Menu

الكائنات الفضائية، إذا كانت موجودة، سيعتقدون أننا جميعًا مجانين تمامًا وسيكونون على حق

نعوم تشومسكي: في كل مرة نزيد فيها ميزانيتنا العسكرية، نهاجم أنفسنا

بوابة الهدف - ترجمة أحمد مصطفى جابر*

في مقابلة جديدة، أجراها ديفيد بارساميان يناقش نعوم تشومسكي نفاق الإمبراطورية الأمريكية ولماذا إذا أرادت الولايات المتحدة حقًا بناء مجتمع لائق، عليها تخفيض الميزانية العسكرية الضخمة على الفور.

يطرح تشومسكي في المقابلة أيضا أفكاره حول الحرب الأوكرانية ومقدماتها منذ الحرب الباردة وسلوك الولايات المتحدة العسكري العدواني ضد روسيا وعجز هذه الأخيرة عن السلوك دبلوماسيا، وكيف ألقت السياسة الروسية بأوربا في حضن العسكريتارية الأمريكية وتطرف الناتو.

بارساميان: دعونا نتجه إلى الكابوس الأكثر وضوحا في هذه اللحظة، الحرب في أوكرانيا وآثارها على مستوى العالم. ولكن أولا، كخلفية صغيرة، لنبدأ بتأكيد الرئيس جورج بوش (الأب) للزعيم السوفييتي آنذاك ميخائيل جورباتشوف أن الناتو لن يتحرك "بوصة واحدة إلى الشرق" - وقد تم التحقق من هذا التعهد. وسؤالي لكم هو: لماذا لم يكتب غورباتشوف ذلك في وثيقة؟

نعوم تشومسكي: لقد قبل غورباتشوف عقد "اتفاق رجل نبيل"، وهو أمر شائع في الدبلوماسية. عبر مصافحة اليد، علاوة على ذلك، فإن وضعها على الورق لن يحدث أي فرق على الإطلاق. فالمعاهدات الموجودة على الورق يتم تمزيقها طوال الوقت. وما يهم هو حسن النية، وفي الحقيقة، فإن بوش الأب، بوش الأول، احترم الاتفاقية صراحة. حتى أنه تحرك نحو إقامة شراكة في السلام، والتي من شأنها استيعاب بلدان أوراسيا. بحيث لن يتم حل الناتو (على غرار حلف وارسو) بل سيتم تهميشه، ويمكن لدول مثل طاجيكستان، على سبيل المثال، الانضمام دون أن تكون رسميًا جزءًا من الناتو. ووافق جورباتشوف على ذلك. كان يمكن أن تكون خطوة نحو إنشاء ما أسماه وطنًا أوروبيًا مشتركًا بدون تحالفات عسكرية.

كما التزم بها بيل كلينتون في أول عامين له، وما يقوله المختصون هو أنه بحلول عام 1994، بدأ كلينتون، على حد تعبيرهم، يتلعثم، عبر لغو مزدوجة، كان يقول للروس: نعم، سوف نلتزم بالاتفاقية، ويقول للجالية البولندية في الولايات المتحدة والأقليات العرقية الأخرى: لا تقلقوا، سنقوم بدمجكم في الناتو. وبحلول عام 1996-1997، قال كلينتون ذلك بوضوح لصديقه الرئيس الروسي بوريس يلتسين، الذي ساعده في الفوز بانتخابات عام 1996. أخبر يلتسين: لا تضغط بشدة على أعمال الناتو هذه، سنقوم بالتوسع، لأنني في حاجة إليه بسبب التصويت العرقي في الولايات المتحدة.

