Menu

كتاب موجز الفلسفة والفلاسفة عبر العصور للمفكر غازي الصوراني (ح 87)

غازي الصوراني

خاص بوابة الهدف

(تنفرد بوابة الهدف، بنشر كتاب المفكر غازي الصوراني، المعنون: موجز الفلسفة والفلاسفة عبر العصور، الصادر عن دار الكلمة للنشر والتوزيع، في يونيو/ حزيران 2020، على حلقات متتابعة.. قراءة مثمرة ومفيدة نتمناها لكم).

الباب الرابع

الفصل الثاني عشر

أبرز فلاسفة القرن الحادي والعشرين

إتيين باليبار (1942 -   ):

فيلسوف فرنسي معاصر، وهو اليوم أستاذ فخري في جامعة نانتير- باريس العاشرة وأستاذ زائر في عدد من الجامعات الأميركية والأوروبية، "شارك مع لوي آلتوسير في تحرير كتاب قراءة الرأسمال (1965) الذي احدث تحولاً في تأويل الماركسية من وجهة نظر بنيوية، كما شارك في تحرير المعجم النقدي للماركسية بإشراف جورج لابيكا (1982) يدرس حالياً الفلسفة السياسية والأخلاقية في جامعة باريس العاشرة"([1]).

كان عمره 23 عاماً عندما ساهم في المؤلف الذي أشرف عليه الفيلسوف الماركسي الشهير لوي ألتوسير وصدر سنة 1965 في باريس بعنوان: "قراءة [مؤلف] رأس المال".

"إتيين باليبار (Etienne Balibar)، هو أستاذ فخري في جامعة باريس الغربية نانتير، وهو أستاذ متميّز في الإنسانيات في جامعة كاليفورنيا في إرفين. وكوجْهٍ رئيسي من وجوه الفلسفة المعاصرة، نشر باليبار عشرين كتاباً وعدداً لا بأس به من المقالات، مخصّصة في المقام الأول للفلسفة السياسية، وهو عضوٌ في رابطة حقوق الإنسان، وقد تدخّلَ مؤخّراً في منابر عمومية وفي مناسبات مختلفة للوقوف إلى صفّ المهاجرين وطالِبِي اللجوء «غير الشّرْعِيِّين» لنيْلِ حقُوقِهم"([2]).

 تميز الفيلسوف الماركسي باليبار، "بأنه كان من بين أبرز المثقفين الفرنسيين المدافعين عن المهاجرين الذين لا يحملون أوراق إقامة رسمية، وكان من الداعمين لتحرك "السترات الصفراء" الاحتجاجي ضد مشروع التقاعد الذي تقدمت به الحكومة الفرنسية، كما يُعرِفَ عنه أنه من مؤيدي القضية الفلسطينية، وكان قد نشر في مجلة "لوموند ديبلوماتيك" في أيار 2004 مقالاً مطولاً بعنوان: "كونية القضية الفلسطينية" قدّر فيه أن هذه القضية هي من القضايا التي تسمح للمرء بأن يقوّم كرامة ومسؤولية الخطاب السياسي، وأن الصراع الدائر حولها لا يتعلق، من منظور العدالة والحق، بحرب بين "أشرار" و"طيبين"، بل بصراع يعبر عن خلل في موازين القوى، صارخ ومستمر في التعاظم، بين إسرائيل، إحدى القوى العسكرية الكبرى في العالم المتحالفة مع القوة العظمى الأميركية والتي تمتلك جميع وسائل الحرب الحديثة، وبين الفلسطينيين الذين يناضلون اليوم من أجل بقائهم بوصفهم شعباً"([3]).

كما "شارك في 13 أيار 2015 في التوقيع على بيان أصدره عدد من المثقفين الفرنسيين يدعو إلى محاربة معاداة السامية وإلى إدانة سياسة الحكومة الإسرائيلية إزاء الفلسطينيين، ويطالب فرنسا، وجميع الدول الأوروبية، بممارسة الضغط عليها من خلال الاعتراف بدولة فلسطين، كما فعلت السويد، وضمان قبولها عضواً كامل العضوية في هيئة الأمم المتحدة، وأن تلتزم هذه الدول بوقف أي مبيعات أسلحة إلى إسرائيل.

وكان باليبار قد قدّر أن أمرين يمكن أن يجعلا شرعية إسرائيل هشة بل يسمحا بالتشكيك بها في نظر قسم كبير من العالم؛ الأول يتمثل في تعريف إسرائيل لنفسها بوصفها "دولة يهودية"، لأن هذا سيكون على حساب الفلسطينيين، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون داخل حدودها، لأنه سيفرض عليهم شرط أن يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية، محرومين من عدد كبير من الحقوق ومستثنيين من المساواة الرمزية مع الإسرائيليين "الحقيقيين" في امتلاك أرضهم المشتركة؛ والثاني يتمثل، على الصعيدين الحقوقي والأخلاقي، في أن شرعية إسرائيل كدولة حديثة لا يمكن أن تقوم على أسطورة من أصل مقدس، ولا على جعل الإبادة التي لحقت بآباء سكانها اليهود "حقاً سيادياً" يجعلهم فوق قانون الأمم، ولا على القوة المنتصرة، بل تتطلب شرعية إسرائيل اعتراف الشعوب المحيطة بها، وفوق ذلك كله اعتراف الشعب الذي "هُجّر" عبر سيرورة استعمار ذات طبيعة خاصة"([4]).

