Menu

والد أشرقت: ابنتي خرجت لقتل جنود وليتها نجحت

يمين- طه قطناني والد الشهيدة أشرقت

بوابة الهدف_ بيسان الشرافي

اعتدنا كطاقم تحرير في "بوابة الهدف"، بأن نتحرّى الدقة في نقل الخبر، ومُنتهى الدقة والحذر في نقل أخبار استشهاد الفلسطينيين بشكل خاص، وإذا ما كان سبب الاستشهاد إعدام ميداني نفّذته آلة القتل "الإسرائيلية" بهدف القتل فقط كما هو مُعتاد، أم أن النبأ يتحدث عن عملية بطولية أقدم عليها فلسطينيّ وارتقى شهيداً، ليقول للمُحتل "إن حقاً لي هُنا، وأنت مُغتصبه".

كما اعتدنا أيضاً، و بعد أن يتّضح أن الخبر اليقين هو "استشهاد فلسطيني بعد محاولته طعن جنود"، بأن نُورد شهادات لأهله و نتتبّع ما نشره أو قاله، قبل استشهاده، لمعرفة وصاياه ورسائله الأخيرة.

شهيدة نابلس يوم الأحد 22 نوفمبر الجاري، أشرقت قطناني، من مخيم عسكر قرب المدينة،  وبسنوات عمرها الـ 16، أدركت أنّ الحقّ في الأرض المحتلة، لا يؤخذ إلّا بمواجهة المُحتل، وجهاً لوجه، حتى لو كان الثمن، زهرة عمرها.

في شهادة أحد المواطنين ممّن كانوا في مكان استشهادها، قال إنه رأى أشرقت بينما كانت تسير باتجاه عدد من المستوطنين، على حاجز حوّارة جنوب شرق نابلس، وفجأة دهسها رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة الأسبق "غرشون مسيكا" بمركبته، قبل أن يُطلق عليها جنود الاحتلال الذين كانوا متواجدين على الحاجز، الرصاص، وتركوها تنزف حتى ارتقت شهيدة.

طه قطناني، والد أشرقت، وفي أوّل كلماته بعد تلقّي نبأ استشهاد ابنته، قال : الحمد لله ، أشرقت قامت بما يجب القيام به.

وخلال حديثه لوسائل الإعلام، قال والد أشرقت "بالأمس حدّثتني عن وصيّتها، وسألتني عن أفضل السكاكين بالمنزل، وما إن كانت تستطيع تنفيذ عملية على حاجز حوّارة، وكنت أحسبها تتحدّث كما أي فلسطينيّ عن الأحداث، و يبيت ووصيّته تحت رأسه، فقد يخرج ولا يعود"

وبحروف بالكاد تمكّن من إخراجها أمام كاميرا تلفزيونيّة سجلت حديثه، قال قطناني: لقد أوصتني بأن أتبرّع بأعضائها في حال استشهدت، وأن لا أقبل أي مساومة أو ابتزاز من قبل الاحتلال على جثمانها.

والد أشرقت تمنّى لو أن ابنته وُفّقت في هدفها التي خرجت من أجله، فقال: ابنتي لم تذهب في نُزهة، وإنّما ذهبت لطعن جنود، وليتها نجحت، وأضاف "لن يدفعني الخوف على نفسي أو بيتي لأن أخفي وصية ورسالة وبطولة الشهيدة".

قوةٌ لا ولن تفهمها "إسرائيل" يوماً، كان يتحدّث بها والد الشهيدة، يختار الكلمات، ويُرتّبها لإيصال رسالةٍ للعالم أجمع، بأن هذا المحتل لا يّدرك المعادلة، فهو أضعف من الضعف ذاته، "هو يخشى حتى من ألمنا"، و ذكر أنّ مخابرات الاحتلال أوصته بألّا يُثير العواطف أو المشاعر أو التحريض للناس بسبب استشهاد ابنته، رعباً من أن يُقدم أحدهم على تنفيذ عمليةٍ أخرى.

وتابع: أقول لدولة الاحتلال ومخابراتها، أنا لم أستطع منع ابنتي من أن تستشهد، ولذلك لا أملك ولا أستطيع منع أي فلسطيني من الاستشهاد على طريق استرجاع الحق المسلوب.

وعن أشرقت، يقول الأب: ابنتي كانت تعيش حياةً مرفّهة.. كنت لا أطلب منها شيئاً إلا وأشرت لها بمسح لحيتي، فأقول لها "حبيبتي مشاني يا بابا".. لقد كانت تفعل ما تريد.

ويُضيف: الاحتلال واهم، ويُحاول إقناع نفسه والغير بأن الفلسطينيين يُقدمون على الاستشهاد بسبب أزمة أو خلل ما بدواخلهم.

الحقيقة، هي أنّ اللحظة التي يُقرّر بها الفلسطينيّ إنهاء حياته، بالتوجّه لطعن أو دهس "إسرائيليّ"، هي لحظةُ قوة لا متناهية، وقرارٌ شجاع بوهب الروح لِقاء حفنةٍ من الكرامة التي خنقتها دولة الاحتلال بدايةً من تفجير أبواب الفلسطينيين كل ليلةٍ وتدنيس حُرمَاتها، وصولاً إلى مشاريع التهويد والاستيطان الكُبرى، وهي انتهاكات أوقدت ناراً فلسطينية اسمها "انتفاضة"، لن تفلح بإطفائها الجهات التي تحوّل السمّ لمساومة.

وعن أهالي هؤلاء الشُجعان، م بذات القدر من الشجاعة والقوة، يعتصرون ألماً بكل تأكيد، لكنّهم ينقلون لنا وصايا أبنائهم الشهداء، لنجدّهم يضخّون أنهاراً من العنفوان والثورة في نفوسنا، لنترحّم على الشهيد، ونمضِي على دربه، مُجدّداً، أقوياء.

جديرٌ بالذكر أنّه، وبالتزامن مع كتابة هاتين العبارتيْن، أطلق جنود الاحتلال النار على فتاتيْن "15-16" عاماً، ب القدس المحتلة، وتأكّد نبأ استشهاد إحداهما، ليُثبت الفلسطينيون أنّهم شعبٌ عصيّ على الانكسار، قويٌ ، ماضٍ على درب أبطاله الشهداء، ومُنتصر لا محالة.