في عام 1997، دعا كلينتون ما يسمى دول فيسغراد - المجر وتشيكوسلوفاكيا ورومانيا - للانضمام إلى الناتو. ولم يعجب الروس بذلك لكنهم لم يحدثوا ضجة كبيرة، ثم انضمت دول البلطيق، مرة أخرى نفس الشيء. في عام 2008، دعا بوش الثاني، الذي كان مختلفًا تمامًا عن الأول، جورجيا وأوكرانيا إلى الناتو. لقد فهم كل دبلوماسي أمريكي جيدًا أن جورجيا وأوكرانيا كانتا خطوطا حمراء لروسيا. وسوف يتسامحون مع التوسع في مكان آخر، لكن هؤلاء في قلب منطقتهم الجيوستراتيجية، ولن يتحملوا التوسع هناك. ولمواصلة الخطة، اندلعت انتفاضة الميدان في عام 2014، وطردت الرئيس الموالي لروسيا، وتحركت أوكرانيا نحو الغرب.

منذ عام 2014، بدأت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في ضخ الأسلحة في أوكرانيا - أسلحة متطورة، وتدريبات عسكرية مشتركة، وتحركات لدمج أوكرانيا في القيادة العسكرية لحلف شمال الأطلسي، ليس هناك سر في هذا. وفي الآونة الأخيرة، تفاخر الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، بذلك وقال: هذا ما كنا نفعله منذ 2014. حسنًا، بالطبع، هذا بوعي شديد، استفزازي للغاية. كانوا يعلمون أنهم كانوا يتعدون على ما اعتبره كل زعيم روسي خطوة لا تطاق.

استخدمت فرنسا وألمانيا حق النقض ضده في عام 2008، لكن تحت ضغط الولايات المتحدة، ظل على جدول الأعمال. وتحرك حلف الناتو، أي الولايات المتحدة، لتسريع الاندماج الفعلي لأوكرانيا في القيادة العسكرية لحلف الناتو.

في عام 2019، تم انتخاب فولوديمير زيلينسكي بأغلبية ساحقة - أعتقد حوالي 70 في المائة من الأصوات - على أساس برنامج سلام، وهي خطة لتنفيذ السلام مع شرق أوكرانيا وروسيا، ولحل المشكلة بدأ في المضي قدمًا في ذلك، وفي الواقع، حاول الذهاب إلى دونباس، المنطقة الشرقية ذات التوجه الروسي، لتنفيذ ما يسمى باتفاقية مينسك 2. كان هذا سيعني نوعًا من الفيدرالية لأوكرانيا بدرجة من الحكم الذاتي لدونباس، وهو ما أرادوه. شيء مثل سويسرا أو بلجيكا. وتم منعه من قبل الميليشيات اليمينية التي هددت بقتله إذا استمر في مجهوده.

حسنًا، إنه رجل شجاع (أي زيلنسكي)، كان بإمكانه المضي قدمًا إذا حصل على أي دعم من الولايات المتحدة، ولكن هذه رفضت، لا يوجد دعم، لا شيء، مما يعني أنه تُرك للتسكع حتى ييأس واضطر إلى التراجع. وكانت الولايات المتحدة عازمة على سياسة دمج أوكرانيا خطوة بخطوة في القيادة العسكرية لحلف الناتو. وتسارعت وتيرة ذلك أكثر عندما تم انتخاب الرئيس بايدن في سبتمبر 2021، يمكنك قراءته على موقع البيت الأبيض، حيث لم يتم الإبلاغ عن ذلك ولكن، بالطبع، عرفه الروس. وأعلن بايدن عن برنامج وبيان مشترك لتسريع عملية التدريب العسكري والمزيد من الأسلحة كجزء مما وصفته إدارته بـ "البرنامج المعزز" للإعداد لعضوية الناتو.

تسارعت العملية أكثر في نوفمبر، وكان هذا كله قبل الغزو، حيث وقع وزير الخارجية أنطوني بلينكن على ما يسمى بالميثاق، والذي أضفى الطابع الرسمي على هذا الترتيب ووسعه. واعترف متحدث باسم وزارة الخارجية أنه قبل الغزو، رفضت الولايات المتحدة مناقشة أي مخاوف أمنية روسية. كل هذا جزء من الخلفية.

