في جديد الكاتب الروائي مروان عبد العال رواية " اوكسجين " الصادرة في : 02/08/2019 عن دار الفارابي، في 208 صفحة. وكمعظم رواياته يحاول الكاتب في روايته الجديده أن يدخل في أعماق النفس البشرية عبر ادواته التعبيرية الرمزية ، وعبر معايشة تجربة مناضل او بطل ، أو مقاتل شجاع أو قائد أو لاجئ فلسطيني ، أو حدث سياسي اجتماعي ، جاهدا في كشف بواطن الشخصية وسايكولوجيتها ، وتجربتها العملية في الحياة .
أحاسيس ومشاعر الكاتب هي ذاتها أحاسيس ومشاعر البطل والشخصية المحورية في الروايه ..أنه يعكس ذاته الواعيه للواقع من خلال السردية الرمزية التشويقية لتجربة البطل ومحاوريه ..
ليس عبثا او صدفة أن يطلق على روايته " اوكسجين " ..فقد كان يعي تماما دور الاكسجين في الحياة المرادف لدور الحرية في الحياة الاجتماعية والوطنية والسياسيه ..كان يطلق موقفا وصرخه من هذه الرمزيه للبحث عن الحرية المفقوده في مجتمعاتنا العربيه ، كان في حواراته بالروايه يعاين مرض الحاله العربيه وطرق التخلص من هذا المرض (مادة الاوكسجين نادرة في بلادنا ، نستوردها من الخارج )..وقد زاد الطلب عليها الان جراء دخولنا نفق الازمات الوطنية القاتله ..وبرمزيه لا تحجب القصد والمعنى يشخص الحالة العربية /وانظمة الاستبداد والدكتاتورية بالقول (يجب موازنة انباعاثات متبقيه عن طريق أزالة ثاني اوكسيد الكربون من الهواء ) هذه الرمزية السياسية هي تلك الموقف والعلاج لغياب الحريات وتفشي الاستبداد ....
إن رواية اوكسجين تجسد مأساة الشعب الفلسطيني ، واللاجئ الفلسطيني ، وتجسد نكبته المتواصلة على تتبع حياة بطل الرواية الحقيقي الذي لا زال حيا يرزق في بلاد الشتات العربية، هذا البطل الذي كان يعيش في وطنه في أمن وأمان في مدينة الخليل مع أسرته ، تتبعه الكاتب في بساطة حياته وطفولته مذ كان يركب مع اقرانه تاكسي الطلاب " الحمار " ويرصد المحطات المؤلمة في ترحاله ومعايشة البطل لعدوان ٦٧ واحتلال الضفة الغربيه وتجربة ابو منصور ، وفظائع الاحتلال ، ويعرج الى الرحلة الطويلة المليئة بالمتاعب والصعوبات من الخليل الى عمان وساحة المرجه بدمشق والصعود الى الطائرة عبر روما وتونس وبغداد وحصوله على وثيقة سفر لا تغني ولا تسمن من جوع ..!!ومتاعبه للحصول على اقامة، وادرك أن " الاوطان لا تقبله مواطنا حقيقيا في وطن ، أنما تقبله عابر سبيل وليس مقيما أو ضيفا في مأوى عربي ، ولكن بتكلفة اجنبية .." !!!
ولا يتوقف الكاتب عن معاينة الحال الفلسطيني عبر الرمزية السياسية ، فالبطل في الرواية يسرد نكبته الانسانية والاجتماعية والوطنية في صورة رساله يدبجها الى المنظمة الدوليه ، بيد ان المنظمة الدولية لا تنزع حقا ولا تاوي لاجئا ولا تنهي عنصرية في مواجهة اللاجئ ، ويعرج الكاتب الى مأساة مخيم اليرموك ، والهجرة الى بلاد الاوكسجين، وانسداد الافق ومتاعب البحر ، واللجوء الى البلد الشقيق لبنان ، حيث العنصرية تصل الى حد التفرقة بين الام ووليدها لحظة الولاده ..!!! ووصف الفلسطيني ببؤرة الشر والخراب في لبنان ، " فإنعدام التنفس الحقيقي أن تحس بفقدان الامن والامان " .
وادار الكاتب حوارا رمزيا بين شجرة البرتقال في عكا والرجل الفقير ابن المخيم والذي يتمنى الكثير ، بيد أن كل طلباته قد استجابت لها هذه الشجرة ، لكنها لم تعوضهُ عن حلم الوطن " الحقيقة لا اريد ان اصبح امبراطورا .. بل اريد أن اعود الى وطني ..." .. ليصل الى حكمة الجدة بقولها " ليس لنا أن نتمنى المستحيل ، بل علينا ان نفعله .."
رواية هادفة، سياسية ووطنية بامتياز ، هي سفر اللاجئ الفلسطيني ، هي الرواية الفلسطينية لكل لاجئ مُثقل بالشتات ...