"التحق باليبار عضواً في الحزب الشيوعي الفرنسي منذ عام 1961، لكن تاريخه الشيوعي الطويل لم يشفع له حين قرّر الأمين العام لـ«الحزب الشيوعي الفرنسي» جورج مارشيه طرده من الحزب (منتصف السبعينات) قبل انتخاب فرنسوا ميتران رئيساً في 1981، ولكنه بعد ذلك أصبح ناقداً شرساً لسياسات الحزب الشيوعي الفرنسي، خاصةً رفض باليبار تحالف الحزب مع «الحزب الاشتراكي» من ناحية، واستمر في نقده بعد أن رضخ الحزب للتوجهات الشعبوية والعنصرية ضد وجود المهاجرين في فرنسا، وكتب "باليبار" حينها مقالاً كبيراً نشر في مجلة «نوفيل أوبسرفاتور» الفرنسيّة، اعتبر فيه أنّه لا يمكن السماح للحزب بأن يصبح عنصرياً.

في تلك المرحلة طالب باليبار قوى اليسار الأوروبي استنهاض نفسها، والسماح بضم المهاجرين إلى عضويتها من دون التخلي عن قضية صراع الطبقات"([5]).

في مقال له: " "حول الصهيونية" (2007)، يقول في مطلع المقال :" لا يبقى الإله أخرسا"، لأنه يبين مدى تأثير الجانب الثقافي في الدفاع عن القضية الفلسطينية. وهذا الجانب الفلسفي الثقافي هو ما قصر فيه العرب، لأن الصهيونية نظرية قائمة على فلسفة خاصة ينبغي العمل على تقويضها، بدل البكاء والنواح والوقوف على الأطلال .

إن نص باليبار قوي ومفيد، ليس فحسب لكونه يكشف عن الأسس الأسطورية للصهيونية، ولكنه يبن كذلك المسالك التي تؤدي إلى تفكيكها، ونسف قواعد هذه الرمزية ذات المنحى التدميري لثقافات الإثنيات .

ويضيف: "إن إحدى الأساطير المؤسسة للصهيونية، هي أسطورة "الأرض والدم" تترسخ في التصوف الديني ، وتدل بوضوح على أن ادعاء المستعمرة الصهيونية للحداثة لا يمثل سوى طلاء على كيان اجتماعي عاجز عن التخلص من فاشيته الملازمة له"([6])

يبدو بوضوح أن باليبار كان متأثراً -وما زال- برؤى ومواقف أستاذه آلتوسير، سواء بالنسبة للماركسية أو بالنسبة للاشتراكية وكافة قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق العمال والفقراء في بلاده، علاوة على رؤيته الواضحة التي انطلقت من موقف أممي شيوعي وإنساني في آنٍ واحد .

من مؤلفاته: "خمس دراسات في المادية التاريخية (1974)، حول دكتاتورية البروليتاريا (1976)، وبالاشتراك مع لابيكا وج. ب. لوفيفر وج. بوا: لنفتح النافذة أيها الرفاق! (1979)، حدود الديموقراطية (1992)، الجماهير، الطبقات، الأفكار – دراسات في السياسة والفلسفة قبل ماركس وبعده (1994)، أماكن الحقيقة وأسماؤها (1994)"([7])، وبعد ذلك أصدر باليبار المجلدين الأول والثاني من أعماله الكاملة بعنوان: "تاريخ لا ينتهي" و"ولع المفهوم".

سلافوي جيجك (1949 -  ):

فيلسوف وناقد ثقافي سلوفيني، قَدَّمَ مساهمات في النظرية السياسية، وهو أستاذ في كلية الدراسات العليا الأوروبية، ويوصف بأنه "أخطر فيلسوف سياسي في الغرب".

"ولد جيجك في ليوبلبانا عاصمة سلوفينيا لعائلة من الطبقة المتوسطة عام 1949، والده كان خبيراً اقتصادياً، وأمه كانت تعمل محاسبة في مؤسسة تابعة للدولة، وبالنسبة لوالديه فهما ملحدان، في عام 1967م، التحق بجامعة لوبليانا، حيث درس الفلسفة وعلم الاجتماع. وحصل على دكتوراه في فنون الفلسفة، ودرس التحليل النفسي في جامعة باريس الثامنة.

عمل أستاذًا زائرًا في جامعات شيكاغو، كولومبيا، برينستون، نيويورك، مينيسوتا، كاليفورنيا، ميشيغان وغيرها من الجامعات، ويشغل حاليًا منصب المدير الدولي لمعهد بيركبيك للعلوم الإنسانية في كلية بيركبيك - جامعة لندن، ورئيس لجمعية التحليل النفسي النظرية في ليوبليانا، وكتب حول العديد من المواضيع كالرأسمالية، الأيديولوجية، الأصولية، العنصرية، التسامح، التعددية الثقافية، حقوق الإنسان، البيئة، العولمة، حرب العراق، الثورة، الطوباوية، الشمولية، ما بعد الحداثة، ثقافة البوب والأوبرا والسينما، واللاهوت السياسي، والدين، ويتميز بغزارة الكتابة، إذ أصدر أكثر من 70 كتاباً، بالإضافة إلى كتاباته شبه الدورية في صحف ومجلات متعددة كالغارديان ونيوستيتسمان ومجلة ذا بافلر"([8])، وفي بداية الثمانينيات الميلادية نشر أول كتاب له حول: "تفسير الفلسفة الهيغلية والماركسية".

