Menu

دورة المجلس المركزي: أسئلة الخروج من المأزق..!

إلهام الحكيم

المجلس المركزي

إلهام الحكيم

السؤال البسيط الذي يتبادر إلى ذهن المواطن العادي بداية: ماذا سيقدم أو يؤخر انعقاد المجلس المركزي الفلسطيني في مرحلة لم تعد فيه القضية الفلسطينية تحظى بالأولوية، وإنما أصبحت أمراً ثانوياً على الأجندتين العربية والدولية؟!

تكمن الأزمة الفلسطينية الراهنة بتخلي القيادة المتنفذة المبكّر عن برنامج التحرر الوطني والديمقراطي لمصلحة بناء سلطة وهمية تحت الاحتلال، تستمد شرعيتها من استمرار التنسيق الأمني والمفاوضات العبثية، بينما تستحوذ غنائمها على جل اهتمام حزب السلطة "حركة فتح". لقد أُهمل فلسطينيو اللجوء والشتات من الاعتبار السياسي، وتقلصت مساحة الصراع مع جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه لمصلحة اتساع رقعة الصراع على المصالح الفئوية، وتراجع دور فصائل "م.ت.ف" فذوت وذوى الفعل النضالي لمصلحة نمو المصالح الذاتية الضيقة للأفراد والفئات التي تسترت بغطاء السلطة وتناحرت على منافعها، كما تصاعدت ظواهر المحاصصة والاستزلام والمحسوبية وتغلغل الفساد، فتفكك المجتمع على أساس الولاءات العشائرية والجهوية، والنتيجة الحتمية لذلك أن الوهن قد أصاب الأهداف الفلسطينية العامة النبيلة، بعد أن تراكمت عليها طبقات من المصالح والغايات الفردية والفصائلية!

يعاني الوضع الفلسطيني حالة من التصدع والانفلاش، وللنجاح في الخروج من هذا الواقع المر، على الكل الفلسطيني واجب مواجهة الذات والاعتراف بمناحي الخلل الذي أصابه، واتخاذ ما يلزم من التدابير الضرورية للنهوض من جديد، إن إدراك ضرورة إعادة البناء تشكل الممر الإجباري لمواجهة مستدامة مع الاحتلال والاستيطان.. وعلى أهل أوسلو الإقرار بأن المفاوضات بشكلها الحالي لن تفرض على الاحتلال الرحيل، وبالتالي تمكين الشعب الفلسطيني من حقه بتقرير مصيره بنفسه فوق ترابه الوطني، كما عليهم الاقتناع أيضاً بأن المقاومة بشكلها النمطي المتقطع لن تفضي إلى الحرية والاستقلال، وربما يكون من الأفضل الاستنتاج أن "حل الدولتين" لم يعد قائماً فعلياً. لكن هذا لا يعني الانتقال السهل نحو "حل الدولة الواحدة" وكأن "إسرائيل" التي ترفض حل الدولتين ستقبل بحل الدولة الواحدة..! كما لا يعني الاستسلام، وإنما يستدعي البحث الجاد لإعادة بناء برنامج وطني جديد يتيح لشعبنا إبقاء الخيارات مفتوحة أمامه حتى وإن لم تكن متاحة راهناً، تقوم على تعزيز الصمود الفلسطيني على أرض الوطن، وتمكين الشعب في كافة أماكن تواجده وداخل فلسطين أساساً، غير أن هذا الهدف ينطلق من القناعة أن الصراع مع الاحتلال سيكون طويلاً ويحتاج إلى ثبات وصبر تُحرم "إسرائيل" عبره من أهم أهدافها، وهو تهجير وإفراغ الأرض من أهلها الأصليين، إنه صراع على البقاء مع قوة غاشمة وعلى حركة التحرر الوطني ابتداع واتباع الوسائل الممكنة كلها، ليس فقط لتثبيت بل أيضاً لتوسيع وتعظيم آفاق مقاومة الشعب فوق أرضه.

إنها حقبة تتطلب الخروج من إطلاق الشعارات الكبرى إلى أخرى تستدعي التركيز في مختلف المجالات كالتعليم والصحة والزراعة والصناعة وتوفير فرص العمل الكريمة للشابات والشباب، وتمكين المرأة اقتصادياً وثقافياً ومجتمعياً، إنها مرحلة التركيز على العمل والإنجاز وليس التنظير حوله!

كيفية السبيل لتحقيق ذلك؟

في الأعوام القريبة الماضية كان النقاش يدور حول بقاء السلطة، أو وجوب زوالها.. أما حالياً فهذا النقاش لم يعد قائماً، على الأقل بسبب حالة التشظي والتفكك التي يعانيها المجتمع والفصائل، لكن في المقابل، فإن بقاء السلطة على حالها لا يجوز أن يستمر، لأنها تشكل عبئاً وعائقاً أمام عملية إعادة بناء النظام السياسي واستنباط مهمات برنامج العمل الوطني الجديد.

كل حال، يتعين على عملية إعادة البناء كي تنجح أن تستهدف أصلاً السلطة التي ينبغي أن تتغير لتصبح قادرة على تحمّل أعباء المرحلة الجديدة التي يقع في محورها إعادة بناء "م. ت. ف" وإصلاح أوضاع المجتمع ليصبح أكثر تماسكاً وقدرة على الصمود والمواجهة مع الاحتلال وقطعان المستوطنين.