Menu

بلدة سعير .. نار ثورة تحرق الاحتلال

هذه الارض والبيوت وساكنيها وشجرها وحجرها اختارت الا تستلم وان تبقى نار ثورة تحرق المحتل

بوابة الهدف_ساري جرادات

بلدة سعير نموذج للوحدة والفداء والتضحية في انتفاضة القدس

   سعير كلمة رباعية الالوان والتكوين ، رباعية النخوة والعزة والثأر والكرامة ، منددة ومتمردة على شتى اصناف الارهاب والتنكيل والتضييق بحق امها فلسطين من قبل قراصنة الحياة ، فمع اشراقة صباح كل يوم جديد يلبي شبابها نداءات واستغاثات ابرياء فلسطين ، فتاريخ هذه البلدة لمن يتفحصه جيدا عصي على الانكسار والانحناء ، و شبابها لا يعرف الملل او الياس وغايتهم التحرر من نير الاستعمار والانعتاق من كل شروره ، فهذه طقوسهم التي يقف المحتل عاجزا امامها، و قوة ارادتهم وصلابتهم وعزيمتهم، التي تربكه، والتي سيولي الادبار هاربا من فك رموزها وتكوينها الاول .

  سعير من البلدات الاضخم مساحة وسكانا في محافظة الخليل ، حيث تقبع الى الشمال منها وتبعد عن مركزها 8 كم ، وتبلغ مساحتها 92422 دونم ، يعيش بها حوالي 30 الف مواطن تجرعوا كل اصناف الارهاب الصهيوني ، وتحاصرها مستوطنة " كريات اربع " من الجهة الجنوبية ومن الشمالية مستوطنة " كدوميم " ومن الجهة الغربية يطوقها الشارع الالتفافي رقم " 60 " الذي يربط مستوطنات الجنوب بالشمال ، وفي اغلب الاحيان يمنع الاحتلال المركبات الفلسطينية من استخدامه .

   سعير لها باع نضالي عريق وكبير ، تقارع المحتل بشتى اشكال النضال والمقاومة ، فاطلق عليها بلدة الشهداء لكثرة ما قدمت من ابنائها قربانا على مذبح العودة والحرية والتحرير، فبلغ عدد شهدائها 54 قمرا ينيرون الدرب نحو القدس والعودة والاستقلال ، وقدمت المئات من ابنائها اسرى خلف قضبان الاحتلال ، ولم تهدأ او تستكين يوما في مواجهة الة الدمار الصهيونية ، فجاءت هذه الانتفاضة المجيدة لتؤكد من جديد ان بلدة سعير في المقدمة والطليعة وتجود بدماء وأرواح ابنائها حتى القدس والنصر المبين.

   قدمت بلدة سعير خمسة شهداء في هذه الانتفاضة المستمرة ، فحمل الشهيد " رائد جرادات شهيد النخوة " في الصباح التالي خنجره لينتقم لصرخات الشهيدة " دانيا ارشيد " ليتبعه في ذات اليوم ابن عمه  "اياد شهيد العزة " ليزف الاخر شهيدا ، وما هي الا ايام معدودة وفي ذات اليوم الذي ووري فيه الشهيد " رائد " الثرى حتى اندلعت مواجهات في البلدة فتقدم الشهيد " فادي الفروخ شهيد الثأر " الصفوف ليلتحق بركب الشهداء ، وتواصلت مسيرة البلدة في اعلاء شعلة الانتفاضة ليلحق " الشهيد محمود الشلالدة " بابن عمه الشهيد " عبد الله الشلالدة " الذي اعدمته قوات المستعربين داخل مستشفى الاهلي في مدينة الخليل وتعتقل ابن عمه الجريح " عزام " الذي تدعي قوات الاحتلال انه طعن مستوطن في مجمع مستوطنات " غوش عتصيون " ، ولا زال الاسير الجريح " محمد الشلالدة " في وضع صحي صعب في مستشفى احتلالي لعين بعد قيامه بدهس اربعة جنود صهاينة على مدخل قرية بيت امر الواقعة الى الشمال من مدينة الخليل ، وفي الوقت الذي لا زال الاسير الجريح " ياسر الطروة " يتلقى العلاج في احد مستشفيات الكيان بعد قيام ضابط صهيوني باستفزازه في منطقة باب العامود في مدينة القدس فما كان من ياسر الا ان يرديه ارضا ويحيل بدنه الى القعود الدائم ملحقا به اصابات خطرة بعد ان استل خنجر الضابط وطعنه به .

   الدكتور كايد جرادات رئيس بلدية سعير وسفير فلسطين السابق في اليمن قال " ان بلدة سعير احتلت في انتفاضة القدس موقعا متميزا في التضحية والعطاء انطلاقا من دورها التاريخي في مواكبة المراحل الكفاحية " وتابع حديثة بالقول " خمسة من الشهداء الابرار قدمتهم بلدة الشهداء سعير ينيرون درب الحرية والاستقلال ، ولن تتوانى البلدة عن تقديم الغالي والنفيس لاستعادة كامل التراب الوطني الفلسطيني وانها ستواجه همجية الاحتلال وجبروته الذي يمارس الجريمة المنظمة ضد ابناء شعبنا " وأكد جازما على ان " ممارسات الاحتلال لن تستطيع النيل من صمود وإرادة وكرامة شعبنا، وخاصة تهديدها بهدم بيوت الشهداء ظنا من العدو بأن ذلك سيوقف عجلة النضال ، فالعجلة مستمرة ولن تتوقف ، وطالب المجتمع الدولي ومؤسساته القانونية والإنسانية بفضح ممارسات الاحتلال الذي يضرب بعرض الحائط بكافة الاعراف والمواثيق الدولية .

