Menu

مُخالفة فاضحة للقوانين الدولية..

الصحفي معاذ حامد يكشف للهدف آخر تطورات التحقيق معه من قِبل "الموساد" في إسبانيا

الصحفي الفلسطيني معاذ حامد

مدريد _ خاص بوابة الهدف

وسط العاصمة مدريد، في شارع "باتالا ديل سالادو" تحديدًا حيث مقر إحدى الثكنات الرئيسيّة لجهاز الحرس المدني - الهيئة الأكبر للأمن العام على المستوى الوطنيّ الإسباني، وداخل غرفةٍ معزولة عن ضجيج رابع أكبر مدينة من مدن الاتحاد الأوروبي، تم استدعاء مراسل التلفزيون العربي هناك الزميل الصحفي معاذ حامد – فلسطيني الجنسيّة وهو أسير مُحرّر قضى عدّة سنوات في سجون الاحتلال، وجرى اعتقاله لدى الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة عدّة مرات.

في 11 فبراير الماضي وقت الظهيرة، فوجئ حامد باتصالٍ من قِبل ضابط في الحرس المدني يبلغه بضرورة الحضور إلى المقر الأمني للتحقيق وأخذ بعد الأجوبة والاستفسارات حول عمله الصحفي داخل الأراضي الاسبانيّة، قبل المراسل التلفزيوني وذهب ليتبيّن أنّ ضابطًا من الموساد "الإسرائيلي" يجلس أمامه للتحقيق معه حول مادةٍ صحفيّة مُصوّرة بعنوان "هكذا يستهدف الموساد فلسطينيي الخارج في دول أوروبية".

وبحسب الزميل حامد خلال حوارٍ مع "بوابة الهدف الإخباريّة" للولوج إلى غرفة التحقيق ومعرفة تفاصيل التواطؤ الإسباني مع دولة الاحتلال الصهيوني، كان التحقيق الذي عرض عبر التلفزيون العربي قد سلّط الضوء بالوثائق على محاولة جهاز المخابرات "الإسرائيلي" الإيقاع بعددٍ من الفلسطينيين في أوروبا وتجنيدهم للتجسّس لصالحه في تركيا .

والجدير بالذكر أنّ المهمة الأساسيّة للحرس المدنيّ تكمن في حماية الممارسة الحرّة للحقوق والحريات داخل البلاد وضمان الأمن البشري، تحت غطاء ولاية "حكومة الأمة"، إلى جانب الشرطة الوطنيّة، وتحت شعار "الشرف هو العملة الرئيسية للحرس المدنيّ تبعًا لذلك، ينبغي الحفاظ عليه من أي عارٍ يستدعي اللوم، بمجرّد خسارته لمرّة واحدة لا يمكن استعادته أبدًا"، إلّا أنّ ما حدث مع معاذ منافٍ تمامًا لكافة اللوائح والشعارات والقوانين التي يتم إطلاقها يوميًا من الجهات الرسمية الإسبانيّة وكذلك دول الاتحاد الاوروبي، وإنما فضيحة تواطؤٍ علني مع دولة الإجرام الصهيونيّة التي لطالما تمت إدانتها في الكثير من التقارير الأمميّة الدوليّة.

وسألت "بوابة الهدف" الزميل معاذ عن آخر التطورات في القضية وهل هناك ردود رسميّة من قبل الجهات الاسبانية المعنيّة للتعليق على الموقف الذي تم تقديمه قانونيًا لمُحاسبة المتواطئين، فأجاب حامد: هناك استدعاء لوزير الداخلية في البرلمان مقدّم من أربع كتل نيابيّة، وهناك متابعة شخصية من نواب بالحديث مع وزير الداخليّة، وحتى الآن لا يوجد أي رد رسمي من وزارة الداخليّة باستثناء ردٍ وحيد قدمته لمنظمة حماية الصحفيين الدوليين في نيويورك.

وأضاف: "الرد الوحيد الذي تم تقديمه عن طريق مدير المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية والذي أنكر فيه معرفة الاستجواب غير القانوني الذي تعرّضت له، حيث أضاف بأنّه من الصعب فتح تحقيق لأنه لا يوجد أي سجلات".

