Menu

صدقت يا سيد اوغلو.. تركيا ليست سورية.. ولكنها تقترب من السير على الطريق نفسه

عبد الباري عطوان

السيد احمد داوود اوغلو رئيس وزراء تركيا “المؤقت” ادلى الخميس بتصريحات ملفته للنظر تعكس بداية تفاقم ازمة بلاده، عندما لمحّ الى امكانية قيام الجيش التركي بشن هجوم بري واسع في شمال العراق، كما حدث عام 2008 لمطاردة قوات حزب العمال الكردستاني، وتدمير قواعده، ومنع اقامة مناطق حكم ذاتي داخل الاراضي التركية.

اخطر ما قاله السيد اوغلو للاكراد “هذه تركيا وليست سورية”، في اشارة الى “الكانتونات” التي تريد احزاب كردية اقامتها في تركيا على غرار ما فعلت في شمال سورية.

نتفق مع السيد اوغلو في ان تركيا ليست سورية، ولكنها في طريقها لكي تصبح كذلك بسبب الاخطاء الجسيمة التي ارتكبتها حكومته على مدى السنوات الخمس الماضية، عندما تدخلت في الشأن السوري، ودعمت فصائل المعارضة السورية ودربتها وسلحتها، مما ادى الى انتشار الفوضى الدموية، وهجرة اكثر من مليوني سوري الى تركيا.

الانفصال شبه التام للاكراد في شمال سورية تتحمل مسؤوليته السلطات التركية، لانها لعبت دورا كبيرا في اضعاف النظام السوري، وقلصت قدراته في الحفاظ على سيطرته على معظم المناطق الكردية، وقوت في الوقت نفسه، ودون ان تدري، قوات الحماية الكردية التي تشكل امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يطالب بانفصال المناطق الكردية في الشرق من انقرة.

تركيا تقف الآن على ابواب انتخابات برلمانية مقررة بعد اقل من شهرين، اي في اول تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، حيث يأمل حزب العدالة والتنمية ان يستعيد حكم الاغلبية البرلمانية الذي تمتع به طوال الثلاثة عشر عاما الماضية، ولكن خبراء عدة يعتقدون صعوبة ذلك.

الفوضى بدأت تنتقل الى تركيا، واجواء عام 1980 التي ادت الى انقلاب عسكري بقيادة الجنرال العسكري كنعان افرين عادت تلقي بظلالها على البلد بطريقة او باخرى، فالمظاهرات والاعتصامات، باتت مناظر مألوفة في انقرة واسطنبول، وحرب الاستنزاف التي يشنها حزب العمال الكردستاني، المصنف ارهابيا، بدأت تقلق الشارع التركي وتنعكس سلبا على الاقتصاد الذي انكمش نموه الى اقل من ثلاثة في المئة، فالعملية الاخيرة التي نفذتها قوات الحزب في داليدجا في اقصى جنوب شرق تركيا، وادت الى مقتل 16 جنديا تركيا القت بظلال القلق والخوف على المواطن التركي، وكذلك الاستشمارات الغربية التي تدفقت على البلاد بسبب الاستقرار الذي حققه حكم حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان طوال السنوات الماضية.

نعم.. تركيا ليست سورية.. ولكنها قد تسير في الطريق نفسه الذي ادى الى حالة الفوضى الدموية التي وصلت اليها الاخيرة، فمن يلعب بالنار ستحرق اصابعه واياديه وارجله حتما، وليت السيد اوغلو ورئيسه اردوغان استمع الى نصائح الكثيرين الذين اوصوه بالتسمك بسياسة “صفر مشاكل” مع الجيران التي جعلت من تركيا احد ابرز اعضاء نادي الدول العشرين الاقوى اقتصاديا في العالم.

المصدر: رأي اليوم