لاقى هدم قوات الاحتلال الصهيوني منزلي الأسيرين وليد حناتشة ويزن مغامس فجر أمس الخميس، رفضًا فلسطينيًا واسعًا، وسط تأكيدٍ على ضرورة استمرار المقاومة لردع الاحتلال ووقف جرائمه بحق أبناء شعبنا.
وهدمت قوات الاحتلال، فجر الخميس، منزل الأسير يزن مغامس في بلدة بيرزيت شمال رام الله، وجدران منزل الأسير وليد حناتشة في حي الطيرة غربًا، وسط اندلاع مواجهات، أسفرت عن إصابة العشرات بحالات اختناق.
وفي مشهد استفزازي، تجمهر عدد من جنود الاحتلال أمام البناية المتواجدة فيها شقّة الأسير حناتشة وأخذوا يلتقطون الصور التذكارية بعد عملية الهدم.
بدورها، عبّرت بيان حناتشة، زوجة الأسير وليد، عن استنكارها لموقف السلطة الفلسطينية التي لم تُحرّك ساكنًا منذ اعتقال زوجها، ومن ثمّ صدور قرار الهدم بحق المنزل وتنفيذه.
ولفتت السيّدة بيان إلى أنّه "في ذات الشارع الذي يتواجد فيه منزلهم، وسط مدينة رام الله، تُوجد سفارات ومنازل وزراء وعُمداء في السلطة الفلسطينية، كما لا يبعد مجلس الوزراء الفلسطيني عن المنزل كثيرًا، كل هؤلاء لم يُحرّكوا ساكنًا منذ صدور قرار الهدم حتى تنفيذه اليوم.
وقالت، في مقابلة مصوّرة لوكالة (وطن)، مُخاطبةً السلطة الفلسطينية: "أين أنتم؟.. أين أنتم يا سُلطة؟... يقتحم الاحتلال عقر بيتكم، تُغلقون الباب على أنفسكم وتنامون وتتركونه يهدم منازلنا؟!!"، وأضافت "ناشدناكم منذ اللحظة الأولى، ولم تتحرّكوا!".
وأكّدت حناتشة أنّ "ما جرى جريمة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فالأسير مُعتقل ولم تصدر إدانة واضحة أو حكم بحقه، ورغم هذا يتم هدم المنزل وتشريد ساكنيه، ووضع حياة كل قاطني البناية التي يقع ضمنها البيتُ للخطر، وهم أكثر من 50 شخصًا، وعليه ناشدت المؤسسات الدولية إلى التدخلّ للجم هذه الممارسات الإسرائيلية".

وكما أوضحت، استمرّت جريمة الهدم منذ الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، حتى الساعة 3:45 تقريبًا من فجر الخميس 5 مارس/ آذار، وخلال عملية الهدم احتجزت القوات الصهيونية ساكني الشقق داخل منازلهم، وهم قرابة خمسين شخصًا، منهم أطفال أُصيبوا بحالة ذعر شديدة ولم يتوقفوا عن البكاء والصراخ، ولم يسمح الاحتلال لأيّ أحدٍ بالخروج وحاصروا كل شقّة بعددٍ من الجنود.
وعن المنزل الذي صار ركامًا الآن، قالت السيّدة حناتشة "إنّ المنزل غالٍ على الشخصِ وكأنه ابنه، يُربيه على مرّ السنوات.. خاصةً إذا كان بناه بنفسه، فحينها يكون لكل حجرٍ معنى وذكرى.. لكن في النهاية هذا هو الاحتلال وهذا هو إجرامه المعهود.. وكلّه فداءٌ للوطن.. والأهم هو حياة وليد وحياة بناتنا.. والحجارة تُبنى من جديد".
وتحدّثت عن جريمة تعذيب زوجها في أقبية التحقيق لدى جهاز المخابرات الصهيوني، وقالت "إنّ وليد من الأسرى القلائل الذين فُضحت جرائم التعذيب والشبح التي تعرّض لها".
