Menu

في الذكرى ال (77) للانتصار على النازية: روسيا تخوض حرباً لتدمير النازية الأوكرانية الجديدة ولإنهاء الهيمنة الأمريكية على العالم

عليان عليان

تحيي جمهورية روسيا الاتحادية  والقوى التقدمية في العالم في هذا اليوم "التاسع من أيار (مايو) الذكرى السابعة والسبعين للانتصار على ألمانيا النازية، وفي هذه الذكرى يستعرض أحرار العالم  الحرب الوطنية العظمى والدور المركزي  للجيش الأحمر  وشعوب الاتحاد السوفياتي بكافة مكوناتها، من عمال وكولخوزيين وطلبة ومثقفين في صنع النصر التاريخي ضد القوات النازية لوحدها –نعم لوحدها -على مدى  ثلاث سنوات قدم خلالها الاتحاد السوفياتي  26 مليون شهيد بدون دعم حقيقي من الحلفاء (بريطانيا وأمريكا) الذين لم يفتحوا جبهة ثانية للحرب  ضد الجيوش النازية إلا بعد ثلاث سنوات من بدء الحرب عبر إنزال النورماندي الأنجلو أميركي في السادس من حزيران 1944.

لقد  صمد الاتحاد السوفياتي وفي القلب منه روسيا أمام الهجوم النازي، وفي الذاكرة التي لا تمحي ملاحم الصمود والانتصار في موسكو وستالينجراد  وبقية المدن والبلدات الروسية والسوفياتية، رغم الفارق الهائل في موازين القوى على الصعيد العسكري، ومن ثم انتقال القوات السوفياتية من الدفاع إلى الهجوم الاستراتيجي عام 1945 بقيادة المارشال "غيورغي جوكوف"، وتقدمها على طول الجبهة الشرقية، وتحريرها بولونيا وهننغاريا ودخول العاصمة النمساوية فيينا ومطاردتها القوات النازية حتى برلين، التي استسلمت حاميتها في الثاني من أيار (مايو) 1945.

ولا بد من التذكير هنا أن روسيا هي التي حسمت الحرب ضد النازية وليس بريطانيا وأمريكا، وأن ممثلي القيادة الألمانية وقعوا على وثيقة الاستسلام  دون قيد أو شرط للجيش الأحمر في الثامن من أيار (مايو) 1945، بعد أن تم رفع  راية النصر السوفياتية فوق الرايخستاغ، ومن ثم انتهت الحرب العالمية الثانية بانتصار الجيش الأحمر وانتصار شعوب الاتحاد السوفياتي.

لقد أقر رئيس وزراء بريطانيا آنذاك "ونستون تشرشل" في رسالة التهنئة إلى الجيش الأحمر في 23 شباط (فبراير) 1945 في ذكرى تأسيسه السابع والعشرين، "بأن الجيش الأحمر هو الذي حسم بشكل رئيسي الحرب ضد الجيش النازي، وهو الذي قرر مصير العسكرية الألمانية، ودفع القيادة النازية للاستسلام بدون قيد أو شرط، وأن الأجيال المقبلة ستكون مدينةً لهذا الجيش مثلنا الذين عشنا لنكون شهودًا على هذه الانتصارات الرائعة".

واليوم روسيا بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين بوصفها – الوريث الشرعي  والجيوسياسي للاتحاد السوفياتي - رغم اختلاف الأيديولوجيا - تضطلع بذات الدور في مواجهة النازيين الجدد في أوكرانيا وفي مواجهة هيمنة الولايات المتحدة على العالم ومقدراته، التي لا تقيم وزناً لميثاق الأمم المتحدة ولا للشرعية الدولية، وتشن حروبا دموية بلا هوادة في مختلف دول العالم الثالث في العراق وسورية وأفغانستان وغيرها من دول العالم، وتنظم الانقلابات الفاشية ضد الأنظمة الوطنية في أمريكا اللاتينية.

