربية لإلزامها بهذه القرارات المعبرة عن نبض الشارع العربي.
الهجمة التطبيعية واسعة النطاق تهدف بوضوح إلى فتح الطريق أمام تصفية القضية الفلسطينية، وتمكين الكيان الصهيوني من اختراق البلدان العربية، والهيمنة عليها، وهو ما يجعل من صد هذه الهجمة مهمةً أولى، ورئيسية، أمام كل القوى الوطنية والتقدمية، الملتزمة بمواجهة الهيمنة الاستعمارية على شعوبنا، بكل أشكالها وتجلّياتها.