في 24 فبراير، غزا فلاديمير بوتين، غزوًا إجراميًا، هذه الاستفزازات الخطيرة لا تقدم أي مبرر له، ولو كان بوتين رجل دولة، لكان ما سيفعله شيء مختلف تمامًا. كان سيعود إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويستوعب مقترحاته المبدئية، وينتقل لمحاولة الوصول إلى تسوية مع أوروبا، واتخاذ خطوات نحو وطن أوروبي مشترك.

لطالما عارضت الولايات المتحدة ذلك بالطبع. يعود هذا إلى تاريخ الحرب الباردة إلى مبادرات الرئيس الفرنسي ديغول لتأسيس أوروبا المستقلة. وفي عبارته "من المحيط الأطلسي إلى جبال الأورال"، دمج روسيا مع الغرب، وهو ما كان بمثابة تكيف طبيعي للغاية لأسباب تجارية، ومن الواضح أنه لأسباب أمنية أيضًا. لذلك، لو كان هناك أي رجال دولة داخل دائرة بوتين الضيقة، لكانوا قد استوعبوا مبادرات ماكرون وجربوا لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم، في الواقع، الاندماج مع أوروبا وتجنب الأزمة. وبدلاً من ذلك، اختار سياسة، كانت، من ناحية روسيا، حماقة تامة. إذ بصرف النظر عن إجرام الغزو، اختار السياسة التي دفعت أوروبا إلى عمق جيب الولايات المتحدة في الواقع.

إذًا، الإجرام والغباء من جانب الكرملين، استفزاز شديد من جانب الولايات المتحدة، هذه هي الخلفية التي أدت إلى ذلك: هل يمكننا محاولة إنهاء هذا الرعب؟ أم يجب أن نحاول إدامته؟ تلك هي الخيارات. وهناك طريقة واحدة فقط لإنهائه: الدبلوماسية الآن. الدبلوماسية، بحكم تعريفها، تعني قبول الطرفين لها. إنهم لا يحبون ذلك، لكنهم يقبلونه باعتباره الخيار الأقل سوءًا. سيقدم لبوتين نوعا من فتحة الهروب، هذا أحد الاحتمالات، والآخر هو جره إلى الخارج ومعرفة مقدار معاناة الجميع، وكم عدد الأوكرانيين الذين سيموتون، ومقدار معاناة روسيا، وكم عدد ملايين الأشخاص الذين سيموتون جوعاً في آسيا وإفريقيا، وكم سنتكلف بيئيا لدرجة أنه لن تكون هناك إمكانية لوجود بيئة إنسانية صالحة للعيش، هذه هي الخيارات. حسنًا، مع إجماع يقارب 100٪، تريد الولايات المتحدة ومعظم أوروبا اختيار خيار عدم الدبلوماسية، إنه نهج صريح: علينا أن نستمر في إيذاء روسيا.

يمكنك قراءة الأعمدة في New York Time، و London Financial Times، في جميع أنحاء أوروبا، هناك مقولة شائعة: علينا أن نتأكد من أن روسيا تعاني، لا يهم ما يحدث لأوكرانيا أو لأي شخص آخر. بالطبع، تفترض هذه المقامرة أنه إذا تم دفع بوتين إلى أقصى الحدود، دون مفر، وأجبر على الاعتراف بالهزيمة، فسوف يقبل ذلك ولن يستخدم الأسلحة التي لديه لتدمير أوكرانيا. هناك الكثير من الأشياء التي لم تفعلها روسيا، ويفاجأ المحللون الغربيون بالأحرى، وبالتحديد، أن الروس لم يهاجموا خطوط الإمداد من بولندا التي تصب الأسلحة في أوكرانيا. بالتأكيد يمكنهم فعل ذلك، وهذا من شأنه أن يضعهم قريبًا في مواجهة مباشرة مع الناتو، أي الولايات المتحدة: أين يذهب من هناك، يمكنك أن تخمن. يعرف أي شخص سبق له أن شاهد الألعاب الحربية إلى أين ستذهب - صعود السلم نحو حرب نووية نهائية.