كان سلافوي عضواً في الحزب الشيوعي حتى شهر أكتوبر من عام 1988م، حين استقال مع اثنين وثلاثين من المثقفين السلوفانيين، احتجاجاً على محاكمة أربعة أشخاص بتهمة "خيانة أسرار عسكرية"، بعد كتابتهم ونشرهم لمقالات تنتقد الجيش الشعبي اليوغوسلافي، وقد أثارت هذه المحاكمة ضجة كبيرة في أنحاء البلاد.

بين عامي 1988 و1990، شارك في العديد من الحركات السياسية، والمجتمع المدني، التي تحارب من أجل تحقيق الديمقراطية في سلوفينيا، وبالأخص لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان. وفي أول انتخابات حرة في عام 1990، سارع بترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية لسلوفينيا عن الحزب الديمقراطي الليبرالي، ووصف نفسه في ظهور إعلامي عام 2009 أنه يساري متطرف.

سلافوي يعتبر نفسه ملحداً ونشر مقالة في صحيفة نيويورك تايمز، حيث يقول أن الإلحاد إرث عظيم لأوروبا، وأعرب عن تأييده لنشر الإلحاد في القارة الأوروبية.

يجيد اللغة الإنجليزيه والفرنسية والألمانية والصربية والكورواتية، بالإضافة إلى لغته السلوفينية.

أكسل هونيث (1949 -   ):

" أكسل هونيث فيلسوف ألماني معاصر، ويعتبر من أهم رموز مدرسة فرانكفورت (الجيل الرابع) وهو أيضاً رائد النظريَّة الاجتماعيَّة النقديَّة، التي تحاول النَّظر في الأسُس التي قام عليها الاجتماع البشري في حياتنا المعاصرة، ويدرُّس منذ سنة 2011 بجامعة كاليفورنيا بنيويورك، ونال سنة 2015 جائزة ارنست بلوخ وسنة 2016 جائزة برونو كرايسكي.

تتلمذ هونيث على يد هابرماس الذي أشرف على تأهيله الجامعي، وشيَّد هونيث في أطروحته لنيل درجة التأهيل مقاربة فلسفيَّة حول نظريَّة “الصراع من أجل الاعتراف” التي نحت هيجل أسسها الأولى، فيما يعرف بجدليَّة العبد والسيد، ليضع معالم نظريَّة اجتماعيَّة ذات مضمون معياري، يتخذ من الظواهر العينيَّة أساساً للتميِّيز بين مختلف علاقات التعارف.

"تتمحور فلسفة هونيث حول مفهومين هيغليين، هما: الاعتراف والكفاح. هو يرى أن الحصول على الأول هو هدف كل الممارسات الجماعية والفردية، وأن الثاني هو الطريق إلى تحقيق ذلك، وهو الدم الذي يجري في عروق المجتمع ويدفع به إلى التطور والتغيير"([9]).

في بداية فترة التلمذة الفلسفية " تأثر أكسل هونيث بأقطاب الجيل الأول للنظرية النقدية لمدرسة فرانكفورت: ماكس هوركهايمر و ثيودور أدورنو ، و هربرت ماركوز، ثم بدأ بعد ذلك بالاطلاع على أهم اعمال فلاسفة الجيل الثاني، مُمَثَّلين في كل من : ألبرشت فيلمر، كارل أوتو آبل ، و يورغن هابرماس ، ثم انكب بعدها على إعادة بناء النظرية النقدية من جديد، لتواكب المنحى الفلسفي المعاصر و تقلبات الحياة المعاصرة تاريخيا و فكريا و ثقافيا، لهذا كان لزاما عليه أن ينفتح على عديد فلاسفة و مفكرين كبار خاصةً هيغل، و لوكاش ، و مشال فوكو، و جون بول سارتر و جون ديوي، و كذا علماء الاجتماع أمثال، بيار بورديو، وإميل دوركايم.

استطاع آكسل هونيث، إعادة بعث نظرية جديدة، تقوم على جملة مفاهيم وأطروحات، وعلى رأسها مفهوم الإعتراف الذي يحتل منزلة مركزية في الفلسفة الاجتماعية ، ولكن هذا لا يعنى بأنه نأى بنفسه عن فلسفات رواد الجيل الأول و الثاني و انما أخذ منهم الشيء الكثير ، و أهم فيلسوف حظي بمكانة مركزية في مخيال اكسل هونيث هو يورغن هابرماس، ولكن بعد مناقشة مستفيضة من لدن هونيث لنظرية هابرماس، توصل إلى قناعة فكرية مفادها ان التواصل لم يعد كافيا لتفسير النزاع الاجتماعي، لهذا كان ملتزما بتقديم اجتهاد جديد يوحي ببراديغم الإعتراف، معتبرا أن العالم المعيش الأولي الخاص بالوجود البشري هو عالم الإعتراف وليس عالم التفاهم اللغوي، والأولوية طبعا للإعتراف لا للتفاهم ، وهو أمر يمكن إثباته بكل يسر وبساطة وذلك لأن الاعتراف كأنموذج عاطفي يسبق دوما و أبدا من الناحية التكوينية عملية اكتساب اللغة"([10]).

