Menu

من وعد بلفور (2017) إلى صفقة القرن (2017- 2020): تاريخ سعودي حافل بالتآمر على القضية الفلسطينية والقضايا العربية

عليان عليان

خاص بوابة الهدف

الموقف السعودي المتآمر على القضايا العربية، وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية خدمةً للاستراتيجية  الصهيو أميركية  ، ليس جديدا ، إنما يمتد عميقاً في التاريخ منذ مطلع القرن العشرين ، واستمر منذ خمسينات القرن الماضي وحتى اللحظة الراهنة ، وفي الذاكرة دور آل سعود في التآمر على الوحدة المصرية السورية (1958-1960) وفي التآمر على الدور المصري الداعم الثورة اليمنية بقيادة المشير عبد الله السلال عام 1962، ودورهم التآمري الحالي على سورية العروبة منذ عام 2011 ،واندغامهم الهائل في المشروع الصهيو أميركي لتغيير  النظام القومي في سورية، واعتبارهم  الكيان الصهيوني صديقاً وحليفاً استراتيجيا  ودورهم العدواني المجرم ضد الشعب اليمني الشقيق والمدعوم أمريكياً  منذ عام 2015 وحتى اللحظة الراهنة ، وأخيراً وليس آخراً دورهم المركزي في صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية.

مسلسل التآمر السعودي على القضايا العربية ، طويل جداً ويحتاج لدراسة معمقة ، وبخصوص الموقف السعودي التآمري على القضية الفلسطينية منذ مطلع القرن العشرين نشير بشكل مكثف إلى ما يلي :

أولاً : الخلفية التاريخية لتآمر آل سعود على فلسطين منذ مطلع القرن العشرين وحتى نشوء النكبة الفلسطينية

1-محطة الاعتراف بوعد بلفور عام 1917 ،وذلك وفق التصريح التالي المرسل للمندوب البريطاني السير بيرسي كوكس وبالنص الحرفي " أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود ، أعترف ألف مرة لسير برسي كوكس ، مندوب بريطانيا العظمى ، لا مانع عندي من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود أو غيرهم ، كما ترى بريطانيا ، التي لا أخرج عن رأيها حتى تصيح الساعة"

2-محطة المؤتمر الاسلامي الأول في مكة عام 1926الذي رفض فيه عبد العزيز آل سعود إدراج القضية الفلسطينية في جدول أعمال المؤتمر.

3- محطة التآمر على ثورة 1936 في فلسطين ، عندما وعد عبد العزيز آل سعود بريطانيا بالعمل على وقف هذه الثورة دون أدنى التزامات مقدمة من الحكومة البريطانية، وذلك عندما أقنع  بعض الحكام العرب ليشاركوه في رسالة موجهة إلى اللجنة العربية العليا في فلسطين ، يطلب من خلالها وقف الثورة ، مقابل أن تلبي بريطانيا طلبات الشعب الفلسطيني بوقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين ووقف نقل الأراضي لليهود الخ.

4- دور عبد العزيز آل سعود أداة في خدمة بريطانيا  إبان الحرب العالمية الثانية عبر إرساله قوات سعودية لتحارب إلى جانب الانجليز في مرسي مطروح.

5-تغير الولاء والتبعية من بريطانيا إلى واشنطن عام 1945 ، عندما استدعى الرئيس الأمريكي روزفلت عبد العزيز آل سعود، إلى جانب كل من الملك فاروق والامبراطور هيلاسيلاسي  للقائهم  في البحيرات المرة على ظهر  طراد أمريكي في الإسماعيلية.

6- خذلان الاجماع العربي في الجامعة العربية عام 1946 ( في بلودان ) ضد  إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

ثانياً :تداعيات الموقف السعودي على القضية الفلسطينية

لعبت المملكة السعودية قبل النكبة الفلسطينية وبعدها، ومنذ مطلع الألفية الراهنة دوراً  سلبياً وخطيراً على القضية الفلسطينية من خلال سلسلة مواقف  عديدة أبرزها ما يلي :

1-طرحها للمبادرة العربية للسلام في القمة العربية في بيروت بتاريخ 27-3- 2002 على قاعدة الأرض مقابل السلام في، ظروف اشتعال انتفاضة الأقصى  وهيأت بذلك المجال لشق طريق عريض للتطبيع مع العدو الصهيوني.

والأخطر من ذلك أنها تجاهلت في البداية  "حق العودة للاجئين الفلسطينيين"   وعندما أصر الرئيس إميل لحود على تضمين موضوع حق العودة في المبادرة تمت صياغة  فقرة لا تلبي تنفيذ القرار 194 على نحو " حل عادل متفق عليه لقضية اللاجئين وفق القرار 194" حيث لم يدع القرار إلى تطبيق القرار 194 ، بل دعا إلى حل متفق عليه عملياً مع الجانب الصهيوني ، الذي يرفض التعامل مع هذا الحق لا من قريب ولا من بعيد.

تجدر الإشارة إلى أن من صاغ  مسودة هذه المبادرة  للأمير عبدالله بن عبد العزيز آنذاك  الصحفي الأمريكي توماس فريدمان.

وسبق للسعودية أن طرحت في ثمانينات القرن الماضي مبادرة فهد  للتسوية عام 1981 التي خلقت انقساماً في حينه في الساحة الفلسطينية ، وعاودت طرح ذات المبادرة في مؤتمر فاس بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت عام 1982 .

