بات واضحًا أن جميع الأحزاب الصهيونية المتنافسة على كعكة الكنيست تتمحور حول "الإجماع القومي" وإن كان التنافس يشتد بينها، فإن هذا التنافس يتخذ محورًا وحيدًا يكاد يشق الساحة الصهيونية إلى شقين: مع نتنياهو أو بدونه.
بالتالي من الصحيح أيضًا القول إن الانتخابات القادمة بعد أيام ستكون تقريبًا نسخة مطابقة لما جرى في نيسان/ إبريل الماضي، مع تغيرات فرضتها اتجاهات القوائم لتحسين وضعها وتباينت بين اتحاد وانشقاق.
وأظن من المحق القول أيضًا أن فكرة "الإجماع القومي الصهيوني" تتجلى أكثر ما تتجلى في حزب عبر من منطقة الحظر إلى أن يتحول ربما إلى بيضة قبان على الأقل في التشكيل اليميني، أي "القوة اليهودية" الذي يعكس صعودًا غير متوقع إعلاميًا ولكنه متوقع في تحليل عام للتيار الفاشي الكاهاني الذي ينسجم تمامًا مع جوهر وطبيعة "إسرائيل".
هذا ما تعكسه على الأقل استطلاعات الرأي التي تعطي بالمتوسط 140 ألف صوت للكاهانيين ما يعني انتقال فكرة الدولة اليهودية النقية التي نادى بها الحاخام المقتول من الهامش إلى المركز في السياسة الصهيونية لتصبح جزءًا لا يمكن التغاضي عنه من التيار الرئيسي الذي يدير اللعبة في الكيان.
هذا الرقم أعلاه ظهر في استطلاعات عديدة مؤخرًا حيث "أوتزما يهوديت: القوة اليهودية" أصبح قادرًا على تجاوز العتبة، وهو بعد أن كان التفاحة الفاسدة في صندوق اليمين أصبح قادرًا على التمدد والحصول على المقاعد الأربعة الموعودة على الأقل، بينما تحوم الشكوك حول حزب العمل، حزب ديفيد بن غوريون ورابين ومائير وقدرته على الصمود.
"القوة اليهودية" كما هو حال الأب الروحي له تتمحور مقولته على كراهية العرب، ولكن ما الجديد في هذا، فالجميع يكرهون العرب، بنيامين نتنياهو يرى فيهم قوة مدمرة، وباراك يتباهى بقدرته على إخضاعهم ويعلون بفخر بأن لا أحد قتل فلسطينيين أكثر منه.
طبعًا لا يمانع هؤلاء في بقاء بعض العرب، حيث تستدعي الضرورة "حطابين وسقاة ماء" ومادة ضرورية لإشعال الشموع وإطفاء الأنوار يوم السبت!
وهكذا فإن آلة الكراهية ستدور بقوة أكبر مع صعود الكاهانيين إلى الكنيست، ولن يكون خطاب الكراهية مواربًا بعد اليوم.
هذا ليس غريبًا، لن يكون هناك سلام أبدًا مع الفلسطينيين، هذا لم يقله كاهانا بل صدر عن باراك "لاشريك" وتبناه الجميع بدون استثناء، ولكن فكرة "القوة اليهودية" تتجاوز ذلك إلى الإنكار التام للفلسطينيين، هم مجرد ظلال، ولكن أيضًا ماذا يقول نتنياهو غير ذلك عندما يتحدث عن الضم وفرض السيادة وكون العرب "يريدون تدميرنا".