Menu

في معاني المواجهة مع الصهيونية: بسام السايح مقاتلًا وأسيرًا وشهيدًا

بوابة الهدف الإخبارية

غزة_ بوابة الهدف

هناك سلسلة هائلة من القوانين الإنسانية، والمثل الأخلاقية، الأرضي منها والديني، تكرس معايير لحماية الأسرى، وتحدد ظروف معاملتهم بما لا يخل بإنسانيتهم، باعتبار الأسر ظرف إستثنائي، يترافق مع الحروب والصراعات، ولكنه لا يجب أن يُفقد البشر إنسانيتهم، وبهذا القالب تتضح ماهية الكيان الصهيوني، ودرجة وحشيته، لا كعدو للفلسطينيين والعرب فحسب، ولكن بالأساس كتهديد لكل قيمة إنسانية طورها البشر حتى يومنا هذا.

تتعامل المنظومة الصهيونية مع الأسرى باعتبارهم موضع لممارسة العنف والبطش، وتسليط صنوف العذاب، وتكريس المعتقدات الفاشية من خلال ممارسة تجلياتها العنفية على الأسرى، معبرة بذلك عن طبيعتها، ودرجة همجيتها، وسرطانية وجودها في هذه المنطقة، بل وإدراكها لكل ذلك، فلا خدعة نفسية أو هوياتية تضلل الصهاينة فينظرون لأنفسهم بشكل مختلف، ولا حيل هوياتية يمارسها بعضهم على بعض لتظهير أو تمثل هوية مختلفة لهذا المشروع، فمن يختار التنكيل بأسير مريض وحرمانه من العلاج، وتصعيد درجة معاناته، قد اختار بشكل واعٍ ومدرك الانحياز للوحشية ضد الإنسانية، وللهمجية والشر ضد الخير وضد كل معنى نبيل.

اختارت المنظومة الصهيونية تصعيد معاناة الأسير بسام السايح والتنكيل به حتى الموت، من خلال سياسة الإهمال الطبي الممنهجة، وسلسلة طويلة من سياسات القتل البطيء التي تمارسها إدارة مصلحة السجون الصهيونية ومن خلفها كل المنظومة الاحتلالية، فلا بريء في هذا الكيان، من دماء أسرانا، ومن معاناة شعبنا، هذا ليس حدث ناتئ، بل سياق طويل عرفناه وخبرناه، وعلمت عنه الإنسانية، مرقمًا ومرصعًا بأقمار من شهداء الحركة الفلسطينية الأسيرة.

فاشيست هذا العصر، يرفض التراجع قيد أنملة عن همجيته، واعتناقه لمنطق القوة المتغطرسة، في مواجهة وجودنا الأصيل في هذه الأرض، ونمط عيشنا، وفلسفة حياتنا الرافضة للخضوع والإذعان، والمتمسكة بإنسانيتها، وبمعاني تاريخ طويل من البسالات والبطولات في مواجهة الطغاة.

باستشهاد الأسير بسام السايح، تغرق الصهيونية أكثر في معاني دناءتها، ويزيد شعبنا إصرار على مواجهتها، وعلى تحقيق رسالة وجوده الإنساني، وإبداع معاني مقاومته التي تكرس وجوده في هذه الأرض، وتظهر معدن هذا الوجود الصلب، فمهما بلغت رداءة الظروف السياسية، داخليًا أو خارجيًا، سيكون هناك دومًا بسام جديد ينقض على ايتمار ويذيق مستوطنيها عقاب الشعب العادل، ويسهب في شرح حقائق هذه البلاد وشعبها، بصموده وبسالته، بوصيته، وبرسالة كل فدائي حي مقاتل، أسير أو جريح أو شهيد، هذه بلادنا، التي ستقاتل هذا العدو الصهيوني حتى ينتهي ويزول، بحيث يبقى في التاريخ عبرة يبصق عليها كل جيل.