وأوضحت أنّه يقبع الآن في سجن ريمون، وهو يتماثل للشفاء رغم الآلام المتفرقة والمستمرّة في عضلاته وظهره، وهو متماسك حتى اللحظة، لكن المشكلة الصحية الأكبر التي يُعاني منها الآن هو إصابته بانحراف في الشبكية، بسبب الضرب الشديد على الرأس خلال التحقيق معه وتعذيبه، وهذا يُمكن أن يُؤدّي إلى فقدان البصر في عينه بأيّة لحظة".
وكما يقول وليد حناتشة، واقتبست زوجته "من بنى البيت يُعيد بناؤه مُجدّدًا بعد هدمه.. وإذا كان الهدم يفشّ غليلهم فليفعلوا ما يشاؤون!"، وأضافت زوجة وليد "ولا مرّة رح يهزنا هدم البيت.. المهم وليد عايش ونفَسه وصوته في الدنيا.. بيكفّينا وزيادة وعن كل بيوت الدنيا".
وفي ذات السياق، قالت سناء أبو عواد وهي والدة يزن مغامس لـ"بوابة الهدف"، في وقتٍ سابق، إنّ هدم المنزل "يأتي ضمن سياسة الردع التي يسميها الاحتلال، وهي سياسة عقاب جماعي، تم تسليمنا القرار الذي يستعرض فيه الاحتلال لائحة الاتهام بحق يزن، ويتهمه بالمشاركة في تنفيذ عملية عين بوبين، رغم أنه لم يتم إدانته"، موضحةً أنّه "لا يوجد أي دولة في العالم تتبع هكذا أمر، الجميع يعتبر المتهم بريء حتى تثبت إدانته، حتى الآن لم يتم إدانة يزن، وبالتالي لا يوجد أي مبرر لهدم المنزل، سوى أنه محاولة لإخافة العائلة وعقابها الجماعي".

وأكَّدت "بيتنا ليس أول بيت ولا آخر بيت، وهي سياسة الاحتلال يعمل فيها منذ عام 1948، ومثل أي منزل تم تدميره وهدمه، المهم أن يتم فضح هذا الاحتلال في المحاكم وعلى المستوى الدولي، فسياسة العقاب الجماعي غير معقولة".
وفي إحصائية له، قال نادي الأسير الفلسطيني، الخميس، إن سلطات الاحتلال هدمت منذ مطلع العام الجاري، ثلاثة منازل تعود لأسرى في سجون الاحتلال وهم: أحمد قنبع من جنين، ووليد حناتشة، ويزن مغامس وكلاهما من رام الله.
وهدمت سلطات الاحتلال منزل الأسير قنبع للمرة الأولى عام 2018، والمرة الثانية في السادس من شباط/فبراير المنصرم، علمًا أنه معتقل منذ تاريخ السابع عشر من يناير 2018، وما يزال موقوفًا.
وأكَّد النادي أنّ "الاحتلال الإسرائيلي يواصل تنفيذ سياسة العقاب الجماعي الممنهجة بحق عائلات المعتقلين، ومنها سياسة هدم المنازل، إضافة إلى استدعاء أفراد من عائلاتهم للضغط عليهم أو اعتقالهم، والاقتحامات المتكررة لمنازلهم، وتنفيذ اعتداءات وعمليات تخريب".
وتابع، أنّ "سياسة هدم المنازل لا تستهدف عائلات الأسرى فقط، وإنما تحاول سلطات الاحتلال من خلالها استهداف الوجود الفلسطيني، والذي عجز عن مواجهته على مدار سنوات الاحتلال".
وفي السياق، شددت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين على أنّ "هدم جيش الاحتلال، فجرًا، منزليْ الرفيقين: وليد حناتشة ويزن مغامس، في رام الله جريمةٌ صهيونية جديدة، سنرد عليها بمزيد من المقاومة"، مؤكدة أن "شعبنا المناضل في عموم الوطن سيواجه هذه السياسة وسينتصر عليها".
