Menu

بغطاء أوروبي: مشروع بيئي استيطاني على أراضي الضفة

بوابة الهدف - متابعة خاصة

خلال الشهر الماضي (تشرين ثاني) طرحت الحكومة المحتلة الصهيونية مناقصة مثيرة للجدل، لإقامة منشأة هي الأولى من نوعها لاستخراج الطاقة من النفايات بكلفة نحو مليار شيكل.

وخلف التقنية المتطورة والتقدم العلمي، يظهر الوحش الاستعماري الصهيوني متخفيا، حيث أن هذه المنشأة ستقام على أراض فلسطينية منهوبة وداخل الضفة الغربية المحتلة في مخالفة للقانون الدولي الذي يمنع دولة الاحتلال من استخدام موارد الأرض المحتلة، وتجاهل السكان أصحاب الأرض ومصالحهم في هذه العملية.

المشروع الذي كشفت عنه "بتسيلم" ولم يحظ باهتمام سياسي أو إعلامي فلسطيني كبير للأسف، سيقام على بُعد نحو 700 متر شرقيّ المنطقة الصناعيّة "ميشور أدوميم" إلى جوار موقع "هشومروني هطوف" داخل مسطّح نفوذ مستوطنة "معليه أدوميم" على أرضٍ صادرتها إسرائيل منذ عام 1975، وكما هو معروف فإن هذه المستوطنة وملحقاتها أقيمت على أرض مصادرة ومخالفة للقانون الدولي، كما غيرها من المستوطنات المقامة في الضفة الغربية المحتلة.

بادر إلى المشرع الاستيطاني الجديد شركة التخطيط والتطوير في معاليه أدوميم حيث يزعم رئيس بلدية المستوطنة بيني يسرائيل أن المشروع سيخدم في المستقبل "أجزاءً واسعة من دولة إسرائيل" ولذلك - يقول - إنها تستحقّ أن تُعتبر "مشروعًا قوميًّا"، وبالفعل تبنّت وزارة حماية البيئة الاحتلالية المُنشأة وجعلتها جزءًا من الخطّة الإستراتيجية لمعالجة نفايات المدن التي وضعتها الوزارة لعام 2030.

وفقًا للمخطّطات يُفترض أن تنطلق المنشأة في عملها عام 2025 لتخدم السلطات المحلّية الإسرائيليّة في منطقة متروبولين القدس . و تزعم بلديّة مستوطنة "معليه أدوميم" أنّ من سيستفيد من المنشأة هو البلديّات التي تعدّ ما يقارب مليون نسمة الواقعة حول المنشأة ضمن دائرة قطرها نحو 40 كيلومترًا وبضمنها البلديّات الفلسطينيّة، ولكن سوى مدينة القدس ومستوطنة "معليه أدوميم" لم يُنشر حتى الآن من هي هذه البلديّات.

يذكر أن الكيان الصهيوني قد وقع هذه السنة اتفاقية مع الاتّحاد الأوروبيّ - ضمن مخطّطات التعاون التي يسعى إليها الاتحاد الأوروبيّ مع الدول المجاورة- وفقًا لهذه الاتّفاقيّة ستحصل "إسرائيل" خلال السنتين القادمتين على دعم مقداره نحو مليون ونصف المليون يورو لتمويل تنفيذ الخطّة الإستراتيجيّة لوزارة حماية البيئة لعام 2030. في المقابل التزمت "إسرائيل" ضمن هذه الاتّفاقيّة بأمور عدّة من بينها تطبيق إطار تشريعيّ يتبنّى التطبيقات والتعليمات الأوروبيّة لمعالجة مستدامة للنفايات. وكما في جميع الاتّفاقيّات التي يعقدها الاتّحاد الأوروبيّ مع الكيان يحدّد ملحق الاتّفاقيّة بصريح العبارة أنّها لا تسري خارج حدود الخطّ الأخضر. غير أنّ تمويل الاتّحاد الأوروبي للخطة الإستراتيجيّة التي وضعتها وزارة حماية البيئة يُفرغ هذا الملحق من مضمونه لأنّ من ضمن الأهداف المشار إليها في الخطّة إقامة منشأة "معليه أدوميم" ولأنّها تعتبر استخدام أراضي الضفة لأجل معالجة المكاره البيئيّة أمرًا عاديًّا ومفهومًا ضمنًا. ما يفعله الاتّحاد الأوروبيّ عمليًّا هو أنّه يقدّم للكيان المعرفة والخبرة التي راكمها لكي تسخّرها في تعميق استغلال موارد الأرض الفلسطينيّة وتعزيز مستوطنة "معليه أدوميم" اقتصاديًّا.

منذ سنين طويلة تستغلّ "إسرائيل" موقعها كدولة احتلال مستخدمة أراضي الضفة الغربيّة في معالجة النفايات (بما في ذلك نفايات خطيرة ولكي تسهّل المهمّة لنفسها أنشأت واقعًا تتيح فيه التشريعات البيئيّة في الضفة تسهيلات كبيرة مقارنة مع الوضع داخل الخط الأخضر، وهي في ذلك تتجاهل الآثار بعيدة المدى لهذه المكرَهات البيئيّة على السكّان الفلسطينيّين والبيئة وموارد الطبيعة وعلاوة على ذلك تمتنع "إسرائيل" عن وضع خطط تأهيل مستقبليّة. و لقد ولّدت هذا الواقع محفّزات اقتصاديّة لنقل معالجة المكاره البيئيّة من إسرائيل إلى أراضي الضفة المحتلّة استفادة من التسهيلات المذكورة. أمّا من يُجبر على دفع أثمان بيئيّة باهظة فهم الفلسطينيّون السكّان الواقعون تحت الاحتلال رغم أنّه لم يُسألوا عن رأيهم أبدًا في هذه المخطّطات علمًا أنّهم لا يملكون قدرة حقيقيّة على رفضها من حيث أنّهم سكّان أرض محتلّة مجرّدين من قوّة التأثير السياسيّ.