" لم ينِ هونيث يُشددُ، منذ أن نشر بالألمانية كتابه "النضال من أجل الاعتراف" الصادر عام 1992، على حقيقة أن معظم النزاعات في المجتمعات المعاصرة إنما سببها جميعا هو انعدام ثقافة الاعتراف بين الأفراد، أو بين الفئات الاجتماعية، أو بين الشعوب ذاتها، ففي كتابه هذا عرض هونيث أهم الأفكار والمفاهيم الأساسية لنظريته في الإعتراف التي يمكن تلخيصها على النحو التالي:

إنّ كل مقاربة لمفهوم الاعتراف حسب هونيث- تستدعي العودة إلى كتابات هيغل وماركس، ذلك إن الفيلسوف أكسل هونيث لم يجسد فحسب الرؤى والأفكار النقدية الموضوعية التي طرحها من قبله أساتذته في مدرسة فرانكفورت عموماً، وأستاذه الفيلسوف هبرماس خصوصاً، بل قدم أيضاً أفكاراً غامرة بالرؤى الإنسانية التي تؤكد على الاعتراف بالإنسان كإنسان واحترامه لذاته كأولوية تعلو على كل الأولويات، وهو هنا جَسَّدَ في الجوهر المعاني الإنسانية العظيمة للفكر الماركسي التقدمي، دون أن نتجاوز تأثير الفيلسوف الكبير هيجل عليه.

ذلك إن أهمية هيجل، ترجع إلى كونه أول من حاول دراسة العلاقات الاجتماعية بوصفها علاقات بين ذوات تسعى لتحقيق الاعتراف المتبادل، ثم عمّق هونيث فكرة الاعتراف المتبادل الهيغلية استنادا إلى مكتسبات ونتائج العلوم الاجتماعية (علم الاجتماع الماركسي، علم النفس الاجتماعي، التحليل النفسي).

يرى إكسل هونيث، أن الاعتراف المتبادل كفيل بوضع حد للصراعات الاجتماعية القائمة على السيطرة و الهيمنة و الظلم الاجـتماعي، ومن ثمة يستطيع الأفراد تحقيق ذواتهم وفق ثلاثة أشكال أو نماذج معيارية متميزة للاعتراف هي : الحب و الحق والتضامن([11]).

1– الحب: الحـب –حسب هونيث– هو الصورة الأولية للاعـتراف، إذ أنه يربط الفرد بجمـاعة محددة وخاصة الأسرة التي تمكنه من تحقيق مقصد أساسي يتمثل في الثقة في النفس.

2– الحق: الحق عند هونيث فهو ذو طابع قانوني وسياسي، بحيث يتم الاعتراف بالإنسـان كذات حاملة لحـقوق ما، ولهذا الاعتراف أهمية كبيرة لاكتساب ما يسمى احـترام الـذات.

3– التضامن: أما التـضامن فهو يحيلنا –حسب هونيث- إلى الصورة الأكثر اكتمالا من العلاقة العملية بين الذوات وهذا لتحقيق مقصد أساسي يتمثل في إقامة علاقة دائمة بين أفراد المجتمع، بحيث يتمكن كل الفرد أن يتأكد أنه يتمتع بمجموعة من المؤهلات والقدرات التي تسمح له من الانسجام الإيجابي مع ضعه الاجتماعي، فيحقق ما يسم بتقدير الذات.

غير أنّ تحقيق الاعتراف من خلال هذه الأشكال أو المستويات الثلاثة ليس أمراً هَيِّناً من الناحية الواقعية، إذ كثيرا ما يجد الأفراد أنفسهم أمام ما يسميه هونيث بالامتناع عن الاعتراف، والذي يأخذ بدوره ثلاثة أشكال أساسية تؤدي في نهاية الأمر إلى ما يسمى بالاحتقار الاجتماعي وهي([12]) :

أ- من الناحية الجسمية والنفسية: حينما يتم إلحاق الأذى أو الضرر الجسماني والنفسي لشخص ما، مثل حالة التعذيب أو الاختطاف أو الاغتصاب، وهذا ما يؤدي إلى فقدان الثقة في النفس.

ب- من الناحية القانونية: حينما يتم إلحاق الضرر للفرد ويتم استبعاده أو تهميشه من الناحية القانونية فلا يحصل على حقوقه لأسباب إثنية أو جنسية أو طبقية أو دينية (كحالات المغتربين، النساء، السود، الخ)، غير أنّ الملاحظ عندما نتحدث هنا عن حقوق الأفراد أو الجماعات فلا يتعلق الأمر فقط بعدم التساوي في الحقوق أو في التوزيع العادل للخيرات و الثروات و إنما يتعلق الأمر أيضا – من الناحيتين النفسية والأخلاقية- بشعور هؤلاء الأفراد المهمشين أو المحرومين بالإهانة وهذا الشكل من الاحتقار يؤدي إلى فقدان الفرد أو الجماعة لما يسمى احترام الذات.