وعن الإجراءات المتخذة من قبل المؤسّسة الإعلاميّة حتى الآن على الصعيد القانوني، قال إنّ "هناك مجموعة من الإجراءات المتخذة منها شكوى تقدمت بها لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين بصفتي حامل لبطاقة "أونروا" ومسجل لديها، وشكوى أخرى لوزارة الداخلية، وشكوى لمكتب اللاجئين بصفتي لاجئ سياسي في اسبانيا".

ولفت إلى أنّ "الجهات الفلسطينيّة قدّمت دعمًا معنويًا وأكثر من شكوى للسلطات الاسبانية عبر القنوات المختصة بين الطرفين، ولكن الجهد الرئيسي حاليًا يتم داخل البرلمان الإسباني وأتابعه من خلال التواصل مع النواب والكتل البرلمانيّة، ويبدو أنّ مخابرات الاحتلال رأت أنّ وجود أعداد من الفلسطينيين في أوروبا كلاجئين يمكّنها من الضغط عليهم وابتزازهم لتجنيدهم، هذا بالإضافة لارتباط الأمر في حالتي تحديدًا بالتحقيق الصحفي الذي سبق أن عملت عليه بشأن عمل الموساد على تجنيد الفلسطينيين في الخارج من خلال بعض الجمعيات الوهميّة، والذي يبدو أنه أثار شيء ما لدى مخابرات الاحتلال ودفعها لهذه المحاولة".

وفي منشورٍ له عبر صفحته الرسمية عبر "فيسبوك"، أشار حامد إلى أنّ "جهاز الحرس المدني الإسباني، يتبع سياسة تجاهل الرد على وسائل الإعلام الدوليّة التي تتواصل معه خلال إعدادها لتقرير يتعلّق بالسماح لجهاز مخابرات أجنبي "إسرائيلي" في التحقيق مع صحفي يعيش على الأراضي الإسبانيّة ويتمتع بالحماية الدولية"، قائلاً: "سياسة التجاهل، وعدم الرد.. يدفع عددًا كبيرًا من الوكالات المرموقة ألّا تنشر التقرير الذي عملت عليه.. بسبب عدم حصولها على أي رد من الحرس المدني، وسياسة التجاهل، نجحت حتى اللحظة مع 3 وكالات دولية كبيرة.. ما دفعها للتراجع عن نشر التقرير بسبب عدم وجود رواية رسمية من الطرف الآخر".

وأردف: "لا أعرف، هل نسمي ذلك مهنية عالية!! أم ماذا؟ ألّا يستطيع الصحفي أو كالة الأنباء أن يقول أو تقول "وحاولنا الحصول على تعقيب من الطرف الآخر.. لكن دون جدوى.!!".

كما ويًشار إلى أنّ استدعاء الزميل الصحفي كان مرحلة ثانية، ففي 9 ديسمبر من عام 2020، تلقى معاذ أول مكالمة هاتفية من وكيل خدمات معلومات الحرس المدني المتمركز في إقليم الباسك، الذي بدوره أخبره أنّه يريد الحديث معه عن عمله الصحفي وحياته في إسبانيا، وهو إجراء شائع في التعامل مع اللاجئين والمهاجرين.

وكانت صحيفة إسبانية تدعى "publico" مطلع إبريل الجاري، كشفت عن فضيحة تمثلت بقيام عناصر من "الموساد" بالتحقيق مع صحفي فلسطيني داخل مقر وسط العاصمة، حيث قام الأمن الإسباني بوضعه في ذلك اليوم تحت تصرّف أحد الضباط الصهاينة.

وأكدت الصحيفة وقتها، أنّ حامد وعند وصوله، لاحظ بعض التفاصيل المشبوهة، فنزل رجل بالزي الرسمي للبحث عنه وقدّمه إلى المبنى دون التعرّف عليه، ودون تسجيل دخوله، ودون المرور بأي رقابةً أمنيّة، على النحو المنصوص عليه في البروتوكول، ورافقه الوكيل إلى الطابق الثالث، حيث كان ينتظرهما رجل يرتدي بدلة، وقدّم نفسه على أنه عُمر.

وأضافت "كانت الغرفة مظلمة والنافذة الوحيدة مغلقة، وبعد التحقّق من أنّ حامد لم يكن يسجل بهاتفه المحمول، ادّعى الرجل الغامض أنّه يعمل لصالح المخابرات البلجيكيّة، وأوضح عميل خدمات المعلومات لحامد أنّ عمر من أصل فلسطيني، إلّا أنّ حجته انهارت عندما لاحظ الصحفي لهجته العبريّة القوية، وطلب منه إبراز هويته لكنه رفض".