إذن، هذه هي الألعاب التي نلعبها مع حياة الأوكرانيين والآسيويين والأفارقة، مستقبل الحضارة، من أجل إضعاف روسيا، للتأكد من أنهم يعانون بما يكفي. حسنًا، إذا كنت تريد أن تلعب هذه اللعبة، فكن صريحًا بشأنها. ليس هناك أساس أخلاقي لذلك، في الواقع، إنه أمر مروع من الناحية الأخلاقية، والأشخاص الذين يقفون على حافة عالية متباهين بالتمسك بالمبدأ هم حمقى أخلاقيون عندما تفكر في ما ينطوي عليه الأمر.

ديفيد بارساميان: في وسائل الإعلام، وبين الطبقة السياسية في الولايات المتحدة، وربما في أوروبا، هناك الكثير من الغضب الأخلاقي بشأن الهمجية الروسية وجرائم الحرب والفظائع. لا شك في أنها تحدث كما يحدث في كل حرب. ألا تجد أن هذا الغضب الأخلاقي انتقائي بعض الشيء؟

نعوم تشومسكي: إن الغضب الأخلاقي قائم تماما، يجب أن يكون هناك غضب أخلاقي، لكنك تذهب إلى الجنوب العالمي، فهم لا يصدقون ما يرونه، إنهم يدينون الحرب بالطبع، إنها جريمة عدوان مؤسفة، ثم ينظرون إلى الغرب ويقولون: ما الذي تتحدثون عنه يا رفاق؟ هذا ما تفعلونه بنا طوال الوقت.

إنه من المدهش أن نرى الاختلاف في التعليقات، لذا، تقرأ النيويورك تايمز ومفكرها الكبير توماس فريدمان، لقد كتب قبل أسبوعين عمودًا يائسا وقال: وماذا نصنع؟ كيف نعيش في عالم به مجرم حرب؟ لم نشهد هذا من قبل منذ أدولف هتلر. هناك مجرم حرب في روسيا. نحن في حيرة فيما يتعلق بكيفية التصرف. لم نتخيل أبدًا فكرة أنه يمكن أن يكون هناك مجرم حرب في أي مكان. عندما يسمع الناس في جنوب الكرة الأرضية هذا، فإنهم لا يعرفون ما إذا كان عليهم الضحك أو السخرية. لدينا مجرمو حرب يسيرون في جميع أنحاء واشنطن، في الواقع، نحن نعرف كيف نتعامل مع مجرمي الحرب لدينا. في الواقع، حدث ذلك في الذكرى العشرين لغزو أفغانستان. تذكر أن هذا كان غزوًا غير مبرر تمامًا وعارضه بشدة الرأي العام العالمي، كانت هناك مقابلة مع الجاني، جورج دبليو بوش، الذي ذهب بعد ذلك لغزو العراق، أحد مجرمي الحرب الرئيسيين، في قسم المجتمع في الواشنطن بوست - مقابلة مع، كما وصفوه، هذا الجد الأبله المحبوب الذي كان يلعب مع أحفاده، ويلقي النكات، ويتباهى بالصور التي رسمها لأشخاص مشهورين التقى بهم، مجرد بيئة جميلة وودودة. لذا فنحن نعرف كيف نتعامل مع مجرمي الحرب، وتوماس فريدمان مخطئ، نحن نتعامل معهم بشكل جيد جدا.

