استهجنت منظمات حقوقية دولية وإنسانية التأخير المتكرر وغير المبرر من قِبَل المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ميشيل باشيليه، في تسليم القائمة السوداء التي تضمّ أسماء الشركات العاملة في المستوطنات الصهيونية غير الشرعية، المقامة في أراضٍ محتلة.
وفي بيانٍ مشترك صادر عن مجموعة منظمات، في مقدّمتها: منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش ومؤسس الحق، أعربت المجموعة عن "القلق البالغ والمتزايد وخيبة الأمل في المفوّضة باشيليه، التي لم تُحوّل قاعدة بيانات الشركات العاملة في أنشطة مُدرجة في قائمة المشاريع الإسرائيلية غير القانونية للمستوطنات، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى مجلس حقوق الإنسان الدولي في جلسته (42)، وفق ما هو منصوص عليه في قرار المجلس رقم (13/36/2016)، ودعوة المجلس لتنفيذ القرار بالجلسة (34) في مارس 2017".
ووفق ما نشرته صحيفة " القدس " في عددها الصادر، اليوم السبت 5 أكتوبر، قالت المجموعة "إنّ التأخيرات المتكررة والمفتوحة وغير المبررة ليس لها سابقة مع الولايات السابقة في مكتب المفوض، ويتناقض مع ما تعهدت به المفوضة الحالية (باشيليه) خطيًا في مارس 2019، حين كتبت إلى رئيس مجلس حقوق الإنسان، بالوفاء بكشف قاعدة بيانات الشركات العاملة في المستوطنات وأسمائها وكل ما يخصها في الأشهر المقبلة".
وأوضح البيان المشترك أنّ قرار تأجيل كشف "القائمة السوداء" للشركات المُتورّطة، وعدم تسليمها للمجلس في دورته السابقة التي انعقدت في سبتمبر المُنصرم، يعني أنه لن تُتاح للمجلس فرصة عملية للنظر في تنفيذ القرار قبل دورته التالية المقررة في آذار 2020.
ويُعِدّ المجلس الأممي تقرير "القائمة السوداء" بطلبٍ من السلطة الفلسطينية وحركة المقاطعة العالمية (BDS). وسبق أن تم تأجيل نشر البيانات المتعلقة بهذه القائمة في العام 2017، وفي مارس 2019- ما يزيد من حالة السخط والاحتقان لدى العديد من الجهات الدولية، فضلًا عن الفلسطينيين ونشطاء حركة المقاطعة، في ظلّ مُؤشرات واضحة على إفلاح الضغوط الصهيونية والأمريكية لعدم النشر.
وتضمّ القائمة 130 شركة "إسرائيلية" و60 شركة دولية، تعمل بشكل مباشر أو عن طريق وكلاء أو طرق التفافية في المستوطنات في الضفة الغربية بما فيها القدس والجولان السوري المحتل، بما ينتهك القانون الدولي، ويُخالف قرارات الأمم المتحدة بشأن الاستيطان.
وتتخوّف دولة الاحتلال من أن يُسهم نشر أسماء هذه الشركات في توسيع دائرة المقاطعة والعزلة الدولية والخسائر الاقتصادية لها، لذلك عمل الكيان بكلّ قوّته، ومعه الولايات المتحدة، في السنوات الأخيرة لمنع نشرها. وكذلك حاول الاتحاد الأوروبي التوصل إلى تسوية يتنازل الفلسطينيون من خلالها عن مطلب تحضير القائمة السوداء، إلّا أن محاولاته باءت بالفشل، وتم تبني المبادرة بجميع بنودها
وتُؤكّد عدة جهات تعرُّض المفوضة السامية باشيليه لضغوط صهيونية وأمريكية وأوروبية كي لا تُقدم على نشر القائمة السوداء. ويُؤكّد هذا نشرُها بيانات مُشابهة متعلقة بميانمار فور اتخاذ مجلس حقوق الإنسان الأممي قرارًا بذلك. كما أنّ المفوضة لم تُقدّم أيّة أسباب أو تفسيرات جوهرية لتأخير نشر القائمة. ومع هذا دعت منظمات المجتمع المدني من جميع أنحاء العالم باشيليه إلى الوفاء بقرار المجلس الأممي، ونشر القائمة، والعمل على مقاومة هذه الضغوط وإظهار مدى استقلاليتها.
وأضاف البيان أنّ "نشر القائمة ليس مهمًا فقط لحماية حقوق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، ولكنه يشكل أيضًا تطورًا هامًا في الجهود الدولية لضمان احترام القانون من قِبَل الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، ويُشكل أداة مهمة لتعزيز تنفيذ القانون والمعايير الدولية".
يُشار إلى أنّه ومنذ إنشاء "القائمة السوداء" في عام 2016، صعّدت دولة الاحتلال من بناء المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة، بدعمٍ أمريكي.
وتُحذر المؤسسات الحقوقية الدولية من أنّ "النشاط التجاري في المستوطنات أو معها يُساهم بطرق عديدة في نمو هذه المستوطنات وتطويرها وفي انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وتأخير نشر بيانات الشركات المتورطة في هذا النشاط، يُعزز الإفلات من العقاب، ويُمكّن من ترسيخ وتوسيع المستوطنات غير الشرعية".