وتابعت "بدأ العميل الإسرائيلي المدعو عمر بالضغط عليه، حيث أطلق اتهامات مبطنة ضد معاذ وجعله يرى أنّه يعرف اتصالاته وتحركاته منذ فترة طويلة واتهمه بالتورّط في تمويل الجماعات الإسلاميّة والإرهابيّة المرتبطة بالمقاومة الفلسطينيّة، وهو ما نفاه حامد".

ووفقًا للصحيفة، فقد "واصل عميل الموساد المزعوم حديثه وأطلق تهديداته الأولى ضد معاذ وعائلته، وأخبره أنهم لن يعودوا أبدًا إلى فلسطين وذكر أحد تحقيقاته الصحفية والتي قال فيها إنّه كشف النقاب عن نظام الشركات الوهمية التي يعمل بها الموساد في دول أوروبا الشرقيّة لتجنيد ودفع رواتب مخبريه في الأراضي الأوروبية"، كما جاء.

كما ونقلت الصحيفة وقتها، عن مصادر في شؤون الهجرة والأمن، أنّ "الحرس المدني الذي استدعى حامد، ليست لديه صلاحيات في شؤون الهجرة (تقع على عاتق الشرطة الوطنية)، مشيرين إلى أنّه من الشائع أن تتصل خدمات المعلومات الإسبانيّة بالمهاجرين واللاجئين وتحاول التقاطهم للحصول على معلومات، ولكن ليس بالبروتوكولات التي تنطوي على تهديدات وترهيب مثل تلك التي واجهها الصحفي الفلسطيني، كما لا توجد حاليًا اتفاقيات تعاون رسميّة تسمح للموساد بتنفيذ أعمال من هذا النوع في الأراضي الإسبانيّة أو في مباني الدولة".

وفي أعقاب ذلك، حمّلت نقابة الصحافيين الفلسطينيين، الحكومة الإسبانية المسئوليّة عن توفير الحماية وضمان الأمن للصحافي الفلسطيني معاذ حامد وعائلته، داعيةً إلى إجراء تحقيقٍ عاجلٍ وجدّي فيما حصل مع الصحافي بالاستجواب لدى الحرس المدني.

وقالت النقابة إنّ "ذلك يشكّل مُخالفة فاضحة للقوانين الدوليًة، وخرقًا للسيادة الإسبانيّة، وتهديدًا لأمن وسلامة الصحافي"، مُشيرةً إلى أنّها "تتابع تفاصيل القضية مع اتحاد الصحافيين في إسبانيا، ومع وزارة الخارجية الفلسطينيّة، لمتابعة تفاصيل القضية مع الجهات الإسبانيّة السياسيّة والأمنيّة ذات العلاقة، وضمان سلامة الزميل الصحافي وعدم التعرّض له".

من جهته، رأى القيادي في الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين، فايز البدوي، والمُقيم في اسبانيا، أنّ ما جرى مع الصحفي الفلسطيني معاذ حامد خطير جدًا، لا سيما وأنّ جهاز "الموساد" الصهيوني يتصرّف كيفما يشاء في الأراضي الإسبانيّة، حيث من الممكن أن يتعرّض أي إنسان للمُلاحقة من قِبل مُخابرات الاحتلال، وهذا يؤكّد أنّ الفلسطيني مُلاحق لأنّه يريد حقوقه الشرعيّة في وطنه ولأنّه لن يتنازل عن حقوقه.

وأشار البدوي إلى أنّ الصحفي حامد صمد أمام هذا التحقيق السيء والقذر، مُؤكدًا أنّ "الاتحاد الأوروبي لا يحترم نفسه بل يتآمر على الشعب الفلسطيني"، مُشددًا على أنّ "الشيء الخطير أنّ الحكومة الإسبانيّة التي تقول عن نفسها أنّها يساريّة وتقدميّة نرى أنّها رجعيّة كما الحكومات اليمينيّة، وما يحكم اليوم إسبانيا هو الحزب الاشتراكي ونحن لا نقبل بالاعتداء على هذا الفلسطيني وعلى أي شخص فلسطيني آخر ويجب أن نرفع الصوت عاليًا حتى لا يقع شعبنا ضحية هذا الاجرام والاستعمار الأوروبي الذي شكَّل الكيان الصهيوني".