2- إصرار السعودية على طرح  " مبادرة السلام العربية !"  في جميع القمم العربية  رغم تجاهل الكيان الصهيوني لها ، وبحيث باتت العلاقة  طردية ما بين طرح المبادرة مجدداً في كل قمة ، وما بين ازدياد  شهية العدو الصهيوني في مصادرة الأرض والاستيطان... وبتنا نقرأ في معظم البيانات الختامية للقمم العربية عبارة  ممجوجة" تكليف لجنة مبادرة السلام العربية بإعادة تقييم الموقف".

3- إصرار الحكم السعودي على حرف بوصلة التناقض الرئيسي باتجاه ايران " والشيعة" وحلف المقاومة بدلاً من الكيان الصهيوني.

4- ترجمة السعودية الفعلية لعملية "حرف بوصلة التناقض" من خلال تشكيلها لفصائل ارهابية للعمل في سورية ودعمها لفصائل أخرى ، ومن خلال استمرار حربها العدوانية على اليمن ، مقدمةً بذلك خدمةً جليلة للكيان الصهيوني وعلى حساب الحضور السياسي للقضية الفلسطينية.

5- خذلان الحكم السعودي للمقاومة الفلسطينية ( انتفاضة الحجارة  1987- 1993) ( انتفاضة الأقصى 2000- 2005م ) ووقوفها موقف المتفرج على الأهل في قطاع غزة ابان مسلسل الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة في الأعوام 2008 ، 2012 ، 2014 ، ناهيك أنها وبقية أطراف النظام العربي الرسمي ساهمت في إحكام الحصار على قطاع غزة ، والغريب أن بيانات القمم العربية لم تتخذ إجراءات عملية لفك الحصار عن قطاع غزة ، وتكتفي بالعبارة التقليدية " مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على (إسرائيل) لرفع الحصار عن القطاع وفتح المعابر ".

6- والتطور الأخطر في الدور السعودي المتآمر على القضية الفلسطينية، يتمثل في الدور المسند إلى الحكم السعودي ، وتحديداً لولي العهد السعودي محمد بن سليمان لتمرير صفقة القرن الصهيو أميركية ، ذلك الدور الذي تم التوافق عليه بين مستشار الرئيس ترامب جاريد كوشنير ، وبين محمد بن سلمان إبان زيارة  ترامب للسعودية في أيار ( مايو ) 2017.

 7- العلاقة السعودية الإسرائيلية في التحليل النهائي على حساب الثوابت الفلسطينية في التحرير والعودة...كيف؟؟

أ-السعودية وإسرائيل تشتركان في ذات الموقف في معاداة إيران  وحلف المقاومة وتعارضان برنامج ايران النووي، وتعتبرانه تهديداً لهما وللمنطقة... وسبق أن ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن  السعودية ستسمح للقوات الجوية الإسرائيلية عبور مجالها الجوي لقصف إيران.

ب- قيام  ولي  العهد السعودي محمد بن سلمان  ، باستدعاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ، والضغط عليه لقبول صفة القرن ، وتهديده بفقدان موقعه الرئاسي إذا لم يوافق على  الصفقة .

ج-لقاءات مسؤولين سعوديين متكررة مع مسؤولين أمنيين إسرائيليين سابقين نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر لقاءات تركي الفيصل - رئيس جهاز الاستخبارات السعودي الاسبق-مع عاموس يادلين، نظيره الاسرائيلي الرئيس السابق للموساد، ومع يعقوب عميدرور - أحد ابرز مستشاري بنيامين نتنياهو الذي كان يشغل منصب رئيس ما يسمى "هيئة الأمن القومي" والمستشار الخاص لرئيس الوزراء الاسرائيلي ، ولقاء الجنرال السعودي أنور عشقي دوري غولد - احد ابرز مستشاري بنيامين نتنياهو الذي كان يشغل منصب رئيس ما يسمى "هيئة الأمن القومي" والمستشار الخاص لرئيس الوزراء الاسرائيلي.

ولعل أخطر العلاقات التطبيعية – ذات المضمون الاستراتيجي- قيام الجنرال السعودي أنور عشقي - مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية بجدة -  بزيارة للكيان الصهيوني في 22 تموز2016  على رأس وفد كبير من رجال الأعمال وغيرهم ،حيث أجرى الجنرال السعودى أنور عشقى لقاءات مع أعضاء في الكنيست ومسؤولين إسرائيليين.

وفي 25 كانون ثاني (يناير ) الماضي 2020 أعلن وزير الداخلية الإسرائيلي  أرييه درعي ، أنه وقع على مرسوم يقضي بالسماح لليهود ولكل من يحمل الجواز الإسرائيلي ، بالسفر  إلى السعودية لأغراض تجارية ودينية ، مشيراً إلى أن المرسوم اتخذ بقرار مشترك مع المؤسسات الأمنية ووزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي والجهات الأخرى ذات الصلة .

وتجمع وسائل الاعلام الإسرائيلية، أن العلاقات السرية بين الحكم السعودي و (إسرائيل) تعود إلى عقود بعيدة، في حين بات مؤكداً أن الانفتاح التطبيعي بين بقية دول الخليج – باستثناء الكويت - وبين الكيان الصهيوني ، تم بضوء أخضر سعودي.

ما تقدم يشكل غيضاً من فيض من تاريخ تآمر حكم آل سعود على القضية الفلسطينية التي تشكل جوهر الصراع العربي- الصهيوني، ومن ثم فإن تآمر هذا الحكم على سورية العروبة وعلى اليمن ، يأتي في هذا السياق خدمة للكيان الصهيوني، وللمشروع الصهيوأميركي الرجعي في المنطقة.