"أنا الأرض
والأرض أنت
خديجة! لا تغلقي الباب
لا تدخلي في الغياب
سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل
سنطردهم عن حجارة هذا الطريق الطويل
سنطردهم من هواء الجليل".
كتب محمود درويش هذه الأبيات تحيّة لشهداء يوم الأرض، ومن بينهم الشهيدة خديجة شواهنة، تلك من بين آلاف السطور التي خطت حول هذا اليوم الخالد في ذاكرة الشعب الفلسطيني، لأنه تحديدًا يتعلق بمعنى كون هذه المجموعة البشرية ليست مجرد أقلية أو أقليات متناثرة، أو طائفة أو جزء من أمة كبرى، بل هي شعب يستشعر ذاته وصفاته المتمايزة، ويتصل ببعضه على نحو وثيق، ويستحضر كل هذا في مواجهة المحاولة الاستعمارية الوحشية لشطبه أو تمييع وجوده.
لم يكن يوم الأرض هو جزء من برنامج الفعل السياسي للثورة الفلسطينية، بل كان قفزة في هذا البرنامج أحدثتها هبة أبناء شعبنا في الداخل الفلسطيني المحتل عام ١٩٤٨، فهؤلاء قرروا أن يكون تصديهم لمشروع تصفية وجودهم بإعلان تمسكهم بالهوية الفلسطينية الجامعة، وتعزيز أدوات تنظيمهم الوطني، ليكن يوم الأرض منذ ذكراه الأولى يوم للتعبير عن قرار هذا الشعب بأن بالكفاح ليبقى كشعبٍ موحّد، لتكون كل الأرض لكل الشعب المناضل ضد المشروع الصهيوني.
رصاص العدو الذي قتل الشهيد منير عنبتاوي في حيفا أمس؛ ينضم لرصاص عصابات الصهاينة منذ لحظة وجودها الأولى على أرض فلسطين، وكل صوت لا زال يتلعثم في الحديث عن جذرية المواجهة مع كل مفصل أو ذراع للمنظومة الصهيونية، هو امتداد لمشاريع روابط القرى وفصائل السلام والاستسلام، ولكل عملاء الفاشية أو المتعاونين معها على امتداد التاريخ، فيما تقف كل قبضة مشهرة ضد المشروع الصهيوني، وكل رصاصة، في معسكر القتال الإنساني الشجاع ضد الفاشية والعنصرية والإبادة؛ ضد عروش القهر الرجعي العربي الحارسة للمشروع الصهيوني وللهجوم الاستعماري المستمر على المنطقة.
إنّ يوم الأرض هو محطة لا لإدراك وحدة الهوية الفلسطينيّة فحسب، ولكن وحدة كفاح الشعوب العربيّة في وجه المشروع الاستعماري، وواجب الإنسانية جمعاء في النضال ضد مشاريع الهيمنة والاستبداد والإبادة والاستعباد.