ج- من الناحية الاجتماعية: وهذا حينما يتم إلحاق الضرر للفرد عندما لا ينال الاعتراف الذي يستحقه بالنظر إلى مؤهلاته وقدراته وكفاءاته. فلا يحقق المرتبة الاجتماعية التي يستحقها، على غرار ما يحدث مثلا في مؤسسات العمل التي لا ينال فيها الفرد التقدير الاجتماعي اللائق به.

وهذا الشكل من الاحتقار يؤدي إلى فقدان الفرد هذا التقدير، لذلك فإنّ معايشة الأفراد لتجارب الاحتقار الاجتماعي تؤدي لا محالة إلى صراعات اجتماعية وسياسية، يبحث هؤلاء الأفراد من خلالها على الاعتراف في مختلف أشكاله"([13])، ذلك "إن التشخيص الأنثروبولوجي للعلاقات بين الأفراد يؤكد على أن كل إنسان لا يحقق اعترافًا ذاتيًا بنفسه إلا بفضل الاحترام الذي يُبْديه له الآخرون، وعلى النقيض من ذلك، فإن هُوِيتنا الأخلاقية قد تتدهور وَفْقاً لتجارب الاحتقار والحرمان التي نعيشها يوميا، ذلك أن الصورة التي نرسمها عن أنفسنا تعتمد كثيرًا على الصورة التي يرسمها عنا الآخرون، أو نأمل أنْ يرسمها عنا هؤلاء الآخرون، وهو ما يعني بالنسبة إلى هونيث، أن الاعتراف الحقيقي هو ذاك الذي يتم فيه تبني ثقافة الاحترام المتبادل بين الناس كأساسٍ يُشَيدُ عليه كل فردٍ منهم صرحَ كرامته الشخصية"([14]).

وهنا يؤكد أكسيل هونيث على أن " الحل الممكن لإخراج الفرد من حالة الازدراء والاحتقار التي تردى فيها، إنما هو في طرح مقاربة أخلاقية تحقق "التقدم الأخلاقي" تقوم على ثلاثة مبادئ هي الاعتراف العاطفي الذي يحقق "الثقة بالذات"، والاعتراف القانوني الذي يضمن "احترام الذات"، والاعتراف الاجتماعي والمهني الذي يحقق "تقدير الذات"([15])، ذلك إن " مواصفات المجتمع الجيد -عند اكسيل هونيث- هو المجتمع الذي يسمح لأفراده من خلال توفير الظروف الثقافية والاقتصادية والاجتماعية بتحقيق ذواتهم واستقلاليتهم. كما أنه المجتمع الذي يسمح لأفراده بتحقيق أحلامهم بدون المرور من تجربة الاحتقار أو الإقصاء، أو بعبارة أخرى جامعة، فالمجتمع الجيد هو الذي يضمن لأفراده شروط حياة جيدة"([16]).

"إنّ الاحتقار عند اكسيل هونيث هو مشكل سياسي، ذلك إنّ المجتمع المعاصر قد جرّد الفرد من شخصه الإنساني بأنْ اختزله في ثمن العمل الذي يمكنه القيام به، أي أننا نساوي نوع العمل الذي يمكننا أن نبيعه بمقابل، كما أن كلّ تحويل للعمل المأجور إلى سلعة هو عمليّة تشيّؤ تُجرِّد الشخص الإنساني من كرامته؛ أي من منزلته الأخلاقية كإنسان، وهكذا لا توجد الدولة الحديثة (الرأسمالية) إلاّ بقدر ما تُجرِّد الأفراد من هويتهم الشخصية وتحوّلهم إلى موظّفين.

الاحتقار إذن، هو الخلط العقلاني بين الثمن والكرامة -كما يقول هونيث- وإنّ جوهر الرأسمالية هي كونها قد نقلت الاحتقار من الضجيج الأخلاقي حول الانفعالات الحزينة إلى ديناميكية اجتماعية تقوم على الاستيلاء الوظيفي على الأجساد المدرّبة واستثمارها بشكل نسقي، نعني في شكل إدارة تضبط سياسة الحياة الخاصة للفرد المعاصر بوصفها ثروة اقتصادية يمكن الاستثمار فيها.

قال هونيث: "أن نصبح غير مرئيين (invisibility)... هو نتيجة لتشوّه قدرة الإدراك لدى الكائنات الإنسانية التي هي مرتبطة بالاعتراف"، ولابدّ من التمييز هنا بين "أن نعرف" شخصا وبين أن "نعترف به".

إنّ المجتمع الرأسمالي يحصر العلاقة مع الفرد في مجرّد معرفته حتى يمكن استعماله، لكنّه لا يقيم وزنا لمسألة الاعتراف به بما هو ذات خاصة، بل يعمل على تحييدها"([17]). وهو بذلك –كما يقول رشيد العلوي- "قد لفت الانتباه إلى ظواهر الإهانة الإنسانيَّة المرتبطة بنظام العمل الرأسمالي لكي ينتبه الماركسيون وأنصار البروليتاريا إلى الأسس الجديدة التي يقوم عليها الاستغلال والتي ستكون بدون شك سبباً مباشراً في تنامي وتجذر المقاومة الاجتماعيَّة الجديدة"([18]).