أو خذ على الأرجح مجرم الحرب الرئيسي في العصر الحديث، هنري كيسنجر. نحن نتعامل معه ليس فقط بأدب ولكن بإعجاب كبير، هذا هو الرجل الذي نقل الأمر إلى سلاح الجو، قائلاً إنه يجب أن يكون هناك قصف مكثف لكمبوديا - "أي شيء يطير على أي شيء يتحرك" كانت عبارته، لا أعرف مثالًا مشابهًا في السجل الأرشيفي للدعوة إلى الإبادة الجماعية، ونُفذ بقصف مكثف للغاية لكمبوديا. لا نعرف الكثير عنها لأننا لا نحقق في جرائمنا، لكن تيلور أوين وبن كيرنان، المؤرخان الجادان في كمبوديا، وصفا ذلك، ثم هناك دورنا في الإطاحة بحكومة سلفادور أليندي في تشيلي وإقامة دكتاتورية شريرة هناك، مرارًا وتكرارًا. لذلك، نحن نعرف كيف نتعامل مع مجرمي الحرب لدينا.

ومع ذلك، لا يستطيع توماس فريدمان تخيل وجود أي شيء مثل أوكرانيا، ولم يكن هناك أي تعليق على ما كتبه، مما يعني أنه كان يعتبر معقولًا تمامًا. لا يمكنك استخدام كلمة انتقائية، إنه أمر مذهل. لذا، نعم، الغضب الأخلاقي في مكانه تمامًا. من الجيد أن يبدأ الأمريكيون أخيرًا في إظهار بعض الغضب تجاه جرائم الحرب الكبرى [حتى لو كانت] التي ارتكبها شخص آخر.

ديفيد بارساميان: لدي لغز صغير لك، إنه من جزأين. [من ناحية يقال] إن الجيش الروسي غير كفء، ومعنويات جنوده متدنية للغاية ويقادون بشكل سيئ. ويصنف اقتصادها مع اقتصاد إيطاليا وإسبانيا، هذا جزء أول. الجزء الآخر هو [القول أن ] روسيا عملاق عسكري يهدد بسحقنا. لذا، نحن بحاجة إلى المزيد من الأسلحة، دعونا نوسع الناتو. كيف توفق بين هاتين الفكرتين المتناقضتين؟

نعوم تشومسكي: هاتان الفكرتان قياسيتان في الغرب بأسره. لقد أجريت للتو مقابلة مطولة في السويد حول خططهم للانضمام إلى الناتو، أشرت إلى أن القادة السويديين لديهم فكرتان متناقضتان، وهما الفكرتان اللتان ذكرتهما. الأولى الشماتة من حقيقة أن روسيا أثبتت أنها نمر من ورق لا يمكنه غزو المدن على بعد ميلين من حدودها التي يدافع عنها جيش معظمه من المواطنين المتطوعين [ليسوا جنودا]، لذا فهم غير أكفاء عسكريا تماما. الفكرة الأخرى هي: إنهم مستعدون لغزو الغرب وتدميرنا.

جورج أورويل أعطى اسما لهذا التناقض، أطلق عليه اسم التفكير المزدوج، أي القدرة على امتلاك فكرتين متناقضتين في ذهنك وتؤمن بهما. اعتقد أورويل خطأً أن هذا شيء لا يمكنك الحصول عليه إلا في الحالة الاستبدادية المتطرفة التي كان يسخر منها في عام 1984. لقد كان مخطئًا، يمكنك الحصول عليها في المجتمعات الديمقراطية الحرة، نحن نرى مثالًا مثيرًا لذلك الآن. بالمناسبة، هذه ليست المرة الأولى.

مثل هذا التفكير المزدوج هو على سبيل المثال، سمة من سمات تفكير الحرب الباردة. تعود إلى وثيقة الحرب الباردة الرئيسية في تلك السنوات، مجلس الأمن القومي -68 في عام 1950. انظر إليها بعناية، وقد أظهرت أن أوروبا وحدها، بصرف النظر عن الولايات المتحدة، كانت على قدم المساواة عسكريًا مع روسيا، لكن بالطبع، ما يزال يتعين علينا برنامج إعادة تسليح ضخم لمواجهة تصميم الكرملين لغزو العالم، هذه وثيقة واحدة وكانت مقاربة واعية، قال دين أتشيسون، أحد المؤلفين، في وقت لاحق أنه من الضروري أن نكون "أوضح من الحقيقة"، على حد تعبيره، من أجل هزيمة العقل الشعبوي للحكومة. نريد تجاوز هذه الميزانية العسكرية الضخمة، لذلك علينا أن نكون "أوضح من الحقيقة" من خلال اختلاق دولة عبودية على وشك غزو العالم. مثل هذا التفكير يمر خلال الحرب الباردة. ويمكنني أن أعطيك العديد من الأمثلة الأخرى، لكننا نراها مرة أخرى الآن بشكل مثير للغاية، والطريقة التي تضعها بها صحيحة تمامًا: هاتان الفكرتان تلتهمان الغرب.

