ما هي مساحة الأمل فيما قاتل لأجله ستة من الفدائيين في سجن محصن للعدو؟ ما نسبة النجاح في المهمة التي حملوها على عاتقهم؟ بحسابات العدو؛ فإن هذه النسبة تكاد تكون صفر، ولكن بمجرد خروجهم متجاوزين تحصينات العدو، أصبحت كاملة؛ انتصار كامل لا يمكن أن يخدشه شيء، أي كان مصير المرحلة المقبلة من مواجهتهم؛ مواجهتنا؛ معركتهم؛ معركة فلسطين، مع العدو الصهيوني.
على نفس القياس؛ يمكن فهم المقاومة والقتال ضد هذا العدو منذ يومها الأول وحتى الآن؛ مشروع يملك هدفًا أساسيًا واضحًا، مهما بدى صعب أو مستحيل او وقفت دونه عوائق؛ هزيمة هذا العدو واستعادة حرية شعبنا، فمهما تبدلت الظروف، وتغيرت التوازنات في هذا العالم، واختلطت الكثير من الأشياء والمفاهيم في أذهان الكثيرين؛ هناك من قرر أنه لن يستسلم أبدًا للعدو، وسيواصل العمل لأجل الهدف الواضح والنصر.
التدابير الأمنية للعدو التي أعقبت كل فكاك من سجنه، أو محاولة لذلك، ما هي إلا عائق نظر له الفدائي وتعامل معه، وتجاوزه، وكذلك كل تلك التغيرات في موازين القوى، وكل ذلك الخذلان والاستسلام الرسمي العربي، والانحياز الدولي، هي عوائق وأسوار وأجهزة تشويش؛ واجب المجموع الوطني الفلسطيني، والعربي، والإنساني الحر؛ أن يتغلب عليها.
إن تحويل العوائق والعوامل الموضوعية المجافية لعوامل هزيمة ذاتية وبواعث للاستسلام هو الكارثة بعينها، وهو نقطة التحول السلبي التي قد تكتب مصير مؤسف لأي حركة تحرر تقاتل ضد غزاة مستعمرين، أو طغاة مستبدين.
المؤكد اليوم، ما تعلمناه منذ الصباح المشرق من نفق الحرية وحتى الآن، أن العدو محدود القدرة مهما ادعى العكس، ومهما امتلك من أدواتها اللحظية؛ التكنولوجيا؛ أنظمة الرقابة؛ فلسفة الحراسة؛ الخطط؛ الرؤى الاستعمارية الحديثة وما بعد الحداثية حول تأديب المتمردين واخضاعهم؛ نظريات مكافحة التمرد؛ التمويل؛ التحريض؛ الاستسلام العربي؛ أموال النفط العربي المتدفقة في عروق المؤسسة العسكرية الصهيونية، كلها تهزم في نهاية المطاف حين تتوفر الإرادة الكافية.
الآن لنعيد السؤال على أنفسنا، وهي بالتأكيد ليس ذات الأنفس كأفراد أو مجموع كما كانت بالأمس، قبل نفق الحرية واشراقته، هل هذا العدو قابل للهزيمة؟ هل حصونه منيعة؟ هل تكنولوجيته لا تقهر؟
مع كل طلقة؛ طعنة؛ يتلقاها العدو؛ ارتقاء لشهيد مؤمن بقضيته وكفاح شعب؛، اشتباك جديد، نعرف من الغالب.
النصر حليف ليس للواثق فحسب، فحتى الثقة تسقط في الطريق ومع الإخفاقات والهزائم والعوائق، ما لم تكن مبنية على قناعة راسخة ورؤية تدرك ضرورة هزيمة هذا العدو وتفضيل الموت ألف مرة، ودفع مليون ثمن من دم على الحياة في ظل العبودية أو الهزيمة.