Menu

المقاومة ومعادلة الوجود الفلسطيني

بوابة الهدف الإخبارية

صورة تعبيرية

خاص بوابة الهدف

المقاومة في الحالة الفلسطينية التي تعاني من احتلال عنصري استيطاني احلالي، ليس فقط ضرورة، بل هي المعادل الموضوعي لوجود الاحتلال الصهيوني الجاثم على أرضنا، ويمارس كل أشكال التطهير والإلغاء للوجود الفلسطيني من جهة، ومن جهة أخرى فإن الفلسطيني لا يمكن أن يعرّف ذاته ويؤكد هويته وتجسيد كيانيته؛ إلا من خلال ربط هذه الذات بالمقاومة؛ بما يعني أن المقاومة هي الجوهر في معركة الوجود التي يخوضوها شعبنا، لذلك لم يكن عبثًا أن يكون آخر ما أوصى/نطق به الرفيق القائد الوطني والقومي "الحكيم" جورج حبش ، وهو يلفظ أنفاسه: "تمسكوا بالوحدة واستمروا بالمقاومة".

إن المقاومة الباسلة والشجاعة، والصمود البطولي، والإرادة والعزيمة القوية، والتضحيات العظيمة، والصبر وطول النفس التي أبداها ولا يزال شعبنا، تفتح الحديث واسعًا عن الأفق السياسي الفلسطيني المطلوب التوافق عليه والمُؤسس على حق شعبنا التاريخي في أرض وطنه (فلسطين)؛ فالمقاومة المجدية لا يمكن أن تكون دون ذلك الأفق؛ القائم على الاتفاق على رؤية واستراتيجية وطنية موحدة؛ تحتاج إلى وعي شامل من كل القوى والأحزاب الفلسطينية لضرورتها، وإرادة لتحويلها إلى ممارسة وفعل وأطر ومؤسسات.. بما يراكم الإنجازات الوطنية تلو الإنجازات، كما أن الرؤية والاستراتيجية هي التي تعطي لأي أداة كفاحية وظيفتها ودورها وتحفظ مكانتها واحترامها من قبل الشعب، وهذا لا يمكن أن يتحقق دون الوحدة الوطنية التي يراها البعض محصورة في وحدة الأحزاب/الفصائل السياسية، في حين تتعداها إلى وحدة الشعب الفلسطيني كله، الذي يجب تصويب العلاقة بينه وبين حركته الوطنية، وبما لا يفقدنا قدرة استثمار مكونات قوته، بأعلى درجة من الفائدة والاقتدار، كشرط ضروري للنجاح في مواجهة الاحتلال وأهدافه التصفوية.  
لقد آن الأوان لأن تدرك فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية؛ خطورة استمرار تغييب وعدم استثمار قدرات وطاقات شعبنا كما يجب؛ ففي ظل اشتباك تاريخي مفتوح مع العدو، الذي يعمل باستمرار على تركيم عوامل قوته، ليس فقط من بوابة القوة العسكرية والاقتصادية والتكنولوجية وتعظيم تحالفاته "وتطبيع علاقاته"، بل من خلال النفاذ إلى "جبهة" الخصم والنيل من قدراتها وإمكانياتها ومعنوياتها، أي الشعب الذي يواجهه/يقاومه، وهذا ما يُوجب أن تُبنى العلاقة مع الشعب/الجماهير على قاعدة الاحترام والثقة، ومن خلال بنى وممارسات وعقلية خلاقة وديمقراطية؛ هدفها إدماج الشعب كله في صميم العملية النضالية، والاستثمار الأفضل لإمكانياته وقدراته، والتوظيف الأمثل لكل أشكال المقاومة، حسب وجود وانتشار شعبنا في داخل فلسطين وفي دول المهجر واللجوء.

إن المقاومة الحقيقية والمجدية تكون في تكامل أشكالها ومهماتها ودورها وأدائها مع حاضنتها الشعبية، التي تمنحها دفق وزخم الاستمرار والتقدم في معركتها المستمرة والطويلة مع العدو الصهيوني، على طريق دحره وتحقيق حرية وعودة واستقلال شعبنا الفلسطيني.. ويبقى السؤال الحارق: كم نحتاج من تضحيات ودماء.. كي نصل ونرتقي لمستوى هذا الاستحقاق؟!