ديفيد بارساميان: ومن المثير للاهتمام أيضًا أن الدبلوماسي جورج كينان قد توقع خطر تحرك الناتو لحدوده شرقاً في مقال رأي كتبه بحذر شديد وظهر في نيويورك تايمز في عام 1997.

نعوم تشومسكي: كان كينان أيضًا معارضًا لـ NSC-68 في الواقع، كان [كينان] مديرًا لموظفي تخطيط السياسات في وزارة الخارجية. وتم طرده وحل محله بول نيتز، كان يُعتبر ضعيفًا جدًا لمثل هذا العالم القاسي، لقد كان صقرًا، مناهضًا للشيوعية جذريًا، وحشيًا جدًا فيما يتعلق بالمواقف الأمريكية، لكنه أدرك أن المواجهة العسكرية مع روسيا لا معنى لها.

كان يعتقد أن روسيا ستنهار في نهاية المطاف من التناقضات الداخلية، والتي تبين أنها فكرة صحيحة، لكنه كان يعتبر حمامة دائما. في عام 1952، كان يؤيد توحيد ألمانيا خارج حلف الناتو العسكري، كان هذا في الواقع اقتراح الحاكم السوفييتي جوزيف ستالين أيضًا. وكان كينان سفيرا لدى الاتحاد السوفييتي ومتخصصا في شؤون روسيا.

مبادرة ستالين، وتاليا اقتراح كينان، أيدها بعض الأوروبيين، وكانت ستنهي الحرب الباردة، وكان سيعني ذلك ألمانيا محايدة وغير مسلحة وليست جزءًا من أي كتلة عسكرية، تم تجاهلها بالكامل تقريبًا في واشنطن.

كان هناك متخصص في السياسة الخارجية، وهو جيمس واربورغ، الذي كتب كتابًا عن المبادرة، كتاب يستحق القراءة: ألمانيا: مفتاح السلام. في ذلك، حث على أخذ هذه الفكرة على محمل الجد، تم التجاهل والسخرية. لقد ذكرت ذلك عدة مرات وسُخِر مني بصفتي مجنونًا أيضًا. كيف تصدق ستالين؟ حسنًا، تم إصدار الأرشيف، تبين أنه كان جادا على ما يبدو، تقرأ الآن مؤرخي الحرب الباردة البارزين، أشخاص مثل ملفين ليفلر، وهم يدركون أن هناك فرصة حقيقية لتسوية سلمية في ذلك الوقت، والتي تم رفضها لصالح العسكرة، للتوسع الهائل في الميزانية العسكرية.

الآن، دعنا ننتقل إلى إدارة جون ف. كينيدي، عندما تولى كينيدي منصبه، قدم نيكيتا خروتشوف، الذي كان يقود روسيا في ذلك الوقت، عرضًا مهمًا للغاية لإجراء تخفيضات متبادلة واسعة النطاق في الأسلحة العسكرية الهجومية، مما يعني تخفيفًا حادًا للتوترات. كانت الولايات المتحدة متقدمة عسكريًا في ذلك الوقت، حيث أراد خروتشوف التحرك نحو التنمية الاقتصادية في روسيا وفهم أن هذا مستحيل في سياق المواجهة العسكرية مع خصم أكثر ثراءً. لذلك، قدم هذا العرض لأول مرة إلى الرئيس دوايت أيزنهاور، الذي لم يعر أي اهتمام، ثم عُرض على كينيدي، واستجابت إدارته بأكبر حشد للقوة العسكرية في وقت السلم في التاريخ - على الرغم من أنهم كانوا يعلمون أن الولايات المتحدة كانت بالفعل متقدمة جدًا.