وحيّت الجبهة السواعدَ الشابّة التي تتصدى لآليات وجرافات الاحتلال بالمولوتوف والحجارة، وتقدم النموذج الثوري والرد الحقيقي على سياسة الاحتلال الإجرامية.
واعتبرت أنّ "سياسة العقاب الجماعي التي يمارسها الاحتلال الجبان، والتي تستهدف كسر إرادة شعبنا، لن يحصد منها إلا الخيبة والفشل، داعية جماهير شعبنا وفي مقدمتهم الرفاق والمنظمات في الوطن والشتات إلى تنظيم حملات وطنية ودولية ومسيرات شعبية حاشدة، في شهر آذار، ضد سياسة هدم البيوت، والشروع الفوري في إعادة بناء البيوت المهدمة"، مُؤكدةً أنّ "الحاضنة الشعبية للمقاومة والحركة الأسيرة أقوى من جرافات وآليات العدو".
ودعت الجبهة "لتحويل سياسة هدم البيوت إلى سياسة خاسرة ومكلفة للاحتلال من خلال الالتفاف الجماهيري حول خيار المقاومة، ودعم الأسر المتضررة على كافة المستويات"، مُشيرةً إلى أنّه "من المعيب أن تدخل قوات الاحتلال إلى مدننا وقرانا ومخيماتنا في الضفة فيما الأجهزة الأمنية الفلسطينية عاجزة عن التصدي لها أو تتفرج وكأن الأمر لا يعنيها، في الوقت الذي تواصل فيه قيادة السلطة سياسة الإهمال لعائلات الأسرى والشهداء المهددة منازلهم بالهدم".
ودعت الشعبية، بشكل فوري، إلى نقل ملف هدم البيوت وسياسة العقاب الجماعي إلى المؤسسات والمحافل الدولية ذات الصلة لفضح جرائم الكيان الصهيوني، وضرورة إدراج سياسة هدم البيوت على برنامج حركة المقاطعة في العالم، باعتبارها جزء من سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها قوات الاحتلال.
أمَّا حركة حماس ، فقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم، إنّ "هدم جيش الاحتلال لمنازل الأسرين يزن مغامس ووليد حناتشة في رام الله فجر اليوم، هو فعل إرهابي وسلوك عصابات".
وأكَّد قاسم في تصريحٍ له أنّ "سياسة هدم منازل المقاومين أثبتت فشلها منذ انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة"، مُشيرًا أنّ "استمرار الاحتلال بها يؤكد على عجزه في مواجهة شعبنا"، مُضيفًا "توهّم المحتل أن هذه السياسة ستكسر إرادة شعبنا أو توقف نضاله، بل تدلل على غباء هذا المستعمر المتعجرف".
كما قال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، الشيخ خضر عدنان، إن "سياسة الاحتلال في هدم منازل الأسرى والشهداء لن تثني الشعب الفلسطيني عن مواصلة مقاومته، ولن تقف عائقًا أمام سعيه لتحقيق حريته"، مُضيفًا إنّ "بيوت كل فلسطين مفتوحة لذوي الأسيرين البطلين حناتشة ومغامس، الكل يقف في صف المقاومة مع الرفاق في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأسراها الأبطال".
وتابع عدنان "سياسة هدم المنازل والعقاب الجماعي لذوي شهداء وأسرى شعبنا لن تكسر بقوته تعالى عزيمة شعب قرر الحرية"، موجهًا التحيّة "للشباب الثائر في رام الله وبيرزيت التحامًا مع ذوي الأسيرين حناتشة ومغامس".
كما أكَّد القيادي في الجهاد الإسلامي على أنّ "الرد العملي على هدم المنازل يكون بتوجيه كل الإمكانات لإعادة بناء المنازل فورًا وإسناد عائلات الأسرى الأبطال".
