قال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين ومسؤول فرعها في غزة، القيادي جميل مزهر، إنّه بعد ربع قرن من توقيع "اتفاقية أوسلو" منذ عام 1993، السؤال المشروع هو هل قرّبتنا أوسلو من الدولة الفلسطينية؟ هل قرّبتنا من الحقوق الوطنيّة للشعب الفلسطيني؟ أم أنها مهّدت الطريق لما نحن فيه الآن من محاولات محمومة لتصفية القضيّة الوطنيّة الفلسطينيّة عبر ما يُسمّى "صفقة القرن."
جاء ذلك خلال كلمة مزهر في لقاء نظّمته حركة الجهاد الإسلامي في غزة، تحت عنوان "الخروج من أوسلو"، الثلاثاء 17 أيلول/سبتمبر، حيث طرح تساؤلات حول "اتفاقية أوسلو" وما جلبته للفلسطينيين، مُعتبراً أنّ الإجابة على هذه الأسئلة تضعنا على الطريق الصحيح.
وقال في حديثه "أوسلو منذ توقيعها ماذا جلبت لنا؟ المزيد من الدمار والخراب والويلات، على مستوى الاستيطان، حيث تضاعف عشرات المرات منذ توقيع الاتفاقية حتى هذا اليوم، ونتحدث الآن عن ما يزيد عن 750 ألف مستوطن يعيشون في أراضي الضفة الغربية، وحجم المستوطنات تضاعف عشرات المرات في الضفة، وفي القدس أيضاً عمليات تهويد وتطهير عرقي، بالإضافة إلى محاولة للتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، ومحاولات محمومة لنقل السفارة الأمريكية للقدس واعتراف الولايات المتحدة بها عاصمة للاحتلال."
وتطرّق مسؤول فرع الجبهة في غزة لحالة التمزّق التي تعيشها الساحة الفلسطينية، قائلاً "نحن نعيش حالة انقسام، حالة شرخ عمودي في الشارع الفلسطيني، أوسلو لعبت دوراً رئيسياً في تمزيق الشعب الفلسطيني وحالة الانقسام التي نعيشها حتى هذه اللحظة."
وتابع "كذلك تجرّأ الاحتلال على سن القوانين العنصريّة والفاشيّة بقومية هذا الكيان وتحويله لدولة يهودية في إطار التنكّر لحقوق أهلنا وشعبنا في أراضي الـ 1948، بشكلٍ واضح وصريح."
وأضاف "ماذا أرادوا من السلطة الفلسطينية وماذا أرادوا للسلطة الفلسطينية التي تخلّينا بها منذ مجيئنا للأراضي الفلسطينية، أرادوا لها مهمّة واحدة، وهي مهمّة التنسيق الأمني، هذه الوظيفة التي أرادها الاحتلال من هذه السلطة، وبالتالي جرّدها من كل مهامها ومُقوّمات وإمكانية الوصول لما كنّا نتغنى به، الدولة الفلسطينية أو حل الدولة الفلسطينية، والآن الاحتلال الإسرائيلي وحكومة اليمين حصرت مهمّة هذه السلطة بموضوع التنسيق الأمني، هذه المهمة الرئيسية."
ويرى مزهر أنه جرى من خلال "اتفاقية أوسلو" الانقضاض على الحقوق الوطنية والثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني عبر هذه الممارسات والإجراءات التي يُمارسها الاحتلال، ويطرح هنا تساؤلاً "هل هذا مهّد الطريق أمام صفقة القرن؟ بالتأكيد، لذلك تجرأت الإدارة الأمريكية وتجرأ ترامب على الحقوق الوطنية بإعلان القدس عاصمة للاحتلال ونقل السفارة، وتجرأ بمحاولاته المحمومة من أجل إنهاء دور وكالة الغوث كخطوة وتمهيد لإنهاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين."
وتابع "وبماذا يُبشّر نتنياهو الآن؟ بضم الأغوار وشمال البحر الميت، وحديث جدّي عن ضم البؤر والكُتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية وهي تزيد عن حوالي 60 بالمائة من أراضي الضفة الغربية."
وأكمل حديثه "وبالتالي المشروع هو ضم أراضي الضفة الغربية والأغوار بما تُمثّله من مخزون سواء بالزراعة أو المياه أو الأمن أيضاً... إذن أوسلو مهّدت الطريق وجعلت الإدارة الأمريكية ونتنياهو يتجرأ على الحقوق والثوابت الفلسطينيّة."
وأشار إلى أنّ نتنياهو ليس لديه مشروع سوى السلام الاقتصادي، "والسلام الاقتصادي لا يوجد فيه دولة أو حقوق أو عودة أو لاجئين أو القدس"، وهنا الحديث عن تحويل الضفة الغربية إلى حُكم إداري ذاتي "فلماذا اليوم يُعلي من دور الإدارة المدنيّة في الضفة الغربيّة؟ لأنه عملياً يُحاول تجسيد الحكم الإداري الذاتي في الضفة."
