Menu

الأمن القومي العربي في حماية أنظمة الاستبداد

محمّد جبر الريفي

الأمن القومي العربي أصبح منذ تداول هذا المصطلح في السياسة العربية، المقصود به حماية الأنظمة السياسية العربية التي في غالبيتها، أنظمة استبدادية قمعية، حمايتها من حركات التحرر وثورات الشعوب، وليس حماية الحدود العربية، من العدو الخارجي، وبذلك لا نجد أي حرص من هذه الأنظمة، يقوم به الأمن القومي في حماية مواطنيها، من أصحاب العقول والمهارات العلمية، وكذلك وهذا الأهم حماية أعضاء الأحزاب السياسية وحركات التحرر وعموم فصائل المقاومة الفلسطينية والعربية، من الذين لهم مواقع قيادية في بلدانهم أو يقيمون في المدن وغيرها من العواصم العربية.

في بيروت العاصمة اللبنانية، قام الموساد الإسرائيلي قام باغتيال الكاتب غسان كنفاني عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وباغتيال القادة الفلسطينيين الثلاثة: كمال عدوان وكمال ناصر ومحمد يوسف النجار، ولم نلاحظ أي فاعلية للأمن القومي في لبنان أو لأجهزة الدولة الأمنية اللبنانية التي مهمتها فقط تقتصر على ملاحقة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وحصر أنفاسهم، عبر إدراج ما يسمى بالمكتب الثاني التابع لجهاز مخابرات الدولة.

في العاصمة التونسية، قام الموساد الإسرائيلي باغتيال القائد خليل الوزير (أبو جهاد)، في مثل هذا الشهر في عملية استخبارية نوعية، وذلك بهدف إضعاف فاعلية انتفاضة الحجارة التي أوجعت الكيان الصهيوني، ولم يحدث أن كان للأجهزة الأمنية التونسية أي قدرة على منع حدوث هذه العملية التي حدثت في أرقى أحياء تونس العاصمة. في عمليات الاغتيال في تونس، تم اغتيال أيضًا القائدين صلاح خلف (أبو إياد) الرجل الثاني في حركة فتح وهايل عبد الحميد أبو الهول على يد بعض العملاء، دون قدرة الوصول لمن أعطى أوامر الاغتيال أو مقاضاتهم. كما استطاع جهاز الموساد الإسرائيلي القيام باغتيال محمود المبحوح القيادي في حركة حماس ، في أحد فنادق دبي في دولة الإمارات. والسؤال: أين أجهزة الأمن القومي من هذه الاختراقات للموساد؟

هكذا، فإن الأمن القومي في الدول العربية يتأكد بأن مهمته حصر أنفاس المواطنين العرب، من أعضاء الأحزاب السياسية وحركات التحرر، وممارسة القمع والاستبداد الداخلي، حتى تبقى هذه الأنظمة القمعية بمنأى عن التغيير الديمقراطي المطلوب .