بينما أدانت وزارة الخارجية والمغتربين بأقسى العبارات "التصعيد الحاصل في عمليات واجراءات وتدابير الاحتلال الاستعمارية التوسعية الإحلالية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والتي كان آخرها هدم المنازل بالجملة كما حصل في بلدة بيرزيت وحي الطيرة برام الله، وهدم جزء من منزل في المكبر ب القدس المحتلة".
وأكدت الوزارة في بيانٍ لها أنّ "انحياز إدارة ترمب الكامل للاحتلال وسياساته والإعلان عن مؤامرة القرن المشؤومة شجعت دولة الاحتلال ومستوطنيها على تنفيذ مخططاتها ومشاريعها الاستيطانية التوسعية"، مُعتبرةً أنّ "تصعيد إجراءات وتدابير الاحتلال من الاستيلاء على الأراضي وتجريف وهدم منازل واستيطان وغيرها ما هي إلا خطوات تحضيرية لعمليات الضم التي وردت في صفقة القرن والتي وعد نتنياهو بتنفيذها".
وشددت على أنّ "معارضة المجتمع الدولي لصفقة القرن يجب أن تقترن بإجراءات وخطوات عملية، بحيث تتم ترجمة تلك المعارضة عبر موقف دولي حازم في وجه هذه المخططات الاسرائيلية الرامية إلى تنفيذ صفقة القرن دون أي انتظار، وبشكل تدريجي على الأرض"، مُطالبةً "بصحوة سريعة يسترجع من خلالها المجتمع الدولي دوره الحقيقي في التحرك السريع بشكل يوازي مخاطر تطبيقات تلك الصفقة على الأرض".
وقررت محكمة الاحتلال الصهيوني في وقتٍ سابق هدم منازل الأسرى الفلسطينيين المتهمين بتنفيذ عملية عين بوبين قرب رام الله في الضفة الغربية المحتلة أواخر شهر آب/ أغسطس 2019، والتي أدت لمقتل مستوطنة صهيونية، إذ يتهم الاحتلال الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين بتنفيذ العملية.
ونشر ما يُسمى جهاز الأمن العام "الشاباك"، قبل شهور تفاصيل العمليّة، وأعلن عن خليّة مكوّنة من أربعة أشخاص على الأقل، مُدعيًا أنهم "اعترفوا بتنفيذهم العملية وتخطيطهم لتنفيذ عملية تفجيرية أخرى، وضبط عبوة ناسفة أخرى بحوزتهم".
وزعم الاحتلال أيضًا أنّ مسؤول الخلية هو الأسير سامر العربيد (44 عامًا) من رام الله، وهو من كبار قادة الجبهة الشعبيّة، إضافة إلى قسّام شبلي (25 عامًا)، ويزن مغامس (25 عامًا)، ونظام يوسف محمد (21 عامًا)، ووليد حناتشة (51 عامًا).
وأظهرت صور مسربة آثار التعذيب الذي تعرّض له الأسير الفلسطيني وليد حناتشة، إذ بيّنت الصور آثار التعذيب والكدمات الظاهرة في مختلف أنحاء جسده، خصوصًا في الأرجل والقدمين، وذلك جراء تحقيق كان يمتد طيلة 23 ساعة متواصلة يوميًا، بالاضافة إلى التعذيب الوحشي الذي تعرّض له الأسير سامر العربيد الذي قال جهاز "الشاباك" الصهيوني أنه عذّبه بأساليب لم يستخدمها منذ سنوات.
واعتقل الاحتلال بسبب ذات العملية، أكثر من 40 فلسطينيًا، منهم طلبة ونشطاء، ومارس بحق عددٍ منهم تعذيبًا شديدًا وثقته وأدانته مؤسسات حقوقية محلية ودولية.
وقالت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، عقب ذلك، إن المؤسسة تعمل على تقديم شكاوى للجهات المختصة حول جرائم التعذيب التي نفذتها مخابرات الاحتلال "الإسرائيلي" بحق الأسير وليد حناتشة، وجميع الأسرى بما فيهم سامر العربيد.