لوك فيري (1952 -  ):

فيلسوف يميني فرنسي متعصب للحضارة الأوروبية، رغم مواقفه الفلسفية النقيضه للميتافيزيقا واللاهوت، شغل منصب وزير التربية والتعليم في فرنسا ما بين 2002 و2004. "هو واحد من الفلاسفة الفرنسيين الجدد، الذين أحدثوا تحولاً عميقاً في الأوساط الفلسفية السائدة، برموزها المعروفة أمثال (جاك دريدا) و(جاك لاكان) و(جيل دولوز) و(ميشال فوكو) وغيرهم، لاعتقادهم أنّ الفلسفة ضلت الطريق بتوغلها في مباحث فكرية ومعرفية عويصة ومعقدة لا يفهمها إلا خاصّة الخاصّة"([19]).

"عُرِفَ لوك فيري وبدأ يسطع نجمه إثر إصداره مع "ألان رونو" سنة 1985 الكتاب الذي أثار ضجة كبرى في فرنسا تحت عنوان “فكر 1968 الذي وجه نقداً لاذعاً للأيديولوجيا السائدة قبل وبعد أحداث 68 بفرنسا. ثم توالت إصدارات غزيرة له، لاقت بعضها نجاحاً كبيراً في المكتبات كــ”النظام الإيكولوجي الجديد” و”الإنسان-الإله أو معنى الحياة” و”ثورة الحب، من أجل روحانية علمانية” وغيرها.

في حوار مع لوك فيري على صفحات مجلة "الجديد" اللندية تاريخ 13/3/2016، أجاب على سؤال: هل تصبح الفلسفة عقيدة بدورها؟([20]).

يجيب قائلاً: "في الواقع وعلى عكس الديانات الكبرى، تُعدْ الفلسفة أولئك الذين يريدون تكريس حياتهم لها، بأنهم سيتمكنون من إنقاذ أنفسهم بأنفسهم، وعن طريق العقل، في حين أن الأديان الكبرى تُعِدْ الإنسان بإمكانية الوصول إلى الخلاص ولكن عن طريق الآخر، الله (وليس بنفسه)، وعن طريق الإيمان (وليس العقل). وهنا يكمن في رأيي الفرق الحقيقي الوحيد بين الفلسفة والدين".

فالرغبة في الحكمة، ونشدان السكينة، تلك هي الترجمة الأحسن والأقرب لكلمة فيلو-صوفيا، إنها القناعة –كما يضيف لوك فيري- بأننا ما دمنا مطوّقين بالخوف، فمن المستحيل أن نصل إلى "الحياة الطيبة"، ومن المستحيل بلوغ السكينة ومن هنا، فمن المستحيل أن نكون أحراراً في نفوسنا، وأن ننفتح على الآخر، وأن نتمتع بأريحية ما: حينما نخاف نكون مضطربين، متلعثمين، بمعنى نكون غير أحرار ومتقوقعين على ذواتنا في آن. لكي نصل إلى السكينة، من الضروري التغلب على خوفنا وهواجسنا، وخلافاً للديانات التوحيدية الكبرى، تَعِدْنا الفلسفة بأننا نستطيع وبأنفسنا وعن طريق العقل بلوغ تلك السكينة، وليس عن طريق الغير أو الإيمان"([21]).

ورداً على سؤال: هل اختفى المقدس في أوروبا؟

يقول لوك فيري: من يزعم بأن المقدس قد اختفى من المجتمعات الأوروبية الحديثة، يرتكب خطأً مزدوجاً: فأولاً تبقى الديانات في هذه المجتمعات حاضرة، بالمقدار الذي يحبذه الأفراد، وثانياً توجد رموز غير دينية فيما يخص العلاقة بالمطلق، إذ المطلق ليس هو المقابل للدنيوي فقط، بل هو أيضا ما يمكن أن نضحي بحياتنا من أجله، ولا نحتاج أن نكون مؤمنين لنقدس أوطاننا أو ببساطة الأشخاص الذين نحب مثلا.

"وبعيداً عن السقوط في خواء روحي، بسبب عدم وجود ما فيه الكفاية من الدين، فعلى العكس تماماً، فمجتمعاتنا الأوروبية، هي أول المجتمعات المعروفة، التي أصبحت حرة، وأكثر أخلاقية، في نفس الوقت من كل المجتمعات المعروفة حتى الآن في التاريخ كما في الجغرافيا، ومع ذلك يريد البعض أن يوهمنا بأن أوروبا هي الاستعمار وتجارة الرقيق والإبادات الجماعية فقط!".

الجديد: ولكن تلك حقائق لا ينبغي نكرانها، ويرد لوك فيري بقوله: الحقيقة أن قارَّتنا هي بالأحرى من ألغى العبودية، ولم يكن ذلك الإلغاء مفروضاً بالقوة، وإنما جاء نتيجة الأنوار الأوروبية، ويقال أيضا إن شعوب الجنوب لم يعد يغريها النموذج الغربي الذي هو في سقوط حر! وأُلاحظ العكس تماماً، وخير شاهد على ذلك الآلاف من المهاجرين الذين يقصدون قارتنا اليوم مضحّين بحياتهم أحياناً، وعلاوة على ذلك، لقد مال كل شيء في العالم لصالح القيم الديمقراطية في السنوات الخمسين الماضية، في الشرق كما في أميركا اللاتينية، بل حتى في الصين التي تسير بخطى سريعة نحو التغريب، ويبقى العالم الإسلامي الاستثناء الوحيد"([22]).