ابتكرت الولايات المتحدة "فجوة صاروخية"، كانت روسيا على وشك إغراقنا بميزتها في الصواريخ، حسنًا، عندما تم الكشف عن فجوة الصواريخ، اتضح أنها لصالح الولايات المتحدة، ربما كان لدى روسيا أربعة صواريخ مكشوفة في قاعدة جوية في مكان ما.

يمكنك الاستمرار على هذا المنوال. إن أمن السكان ببساطة ليس مصدر قلق لواضعي السياسات، الأمن للمتميزين، الأغنياء، قطاع الشركات، مصنعي الأسلحة، نعم، لكن ليس لبقيتنا. هذا التفكير المزدوج ثابت، وأحيانًا واعٍ، وأحيانًا لا. إنه بالضبط ما وصفه أورويل، الشمولية، في مجتمع حر.

ديفيد بارساميان: في مقال فيTruthout، اقتبست من خطاب أيزنهاور "صليب الحديد" عام 1953. ما الذي وجدته مهمًا هناك؟

نعوم تشومسكي: يجب أن تقرأه، وسترى سبب كونه ممتعًا، إنه أفضل خطاب ألقاه على الإطلاق، كان هذا في عام 1953 عندما كان قد تولى منصبه للتو. في الأساس، ما أشار إليه هو أن العسكرة كانت هجومًا هائلاً على مجتمعنا، هو - أو من كتب الخطاب - صاغها ببلاغة: طائرة نفاثة واحدة تعني عدد أقل من المدارس والمستشفيات، في كل مرة نقوم ببناء ميزانيتنا العسكرية، نهاجم أنفسنا.

وأوضح ذلك بشيء من التفصيل داعياً إلى تقليص الميزانية العسكرية، كان لديه سجل فظيع للغاية، لكن في هذا الصدد كان محقًا في الهدف، وهذه الكلمات يجب أن تُحفظ في ذاكرة الجميع.

اقترح جو بايدن مؤخرًا ميزانية عسكرية ضخمة، وقام الكونجرس بتوسيعها حتى بما يتجاوز رغباته، وهو ما يمثل هجومًا كبيرًا على مجتمعنا، تمامًا كما أوضح أيزنهاور منذ سنوات عديدة.

العذر: الادعاء بأن علينا الدفاع عن أنفسنا من هذا النمر من ورق، فهو غير كفء عسكريًا، بحيث لا يمكنه التحرك بضعة أميال خارج حدوده دون الانهيار. لذا، بميزانية عسكرية هائلة، علينا أن نلحق الأذى بأنفسنا بشدة ونعرض العالم للخطر، ونهدر موارد هائلة ستكون ضرورية إذا أردنا التعامل مع الأزمات الوجودية الحادة التي نواجهها. في غضون ذلك، نقوم بصب أموال دافعي الضرائب في جيوب منتجي الوقود الأحفوري حتى يتمكنوا من الاستمرار في تدمير العالم بأسرع ما يمكن، هذا ما نشهده مع التوسع الهائل في إنتاج الوقود الأحفوري والنفقات العسكرية، هناك أناس سعداء بهذا.

اذهب إلى المكاتب التنفيذية لشركة Lockheed Martin، ExxonMobil، فهم نشيطون، إنها ثروة بالنسبة لهم، حتى أنهم حصلوا على الفضل في ذلك. حاليا، يتم الإشادة بهم لإنقاذهم الحضارة من خلال تدمير إمكانية الحياة على الأرض. ننسى الجنوب العالمي، إذا تخيلت بعض الكائنات الفضائية، إذا كانت موجودة، فإنهم يعتقدون أننا جميعًا مجانين تمامًا، وسيكونون على حق.

*المصدر: jacobin.com