جاءت استقالة نائب رئيس حركة النهضة في تونس عبد الحميد الجلاصي، على نحو يذكر بمآخذ خصوم حركة النهضة التونسية وناقديها، الذين يأخذون على الحركة ازدواجية خطابها السياسي والتحولات المفاجئة في مواقفها وتعهداتها السياسية، وكذلك ارتباطات اقليمية لها.
وكان نائب رئيس حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي تقدم باستقالته من منصبه مرجعًا أسبابها إلى التوجه العام للحركة منذ عام 2011، مبديًا عدم رضاه عن الأداء المؤسسي والخيارات السياسية، مؤكدًا أنّ الخيار الديمقراطي بات مهددًا داخل النهضة.
والجلاصي هو من القياديين البارزين في حركة النهضة الذين وجهوا انتقادات حادة وعلنية في وسائل الإعلام لطريقة تسيير الحركة، إذ أكّد في أحد تصريحاته الاعلامية (لقناة الحوار التونسي) أنّ "النهضة لديها أربع سنوات وهي في مخاض داخلي حقيقي سيؤثر على مستقبلها".
وأكَّد على ضرورة إيجاد حلول داخل الحركة قبل عقد مؤتمرها المقبل في الفترة القريبة القادمة، معبرًا عن "تخوفه من أن تلقى النهضة مصير نداء تونس الذي عرف انقسامات حادة أدت إلى انشقاقه إلى عدة أحزاب وخسارته الانتخابات التشريعية الماضية".
واعتبر الجلاصي في تصريحات تبعت استقالته أنّ "الحركة فقدت بصمتها التغيرية، وباتت مشغولة بهواجس التأمين الذاتي".
يذكر أنّ تاريخ الاستقالات في حركة النهضة حافل بالأسماء والأحداث حيث كان أبرزها استقالة أمينها العام حمادي الجبالي عام 2014 من كافة هياكلها، بسبب خلافات حول شكل الحكومة، كما استقال القيادي رياض الشعيبي عام 2013، احتجاجًا على قبول حركة النهضة الخروج من السلطة وتشكيل حكومة كفاءات بقيادة مهدي جمعة.
كما شهدت الحركة استقالات أخرى، من بينها استقالة زبير الشهودي، رئيس مكتب رئيس الحركة العام الماضي من كافة مؤسسات الحركة، تلتها استقالة زياد العذاري الأمين العام من المناصب القيادية في نوفمبر الماضي، احتجاجًا على تعيين الحبيب الجملي لرئاسة الحكومة، وعدم تقدم الحركة بمرشح من قياداتها.
ونشر نائب رئيس حركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، رسالة ثانية للرأي العام التونسي، معلنًا فيها عدم نيته الصمت على ما يحدث داخل النهضة.
ونفى الجلاصي في الوقت نفسه أي نيّة لديه للإضرار بالنهضة من خلاله، مؤكدًا عدم وجود توجه لتشكيل نسخةٍ ثانية من حركة النهضة ونيته في تكريس جهده لوضع تجربته في حركة النهضة والتي دامت حوالي ٣٠ عامًا بين أيدي مراكز الأبحاث والفاعلين السياسيين.
وتزيد الاستقالة الجديدة داخل حركة النهضة التونسية من حدة الخلافات والانشقاقات داخل الحزب ذو الخلفية الإسلامية، ولم تقف الخلافات عند النائب بل امتدت إلى أعضاء مجلس الشورى الذين لوحوا باستقالات جماعية في حال عدم إجراء المؤتمر العام المقرر في 11 مايو المقبل، معتبرين أن تأجيله يمثل انحرافًا خطيرًا في المسار الديمقراطي للحركة، على حد تعبيرهم.