وفيما يخص الحروب الدينية السائدة اليوم، يقول لوك فيري: "هي مقرفة تلك الحروب الدينية التي تلطخ العالم بالدماء اليوم! ولكن هل هذا يعني ويكفي للقول بأننا نعيش في عصر الخواء، إزاحة السحر عن العالم، والهروب المدني؟ لا أرى ذلك إطلاقاً، بل ذلك هو وهم الوعي الشقي النموذجي الذي لا يحبّ أن يحبّ.

ما نعيشه ليس إجهازاً بأيّ حال من الأحوال على المقدس أو كسوفاً للقيم، وإنما هو تجسيد جديد لها في وجه جديد، وجه الإنسانية. إطرح على نفسك بكل أمانة السؤال التالي: من أجل من أو ماذا أنت مستعد للتضحية بحياتك؟ بكلمات أخرى، ما هو الشيء الذي تعتبره كمقدس، كجدير بالتضحية؟ سيكون الجواب –يقول لوك فيري- بالنسبة إلى أغلبيتنا الساحقة في أوروبا: الإنسان هو المقدس القريب والبعيد وليس التجريدات الفارغة للدين والسياسة التقليديتين، وبفضل هذه الليبرالية المفترى عليها كثيرا، نحن نعيش ولادة وجه إنساني جديد، مغاير لإنسية فولتير وكانط وحقوق الإنسان والعقل، وتلك الأنوار التي كانت حقا حاملة لمشروع تحرر واسع، بيد أنه قاد أيضاً إلى الامبريالية وإلى الاستعمار، وهذا غير صحيح، فما  نعيشه هو على النقيض من ذلك: إنسية ما بعد كولونيالية وما بعد ميتافيزيقا، إنسية تعالٍ وحبّ وغيرية، لذا ينبغي علينا ابتداع مقولات فلسفية جديدة من أجل التفكير في إشكاليات هذه الإنسية الجديدة والآمال المعلقة عليها، وأقل ما نقول هو إنّ هذا الرهان يستحق كل اهتمامنا"([23]).

وفي الاجابة على سؤال مجلة الجديد: هل لديك فكرة عن الفلسفة العربية اليوم وهل تعتقد أن هناك فلسفة غير غربية؟

"يقول لوك فيري: يبدو من تعريف الفلسفة الذي اقترحت منذ قليل، أنها لا بد أن تكون علمانية أو لا تكون، وبطبيعة الحال، يوجد علماء لاهوت ومفكرون كبار في مجال الدين، كالقديس توما الإكويني وباسكال لدى المسيحيين، وابن سينا وابن رشد في العالم العربي الإسلامي، فكتاب “فصل المقال” لابن رشد هو عمل رائع حقيقة، ومؤلفه شارح عظيم لأرسطو، وكان له تأثير كبير جداً على العالم المسيحي وآدابه، ولكن مهما كان الفكر عميقاً، فإن ذلك لا يجعل منه فلسفة إذ لا يمكن التفلسف دون التحرر نهائياً من قبضة الدين"([24]).

 في كتابه "أجمل قصة في تاريخ الفلسفة"، تحدث لوك فيري، عن مراحل الفلسفة، ابتداءً من الفلسفة اليونانية، ثم التنويرية، والإنسانوية، والتفكيكية، واختتم كتابه بالحديث عن فلسفته الخاصة أو قراءته للفلسفة القادمة، والتي يقرأ انتشارها في الواقع، ألا وهي "الإنسانوية الثانية" كما اختار التعبير عنها، يقول([25]):

نأتي الآن إلى ما أعتبره فلسفتي الخاصة، المرتبطة بتلك الحقبة الخامسة من التفكير، التي نحياها الآن، وقد أسميتهاالإنسانوية الثانية” … فبدل أن تقصر هذه الإنسانوية الجديدة قيمة الحياة الإنسانية، على ما يتبع العقل والحقوق والتاريخ والتقدم، فإنها تبدو إنسانوية قائمة على الحب.

أعتقد -كما يستطرد لوك فيري- أن هذا الشعور ليس واحدًا من بين مشاعر أخرى يمكن مقارنته بالخوف والغضب والاستياء، على سبيل المثال، بل إنه قد أصبح مبدأً ميتافيزيقيًا جديدًا، إذ هو يعطي لحياتنا معنى. وبالفعل، هو وحده قادر على إضفاء طابع مثالي على كل ما يمكن أن يكون محبوبًا، على وجه الدقة، في جميع المفردات الإنسانية، مع إيجاد مُثل جَمعية جديدة، لأننا نريد أن نترك عالمًا يمكن العيش فيه، ويكون أكثر ما يمكن استقبالًا لمن نحبهم، لأطفالنا وللأجيال القادمة. ومن هذا المنظور، يؤدي الحب تجاه الأقرباء إلى الاهتمام بالإنسان الآخر المثيل (وهو عكس القريب، أي من لا نعرفه)، كما نرى ذلك بالخصوص في نشأة الإنسانوية الحديثة .