وتابع "بالتالي نحن أمام دمار للمشرع الوطني، حُلم الدولة الفلسطينية مُنتهي، لم يعد قائم وليس له وجود في العقل الصهيوني وعقل نتنياهو، ولا فرق بين نتنياهو أو غانتس أو غيره، والأحزاب الصهيونية تتصارع فيما بينها، والمزيد من الاستلاب والتحكم والسيطرة، والمزيد من إضاعة الحقوق، وهذه ثوابت واضحة لدى الأحزاب الصهيونية."
وعن سُبل مواجهة هذه المخاطر، قال "نحن بحاجة لمُراجعة سياسيّة شاملة، نقول من خلالها أين أخطأنا وأين أصبنا، ونتفق على رؤية واستراتيجية وطنية تستند على برنامج القواسم المُشتركة، الحد الأدنى من القواسم التي يُمكن من خلالها أن نُواجه هذا الاحتلال، ونتمسّك بالمقاومة وشكلها وأين ومتى وكيف، انطلاقاً من حسابات ومصالح شعبنا بعيداً عن الحسابات الإسرائيلية، ورؤية واستراتيجية وطنية ونتمسك بالمقاومة والثوابت والحقوق."
ولفت مزهر هنا أنّ زمام المبادرة هنا بيد الرئيس الفلسطيني أبو مازن، بأن يدعو إلى اجتماع من أجل تفعيل منظمة التحرير، اجتماع الأمناء العامين لإجراء هذه المراجعة والاتفاق على الرؤية والاستراتيجية، وإلا كيف سنواجه هذه المؤامرات التي تُحاك ضد الشعب الفلسطيني، وكيف سنُواجه صفقة القرن والإجراءات التي باتت تُمارس على أرض الواقع."
نقطة أخرى تحدث فيها "الانقسام الأسود والكارثي الذي نعيشه، وكان له تداعيات كبيرة سواء على المشروع الوطني الفلسطيني أو على الحياة المعيشية لأبناء شعبنا في غزة والضفة والقدس وكل مكان."
وتابع "أعتقد ليس عبث أنّ إسرائيل مرتاحة منذ 12 إلى 13 سنة على الانقسام، لأنّ هذا يُمكّن إسرائيل والاحتلال الإسرائيلي ليُواصل سياساته العدوانية، وهذا الأمر أيضاً يُمكّن الاحتلال ليطوي صفحة كل الأطروحات والمشاريع التي جرى تقديمها عبر الخطط حتى مشروع خارطة الطريق التي قدمتها أمريكا أو كيري او أولمرت، كلها مشاريع انتهت."
وأضاف "نحن نقول أنه منذ عام 99 انتهت المرحلة الانتقالية، أوسلو انتهت، واسرائيل تقول أنّ أوسلو انتهت، وتُريد منه شق واحد هو الشق الأمني، ونحن لا زلنا نُراهن على أوسلو، ولا زلنا نُراهن على المفاوضات ولا زلنا نُراهن على الإدارة الأمريكية وسياساتها ولا زلنا نُراهن على بعض الأحزاب الإسرائيلية، وكلها رهانات فاشلة وخاسرة ولا يُمكن أن تُحقق شيء أو تجلب لنا أي شيء."
وأكمل حديثه قائلاً "بوابة إنهاء المؤامرات وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية وبوابة معالجة وحل القضايا الوطنية والمعيشية والحياتية يبدأ بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية."
تطرّق أيضاً إلى إعادة الاعتبار للعُمق العربي، قائلاً "هل يُمكن أن نُعيد الاعتبار لعُمقنا العربي ونحن نتمسك بأوسلو؟ وهذه الاتفاقيات البائسة التي أعطت فرصة للعرب لمزيد من الهرولة والتطبيع مع هذا العدو الإسرائيلي وبالتالي هذا الأمر بحاجة لرؤية دراسة كيف يمكن أن نُعيد الاعتبار لعُمقنا العربي، في إطار الشعوب العربية والأحزاب العربية التي تقف لجانب الشعب الفلسطيني بعيداً عن هذه الأنظمة المُتذيّلة والتي تسيل في فلك السياسة الأمريكية بالمنطقة وتخدم المشروع الأمريكي الصهيوني."
وأشار إلى أنه "لا يُمكن أن نُعيد الاعتبار للعُمق العربي دون إعادة الاعتبار للوحدة الوطنية والبرنامج الوطني الذي يتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية."
والنقطة الأخيرة التي تحدث فيها، الإطار الدولي "كيف يُمكن أن نُعيد الاعتبار لموقف دولي باستمرار الرهان والتمسك بالتسوية والمفاوضات؟ المطالبة بعقد مؤتمر دولي كامل الصلاحيات، من أجل تطبيق قرارات الشرعية الدولية، بعيداً عن المُراهنات والتفاوض على حقوقنا أو قراراتنا."
وتابع "مطلوب مؤتمر دولي كامل الصلاحيات لتطبيق قرارات الشرعية الدولية التي تُعطي الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير وكامل الدولة الفلسطينية."
وأكّد أنه "بهذه الركائز والنقاط يُمكن أن نُواجه المؤامرات ونُسقط صفقة القرن وكل المشاريع التي تستهدف القضية الوطنية الفلسطينية."