Menu

سوريـا: هل اقتربت ساعة الحل ؟!

طفل سوري يجلس في بيته المدمّر جراء القصف

بوابة الهدف_ غرفة التحرير

مبادرتان  متوازيتان، مع ذلك تلتقيان  في أن كلتاهما تهدفان إلى وضع حد للأزمة السورية، وتنطلقان من توافق بينهما إزاء تحليل هذه الأزمة، ودعمها للدولة السورية في مواجهة الإرهاب، مبادرة روسية وأخرى إيرانية، كانتا وراء حمى التحركات الدبلوماسية النشيطة التي شملت عدة عواصم واجتماعات على مستويات عليا، بالتوازي مع عمليات الميدان التي شملت كافة أنحاء الوطن السوري، البعض يقول أن سبب هذه الحمى، هو استثمار ما نتج عن التوقيع على " الاتفاق النووي" بينما يرى البعض الآخر، إن ذلك يعود إلى قناعة راسخة لدى واشنطن بأن حربها ضد داعش لا يمكن لها أن، تنجح من دون تعديل سياستها، خاصة موقفها آزاء الرئيس بشار الأسد ودوره في حل سياسي للأزمة السورية في حين يرى البعض، أن خروج المسألة الكردية عن السيطرة، والخشية التركية عن ولادة دولة كردية على حدودها الجنوبية السورية في حال هزيمة الدولة السورية وتقسيمها، كان وراء استثمار أطراف دولية فاعلة لهذه الخشية، للضغط على تركيا لتغيير سياستها الداعمة "لداعش" الأمر الذي يفرز تداعيات جديدة، أملت على أنقرة اتخاذ خطوات جدية على حدودها مع الدولة السورية، تحت رقابة إعلامية واسعة، رغم تشكيك البعض بأن الحراك التركي على هذا الصعيد يرتبط بالموقف من إيجاد منطقة عازلة تحت سيطرتها، ومواجهة احتمالات قيام دولة كردية على حدوها.

بصرف النظر عن أسباب ما شهدته الأيام الأخيرة من حراك إقليمي، دولي تمركز حول المبادرتين، الروسية والإيرانية، كان خلف هذه التحركات المعلنة، بعضاً من الإيحاءات السياسية التي تشير إلى أن هذا التحرك، أكثر جدية من أي وقت مضى، مع أنه لا يجب الرهان عليه لإنجاز تسوية سياسية في وقت قريب، إذ أن ورغم كل ما يقال فإن ما يجري في الميدان، هو الذي يقرر مصير أية تسوية سياسية، لذلك فإن المشاورات والتحركات تبدأ فاعلياتها من خلال تأثيرها على الداعمين لمختلف الفصائل المحاربة على الأرض السورية، على تعديل سياساتها، وبحيث يصبح العنوان الأساسي لأي تحرك سياسي أو حراك ميداني، هدفه مواجهة كافة الأطراف على اختلاف تبايناتها، لتنظيم داعش، وهو على الأرجح الوسيلة الوحيدة، لوضع كافة الأطراف جهودها تحت تصرف التسوية السياسية المقبلة.

تشير بعض الإيحاءات، أن واشنطن التي كانت تطرح تسوية سياسية تستثني الأسد، باتت مترددة إزاء هذا الموقف ويقال أن الرئيس بوتين كان قد أجرى مكالمة هاتفية مع أوباما، طلب من الرئيس الأمريكي اقتراح بديل عن بشار الأسد، إلا أن أوباما لم يرد، وهو ما اعتبره بوتين سبباً في أن واشنطن أخذت تقر ضمناً على الأقل- بضرورة التوصل إلى حل سياسي في سوريا من دون استثناء الأسد.

كما يقال أن مكالمة هاتفية أيضاً بين الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره التركي رجب طيب أردوغان تناولت المبادرة الإيرانية، إلاّ أنها كانت تهدف إلى الإيحاء بوجود توافق بين طهران وأنقرة كشكل من أشكال الضغط على طرف ثالث، وهو السعودية من ناحية وإشارة إلى أن طهران، ومقابل وقوف انقرةإلى جانبها، ستدعم موقف تركيا من القضية الكردية.

تقول مصادر إيرانية أن هناك توافقاً أولياً حول المبادرة التي صاغتها مع كل من تركيا و قطر ومصر، أما بشأن هذه الأخيرة، فهي تدفع بمجموعة" مؤتمر القاهرة" للمعارضة السورية بقيادة هيثم مناع لتأكيد دورها الفاعل في مواجهة الائتلاف السوري المعارض الذي تدعمه أنقرة والذي أعاد انتخاب الإخواني خالد خواجه على راسه.

يقال أن هناك انفراجاً بين موسكو وواشنطن حول المسألة السورية، غير أن الترجمة الفعلية لهذا الانفراج، من المفترض أن تعمل على سد الفجوات بين طهران والرياض، مواجهة استعصاءات أي حل سياسي محتمل للمسألة السورية، بالتأثير على الميدان من خلال التأثير على المعارضة المسلحة وفصائلها التي تتلقى الدعم من بعض دول الخليج العربي.

وإذا كانت المبادرة الروسية، تمتلك ميزة العلاقات بين موسكو ومعظم فصائل المعارضة السياسية السورية، كان للمبادرة الإيرانية ميزة، قدرة طهران على التأثير على الأوضاع في التوترات في منطقة الخليج، على الأقل من وجهة نظر دول هذه المنطقة.

ولعل تلاقح المبادرتين، من شأنه أن يشكل حصاراً لكل جهات التعطيل، وتفتح أفاقاً أرحب، لوضع حد لتداعيات الأزمة السورية، وإنقاذ هذه الدولة من الارهاب والتقسيم الذي من شأنه أن يغير خريطة المنطقة لصالح أجيالها القادمة.