نعم أخذت القيادة الروسية زمام المبادرة لإنهاء القطبية الأمريكية الواحدة،  التي تعززت إثر انهيار الاتحاد السوفياتي وتبجح فوكوياما "بنهاية التاريخ"، وبادرت في عهد بوتين إلى تشكيل منظومة "البريكس" كمحطة لإنهاء الهيمنة الأمريكية، وإلى تفعيل فضائها الأوراسي، وتطوير علاقاتها الاستراتيجية مع الصين على غير صعيد، ثم  توقفت أمام تمدد حلف الناتو على حدودها في أوروبا الشرقية وفي بحر البلطيق، وأمام خطة الامبريالية الأمريكية لضم أوكرانيا إلى حلف الناتو  ناقضة وعودها السابقة بعدم  التمدد في دول أوروبا الشرقية وفي دول الاتحاد السوفياتي سابقاً. فكان أن بادر الرئيس بوتين بطرح عدة بنود للحوار مع الولايات المتحدة وحلف الناتو عنوانها الرئيسي: عدم ضم أوكرانيا لحلف الناتو وأمن واحد لعموم الدول الأوروبية معلناً بوضوح أن ضم أوكرانيا للناتو يجعل حلف الأطلسي على عتبة موسكو وأن روسيا لن تسمح بذلك على الاطلاق، لكن الإدارة الأمريكية وقيادة حلف الناتو رفضت عملياً الاستجابة للمطالب الروسية العادلة، ما دفع روسيا لشن هجوما  استباقي في أوكرانيا وفق أهداف معلنة ومحددة وهي: حماية أمنها القومي وحماية مواطنيها في إقليم الدونباس من هجمات النازيين الجدد وتحطيم النازية الجديدة في أوكرانيا، ونزع سلاحها وضمان حيادها وعودة قوات حلف الناتو إلى ما قبل عام 1997، وإنهاء الهيمنة الأمريكية والقطبية الواحد لصالح نظام دولي متعدد الأقطاب، ذلك الهدف المركزي الذي جرى الاتفاق عليه في الاتفاق الروسي الصيني في الرابع من فبراير (شباط) الماضي.

لقد بات العالم يشهد فرزاً سياسياً حاداً، وبتنا نشهد أوروبا تصعد العقوبات بشكل غير مسبوق على روسيا، نزولاً عند إملاءات واشنطن، تلك العقوبات التي أصابت أوروبا نفسها في مقتل، في حين اصطفت العديد من الدول الوازنة ضمنياً إلى جانب روسيا مثل الصين والهند وجنوب أفريقيا، ورفضت نهج العقوبات، في حين تمردت بعض الدول المرتبطة تاريخيا بالولايات المتحدة، على الإملاءات الأمريكية بشأن معاقبة روسيا، كما بلورت معظم القوى التقدمية العربية موقفاً مسانداً لروسيا لأسباب وعوامل يمكن أن نجملها بما يلي:

أولاً: أن روسيا اضطلعت تاريخياً بدعم قضايانا العربية وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية، وقدمت الدعم العسكري والسياسي الهائل لتحرير الأراضي العربية التي جرى احتلالها عام 1967، ولاحقاً لعبت دوراً مركزياً  في دعم وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها على  الصعيدين العسكري والسياسي  في مواجهة الحرب الامبريالية الكونية الرجعية التي شنت عليها، خاصةً بعد تدخلها العسكري في سوريا عام 2015 بناء على طلب من القيادة السورية.

ثانياً: القناعة الراسخة التي تشكلت لدى الغالبية العظمى من جماهير أمتنا أن العملية العسكرية الروسية الخاصة عملية شرعية في إطار الدفاع عن الأمن القومي الروسي في مواجهة خطط الإمبريالية الأمريكية لإضعاف روسيا وتقسيمها.

ثالثاً: لأن روسيا لم تمارس أي دور إمبريالي في العالم الثالث، وأقامت العلاقات مع دول هذا العالم على قاعدة احترام سيادتها واستقلالها وعلى قاعدة المصالح المشتركة، وقدمت أنموذجاً في الالتزام بميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية.

رابعاً: كما أن تحقيق النظام العالمي الجديد متعدد الأقطاب، يتيح لحركات التحرر والقوى التقدمية في العالم، أن تبني تحالفاتها الموضوعية وأن تصمد وتنتصر على المؤامرات الأمريكية والأطلسية.

أخيراً: يسجل للدبلوماسية الروسية أنها أماطت اللثام لأول مرة عن علاقة اليهودية والحركة الصهيونية بالنازية وعن أصول هتلر اليهودية، وعن حقيقة أن معظم اليهود معادون للسامية، وأن يهودية زيلنسكي لم تمنعه من قبول النازيين الجدد في السلطة وفي الجيش، وكذلك اتهامها (لإسرائيل) بدعم النازيين الجدد في أوكرانيا.