Menu

لينتهي العالم الذي نعرفه!

خاص بوابة الهدف

أعوام طويلة من سيطرة رأس المال على هذا العالم، خصخصة المؤسسات الصحية، وتقليص موازنات البحث العلمي، خفض الإنفاق على الجهاز الصحي والرعاية الطبية، تقليص تغطيات التأمين الصحي؛ هذه السمة الغالبة على عالمنا منذ عدة عقود، ونحن ببساطة الآن ندفع الثمن جميعًا.

رؤوس المنظومة الرأسمالية في هذا العالم، أؤلئك الذين اتخذوا القرارات التي أوصلتنا إلى هنا، والذين قلّصوا الإنفاق على القطاع الصحي، وهشّموا القدرات العلاجية المتاحة لفقراء هذا العالم، خرجوا في الأيام الماضية تِباعًا ليخبروا سكان الأرض أن النظام الصحي لا يستطيع التعامل مع انتشار المرض، وسينهار في حال اتساع نطاق انتشار العدوى. وهنا، لا نتحدث عن علاج المرض أو اختراع لقاح فعال ضده، أو حتى إيجاد علاجٍ قوي وفعال ضد أعراضه المدمرة، ولكن مجرد توفير الدعم الضروري للأجهزة الحيوية للإنسان المصاب حتى يستطيع جسمه التعافي من تلقاء ذاته والتخلص من النوبة المرضية.

تقريبًا أُتيحت لأجدادنا قبل ألفيْ عامٍ ذات الظروف، أي اعتماد الإنسان على جسده ومناعته ومقدار صحته للتعافي من المرض، هذا ما يقدمه لنا النظام الصحي الحالي، الذي تم إفقاره لصالح دول تستعبد شعوبها بالربط بماكينة العمل اليومية ومنظومات الجباية الوحشية لمصلحة الأغنياء.

المعلومة الأكيدة أن نسبة عالية من المرضى بحاجة إلى أجهزة العناية الطبية ودعم الحياة والتنفس، أو أجهزة العناية المركزة، وأن هذه النسبة تفوق بكثير عدد ومواقع توفر هذه الأجهزة ومشغليها في معظم وربما جميع دول العالم، وخلال أيام سيكون على العاملين في القطاع الطبي اختيار أي مريض سيعطونه فرصة للحياة بوضعه على واحد من أجهزة التنفس القليلة المتوفرة فيما سيُترَك آخر للموت، وعلينا جميعًا أن ندفع ثمن هذا الوضع من أرواحنا و أرواح أحبابنا، ومن ينجو من الموت المباشر قد يكون عليه أن يدفع ثمن تعطل أجزاء من رئتيه أو أعضائه الحيوية.

ما هي خطة المواجهة المتاحة الآن، أعلن كبار أقطاب عالم رأس المال، عن خطة واحدة تقريبًا بنسخٍ مختلفة، محورها أن الإصابة بالفايروس محتومة للأغلبية من سكان العالم، وأن الجهد الأساسي هو الحجر الصحي وإجراءات حظر التجمع، بهدف تقسيط عمليات الإصابة بحيث يستطيع القطاع الطبي التعامل معها وفق قدراته المتاحة.

هذا يعني ببساطة أننا أمام ممر إجباري مُميت، يعني حتمًا موت حوالي ٣,٥% على الأقل من سكان الكوكب لو كُلّلت خطتهم المذعورة بالنجاح التام، نجاحٌ مستحيل التحقيق في ضوء الموارد المتاحة، بما يرفع النسب لأرقام مشابهة لتلك التي حصلت في إيطاليا والتي فاقت ١٠% وفيات من إجمالي الإصابات.

لننظر إلى وجوه من حولنا جيدًا، ونتذكر أننا سنخسر منهم نسبة حقيقية، وأن هذه النسبة لم تمت بسبب الفايروس بل بسبب رأس المال الذي بلغ عبثه واستهتاره بالإنسان حد التسبب بهذه المقتلة، وإذا ما قُدّرت لنا النجاة لنحرص على أن هذا لن يتكرر أبدًا، لن نسمح لرأس المال بقتلنا مجددًا، لن نسمح بانتزاع الأرواح لأجل زيادة أرصدة البنوك، صحيح أن هذه ليست نهاية العالم لكنها يجب أن تكون نهاية ذلك العالم الظالم الذي نعرفه.