فالحب، هو ما يجعل البشرية تقوم بما يلزم لتوفير مناخ وحياة أفضل للأجيال القادمة. بل أن البشر، في وقتنا الحالي، يبدون أكثر استعدادًا للتضحية في سبيل من يحبون، أكثر من استعدادهم للتضحية في سبيل الأفكار أو المعتقدات أو حتى الأوطان، فقد تخلصت البشرية من كل الأوهام الميتافيزيقية، بما في ذلك أوهام الأنوار، وتحررت بهذا أبعاد الوجود التي ظلت إلى ذلك الحين مهملة أو مقموعة، فإنه (أي التفكيك) سيعطي الكائن البشري مزيدًا من الاستقلالية وحرية أكثر لصنع المصير واختيار أشكال الحياة التي تناسبه – علمًا بأن تلك الحرية هي بالتأكيد محيّرة ولذيذة على حد سواء. لذا يجب توفير الوسائل الذهنية الكفيلة بتجاوز التناقضات الملازمة للتفكيك ؛ وتلك في نظري–كما يقول لوك فيري- إحدى المهمات الأكثر جوهرية التي تضطلع بها الفلسفة المعاصرة كما أتصورها، وإني أرى لأسباب تاريخية وفلسفية بالأساس، أن ما سيمكننا اليوم، في هذه الرؤية الخامسة للعالم، من الإجابة عن مسألة معنى الحياة، إنما هو إذًا الدور المركزي من الآن، الذي نعطيه تلقائيًا لهذا الشعور الفريد للغاية، ألا وهو الحب"([26]).

فالحب سيصبح برأي (لوك فيري) هو المعنى لوجودنا، ليس في دائرة الحياة الخاصة فحسب، وإنما في دائرة الحياة الجَمعية أو الاجتماعية، ثم يتحدث –لوك فيري - بعد ذلك عن مجالات الفلسفة، فيقول:

"تنقسم الفلسفة، بكل بداهة، إلى مجالات متعددة: (المعرفة ما الحقيقة؟)، الأخلاق والسياسة (ما العدل؟(، مسألة معايير الجمال، وأخيراً مسألة الخلاص (ما الحياة الطيّبة؟). ولا أنسى أن الفلسفة تهتم أيضًا، وحتى في البداية، بما يجعل المعرفة الموضوعية ممكنة، وبالتفكير النقدي في تعريف ما هو عادل، وبالنظرية السياسية أو منابع الإحساس الجمالي. ولا أنسى كذلك أن بعض الفلاسفة، الذين تركوا بلا شك بصماتهم في تاريخ الأفكار، لم يَنكَبُّوا إلا على البعض من هذه الموضوعات، بل إن بعضهم لم يعالجوا إلا موضوعًا واحدًا"([27]).

 

 

([1](جورج طرابيشي – معجم الفلاسفة – دار الطليعة – بيروت – ط1 – أيار (مايو) 1987 – ص148

([2](وسف السهيلي - نحو فينومينولوجيا القسوة محادثة مع إتيان باليبار – مؤمنون بلا حدود – 7 ديسمبر 2019

([3](ماهر الشريف – الفيلسوف إيتيين باليبار وعالم ما بعد كورونا – موقع: حزب الشعب الفلسطيني – 9/6/2020

([4]( المرجع نفسه.

([5]( ديما شريف – إتيان باليبار: شيوعي "متشائل" بلا حزب منذ 28 عاماً – موقع: الاخبار – 19 نشرين الثاني 2009.

([6]( محمد بوتنبات -إتيان باليبار -  مدونة في الفكر والسياسة والإبداع - 13/5/2017

([7]( جورج طرابيشي – معجم الفلاسفة – دار الطليعة – بيروت – ط1 – أيار (مايو) 1987 – ص148

([8]) موقع ويكيبيديا، الموسوعة الحرة – الانترنت .

([11]) نور الدين علوش – حوار خاص مع الدكتور كمال بومنير – الانترنت – 2 أيار (مايو) 2012.

([12]) المرجع نفسه .

([13]) المرجع نفسه .

([17]) فتحي المسكيني – مجتمع الاحتقار – الانترنت – 22 فبراير 2018.

([18]) رشدي العلوي – اكسيل هونيث: الاحتقار أساس المجتمع الرأسمالي المعاصر – 21 أغسطس 2018- الانترنت.

([19]) أحمد بادغيش – الإنسانوية الجديدة، أو الحب كمعنى للحياة- موقع ساقية - http://www.saqya.com.

([20]) حوار مع مجلة "الجديد" الشهرية الثقافية اللندينية 13/3/2016 – ترجمة حميد زنار.

([21]) المرجع نفسه.

([22]) المرجع نفسه.

([23]) المرجع نفسه.

([24]) المرجع نفسه.

([25]) أحمد بادغيش – الإنسانوية الجديدة، أو الحب كمعنى للحياة- موقع ساقية - http://www.saqya.com.

([26]) المرجع نفسه .

([27]) المرجع نفسه .