Menu

بحثًا عن انتخابات بمعايير وطنية

بوابة الهدف الإخبارية

صورة تعبيرية

خاص بوابة الهدف

غلب على الحالة الفلسطينية التعامل مع حق الجماهير في التمثيل السياسي كتفصيل مزعج، يتم تهميشه لحساب تعزيز أنماط التنفذ والزعامة الفردية، وأكثر من ذلك لاعتبارات اللاعبين الدوليين و الإقليميين.

فخلال عمر المؤسسات الفلسطينية الرئيسية، والأطر التمثيلية على غرار المجلس الوطني الفلسطيني وبقية مؤسسات م ت ف، تم تجاوز الحاجة للانتخاب من خلال التوافقات، أو بالاستناد لمفهوم الشرعية النضالية، ورغم أن التعقيدات في ظل وجود الاحتلال وحالة الشتات الفلسطيني تشكل عوائق حقيقية أمام عملية ديمقراطية فعالة، إلا أنه يمكن ملاحظة غياب الإرادة السياسية لتلبية حق الجمهور الفلسطيني في التمثيل السياسي الديموقراطي.

التحولات التي جرت على النظام السياسي الفلسطيني بعد اتفاقية أوسلو، عمقت أزمة هذا النظام خصوصًا فيما يتعلق بالتمثيل الوطني، فلقد أجريت الانتخابات الأولى كعملية اجرائية نص عليها اتفاق أوسلو، و بمعايير وحيز جغرافي وبشري أسقط حق أغلبية الفلسطينيين من المقيمين خارج مناطق السلطة الفلسطينية، في التمثيل الوطني، فيما تم التعامل مع عملية الانتخابات التشريعية الثانية كجزء من السعي لتلبية رؤى المانحين والأطراف الدولية حول "إصلاح السلطة" ومحاولة استيعاب فصائل المقاومة واشغالها في حيز سلطة لا تملك من أمرها شيء، وهي انتخابات تكفلت شروط القوى الدولية، والحصار والانقسام، بتقويض أي قيمة ديمقراطية لها.

اليوم، وفي ظل الهجمة المتصاعدة لتصفية الحقوق الفلسطينية، تبدو الحاجة لا كإجراء تقني فحسب، ولكن كمهمة وطنية ذات بعد هوياتي وسياسي، متعلق بالمواجهة مع المشروع الصهيوني، وإذ يتم إخضاع هذه المهمة لذات المعايير السابقة، وحصرها في خانة تجديد شرعية البنى القائمة، فإن ذلك قد يؤدي بالأساس لخطر حقيقي على مفهوم وممارسة ومعنى التمثيل الوطني الفلسطيني، ويهدد بتقويضه.

هذا ليس موقف ضد الانتخابات، فلا يمكن قبول استمرار مصادرة حق الجمهور الفلسطيني في تحديد وانتخاب قيادته ومن يمثله بشكل ديمقراطي، ولكن دعوة لإخضاع هذه العملية للشرط الوطني الفلسطيني، والتغلب على الاملاءات الدولية، وكوارث التجارب السابقة، بمعنى مقاربة الانتخابات كجزء من مهمة وطنية وديمقراطية، لبناء شراكة سياسية فاعلة، تشمل كل الأطياف الفلسطينية، وتوحد طاقات شعبنا في مواجهة الاحتلال والمشاريع التصفوية.

توظيف الانتخابات كجزء من مسعى بناء الحالة الوطنية الفلسطينية التي تتصدى للاحتلال بفعالية ونجاعة، هو امتحان جدي لإرادة الأطراف الفلسطينية كافة، وخصوصًا تلك الممسكة بمواقع السلطة والنفوذ.