   سعير قررت وعاهدت الشهداء على السير على خطاهم التي من اجلها قضوا شهداء ، وأولى تلك الوصايا الوحدة الوطنية ، بعد ان باتت شماعة يستخدمها الساسة وصناع القرار عبر الفضائيات والمنابر الاعلامية جعلها مواطني بلدة سعير سلوكا وثقافة وقرروا عدم رفع الاعلام والرايات الحزبية والفصائلية واكتفوا برفع العلم الفلسطيني الذي ارتقى من اجله الشهداء وهم يحاولون رفعه فوق مآذن وكنائس القدس ، وقرروا ايضا ان الشهيد هو شهيد فلسطين كلها من نهرها لبحرها ، ومضوا في هذا معلنين انتهاء عصر الانقسام الكافر الذي حل بالقضية الفلسطينية ونهش من ثقافة ابنائها الوطنية الكثير .

سعير راسخة في تاريخ هذه البقعة من العالم ، حيث تعتبر ثالث اقدم بلد في التاريخ ، ودخلته حديثا كونها شهدت اول زواج غريب الاطوار والرموز والدلالات ، زواج غير تقليدي او عادي ، فتزوج الشهيد الشهيدة ، ففي خطوة فاقت كل الوصف والجنون السرمدي ، وبكل عنفوان وشموخ وبحضور آلاف من اهالي محافظة الخليل ، وقف عريف المهرجان مترجلا بعد مواراة جثمان الشهيد رائد الثرى وتقدم بطلب يد الشهيدة " دانيا ارشيد " للشهيد " رائد جرادات " في مشهد هز وجدان الجميع واختطلت به دموع الحاضرين بالهتاف للشهداء والحرية.

عريف الحفل السيد خليل نعيم احد الشخصيات الوطنية المرموقة في بلدة سعير هو صاحب ومخرج الفكرة الى حيز الوجود وحين سالناه عن الذي حصل في ذلك المهرجان قال " بدأت اصل الحكاية بصرخة وموقف ، صرخة  دانيا ارشيد  على ابواب الحرم الابراهيمي الشريف وموقف تبناه  رائد جرادات ، فالشهيد  رائد  مثلما رسم مسار خلوده الابدي رسم خط سير الحكاية والارتباط بالمصائر والاقدار مع الشهيدة  دانيا ، وبالتزامن مع نخوة صقر الخليل الشهيد رائد جرادات  كان والد الشهيدة  دانيا جهاد ارشيد  قد تبلور لديه الربط في المصير فكان حاضراً في مهرجان الشهيد  رائد ، وحاضراً في مراسم تسليم الجثمان وحاضراً في التشييع ، وحاضراً عرس الشهداء وحاضراً اكثر في الموقف الشجاع ، مع ان " رائد " لم يكن يعرف " دانيا " و "دانيا " لم تلتقي " رائد " ابداً ، لكن المشهد كان استثنائياً بإمتياز ، درامياً ، عاطفياً ، وجدانياً ، ومقاوماً لفكرة زرع الموت والاستسلام لجبروت المستعمر فينا كفلسطينيين ، بطل المشهد الشهيد " رائد " ويشاركه البطولة معنوياً والد الشهيدة " دانيا ارشيد " بالموافقة الفورية وما تلاها من حمل ذوي الشهيدين " جرادات " و" ارشيد " على الاكتاف والهتاف والتكبير من الجموع الحاضرة لهذا الاستثناء ، مع ان الامر لم يكن مرتباً معه سلفاً ، وهنا المعنى الحقيقي لأن تكون فلسطينياً مؤمناً بقضية هي اعدل من العدل وأحق من الحق   "

    من الجدير ذكره ان بلدة الشهداء سعير ومؤسساتها وطواقمها الطبية تعرضت ايضا لهجمة مسعورة من قبل قوات الاحتلال ومستوطنيه ، فتعرض مركز المأمون الطبي للخراب والتدمير اكثر من مرة على يد قوات الاحتلال ولكن الدكتور " زهير جرادات " صاحب المركز قال حول اقتحام مركزه والعبث به وتدمير اجزاء منه على يد قوات الاحتلال والاعتداء عليه " ان شريعة الغاب التي ينتهجها الكيان الصهيوني لن تستطيع وقف كافة شرائح شعبنا عن تقديم يد العون والمساعدة لمن هم بحاجة لها من ابناء هذا الوطن المثخن بالجراح ، وان هذه الاعمال البربرية والوحشية التي قامت بها قوات الاحتلال من استهداف للمركز لن تثنيني عن اداء واجبي الانساني والأخلاقي والمهني تجاه ابناء شعبنا الذي يجودون بأرواحهم رخيصة حتى ينال ابناء شعبنا كافة حقوقهم بالعيش بأمن وحرية وسلام .

    وتواصل قوات الاحتلال من هجمتها المسعورة تجاه بلدة سعير ، حيث هدمت امس نحو 9 بيوت شعر وبركسات ماشية ، شرق البلدة ، فقد قامت قوات الاحتلال باقتحام المنطقة الشرقية للبلدة ، وشرعت بهدم 5 بيوت شعر في " جورة الخيل " ، قبل أن تقتحم منطقة " القنوب " وتبدأ بعملية هدم نحو 4 بيوت وبركسات ماشية تعود ملكيتها للمواطنين " محمد عبد الفتاح الشلالدة ونعيم الشلالدة " .

لظى نيران الغضب والثورة من "سعير" البطولة سيبقى يحرق هذا المستعمر، وسيشعل دوما الارض تحت اقدام جنوده، فأما فلسطين او النار جيل بعد جيل، هذا هو المعنى التي اختاره اهالي سعير لاسم بلدتهم .