خلال الفترة القريبة الماضية تناثرت مجموعة من الأخبار التي تحاكي الوضع الاقتصادي في الأردن وعبر عنها بإحصائيات تحاكي الوضع الاقتصادي وأخرى الموقف من الهجرة ولقطات تلفزيونية تتحدث عن حالات تعكس سوء الوضع الاقتصادي وحال الناس خاصة قبل أيام من العيد ناهيك عن النكت والبوستات التي تتعامل مع الحالة بسخرية وختمت بتصريحات نائب رئيس الوزراء حول الوضع الاقتصادي وإذا قرأنا ما بين الكلمات فإنه أراد أن يقول أن سياسة الحكومة وبرامجها غير فعالة خاصة أن الدين العام وصل الى 29.26 مليار دينار أي41.33 مليار دولار ومن الواضح أن الدين العام يرتفع بمعدل مليار دينار سنويًا.
نتائج عمل الحكومات المتعاقبة تؤكد أنها حكومات تدوير الأزمة ولا تملك قراراها الاقتصادي.
شهر سبتمبر القادم هو موعد اعادة المراجعة للمديونية وهي محطة لمعرفة مدى نجاح خطة الحكومة الموقعة مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وستوجه لها تساؤلات جدية حول سياساتها الداخلية ونجاعتها في تامين الدفعات النقدية بشأن الدين الخارجي وفوائده.
الوقائع تقول أن الوضع الاقتصادي ناتج عن حجم المديونية التي تلزم الحكومة بتامين الدفعات النقدية لسداد فوائد الدين الخارجي وبذات الوقت تعرقل أي توجه جدي للاستثمار في الأردن خاصة أن الاستثمار يتطلب بيئة استثمارية اقتصادية واجتماعية وسياسية آمنة بمعنى المردود المادي ومتطلباته.
المدقق في السياسات الاقتصادية الحكومية المتعاقبة يتوصل إلى نتيجة مفادها أن هنالك اصرار واعي على تأزيم الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي لأسباب يراد منها أن تجعل الأردن وشعبه يتحمل أوزار سياسات خاطئة وعبثية.
هذه السياسات التي وضعت الأردن أمام خيار وحيد يتمثل أن حل الأزمات يكون من خلال حلول كوشنير الاقتصادية.
خيار صفقة القرن سيكون الخيار الوحيد المطروح على طاولة المحادثات بعد سبتمبر القادم وسيأخذ قوة الفرض في نهاية العام اذا لم تستطع الحكومة الالتزام بتعهداتها المالية التي على ما يبدو أن ما تحدث به نائب رئيس الوزراء حول الخسائر المترتبة على سياسة دعم الخبز توحي أنها لن تستطيع أن تؤمن دفعات مديونيتها واللجوء إلى قرار رفع الدعم عن الخبز سيكون قرارًا كارثيًا لما يحمله من أبعاد اجتماعية.
إن سياسة الدعم التي تقدم عبر عدة قنوات من الممكن أن تتوقف للضغط من أجل مساعدة كوشنير على تمرير سياساته وانعكاساتها ستكون كارثية على الأردن.
والأخطر اذا ما فرض على الأردن اتباع سياسة نقدية جديدة عنوانها تعويم الدينار وما له من انعكاسات على الدين الداخلي وعلى حياة المواطنين.
تعويم الدينار سياسة نقدية مطلوبة اذا ما أراد الأردن أن يكون مركزًا استثماريًا تنافسيًا هذا القرار الذي سيكون أحد الوصفات القادمة للبنك الدولي وصندوقه.
كل هذا يطرح عدة أسئلة.
1: ما هي خيارات الأردن ؟
2:هل يملك الأردن خيارات تؤهله لمواجهة الضغوط السياسية والاقتصادية ؟
كل المؤشرات الاقتصادية والسياسية تؤكد أن الحكومة غير مؤهلة للمواجهة !
3: اذا ما رضخت للضغوط ما هي انعكاساته على تماسك بنيه النظام والدولة ؟
الأردن أمام خيارات صعبة وحدود المناورة ضيقة وسيواجه بخيارات مصيرية اذا ما استمر صاحب القرار يفكر في حيز الصندوق الذي وضع فيه تاريخيًا !
الخروج من الصندوق يتطلب تغيير نمط وطريقة التفكير حيث أن الأردن يملك خيارًا سياسيًا يستطيع من خلاله قلب الطاولة على الجميع وهو خيار الاستفتاء السياسي الشعبي على برنامج اقتصادي وسياسي يكسبه شرعية شعبية ويضع الداخل أمام مسؤولياته يعتمد فيه.
أولاً: على مصارحة الشعب باستحقاقات صفقة القرن
ثانيًا: عليه أن يفتح الباب أمام مصالحة تاريخية بين الشعب بكل أطيافه والنظام والكرة في ملعب النظام يتوجب عليه أن يقدم قرارات حسن نية من خلال اطلاق الحريات العامة وإعلان سياسة شفافة قائمة على العدالة الاجتماعية من خلال سن مجموعة من القوانين التي تعمق الحرية والمشاركة القائمة على أساس القانون للجميع وعلى الجميع ليكون مدخلاً للتصحيح والتغيير.
العمل على تشكيل حكومة منتخبة من مجلس نيابي منتخب على أساس قانون يحقق التمثيل الأوسع للقوى الاجتماعية بكل أطيافها.
لا خيار إلا اللجوء للشعب وخياراته الديمقراطية وهو السلاح الأقوى بيد أية حكومة تريد أن تكون انعكاسًا لنداءات الداخل وتقفل الباب أمام أصوات الخارج ومؤسساته المالية والاقتصادية.
إن كلفة الاعتماد على الشعب أقل من كلفة الاعتماد على قرارات الخارج وصفقة كوشنير.
لسبب بسيط أن كوشنير بعروضه المالية لن يقبل فقط بإقرار الاعتراف بيهودية الدولة وإنما بمدى حيزها المكاني الذي سيطال الدولة والنظام في الأردن.